حول الانسحاب الأمريكي من العراق
لصحيفة الواشنطن بوست، كتب كريم فهيم ومصطفى سليم وميسي ريان وأبيجيل هوسلوهدر، مقالاً حول علاقات بغداد بواشنطن في ظل تصاعد الهجمات والهجمات المضادة بين القوات الامريكية وفصائل عراقية مسلحة، أشاروا فيه إلى أن تلك الضربات أثارت غضب البيت الأبيض، الحليف الرئيسي للعراق والذي يعتقد بأنه قد سدد ضربات رادعة لخصومه مؤخراً.
مأزق وغضب
غير أن حكومة بغداد رأت بأن تلك الضربات قد وضعتها في مأزق وإنها تشكل تهديدًا للاستقرار الهش وازدراءً متعمدًا لواقع معقد، وهو ما دفع متحدثا باسمها إلى انتقاد الهجمات لأنها عرضت السلم الأهلي للخطر وإنتهكت السيادة وتجاهلت حياة المواطنين. وذكر المقال بان هناك في البلاد من يرى بأن واشنطن تريد إضعاف الفصائل المسلحة، التي لعبت دوراً مهماً في هزيمة داعش الإرهابي، ويمارس ضغطاً على الحكومة لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد، فيما تريد إدارة بايدن الحفاظ على الشراكة الأمنية مع بغداد واحتواء تداعيات الحرب في غزة عليها.
ونقل المقال عن مستشار لرئيس الحكومة للشؤون الخارجية، انتقاده لواشنطن التي تلوم إيران، ولكنها تنفذ هجماتها في العراق، معتبراً دفع بلاده إلى حافة الهاوية سياسة خاطئة، لأنها شريك استراتيجي لأمريكا وليست عدواً لها، على حد تعبير المستشار.
تقديرات مشكوك في صحتها
وأعرب كاتبو المقال عن اعتقادهم بوجود سبب آخر للخلاف الأمريكي العراقي، ففيما تعتبر واشنطن الفصائل المسلحة التي تواجهها حليفة لإيران، تعتبرها الحكومة العراقية جزءًا من قواتها المسلحة الرسمية. كما يعتقد بعض قيادييها، ومنهم قاسم مصلح في منطقة القائم، بأن هناك معلومات غير دقيقة من وكالة المخابرات المركزية تدفع البنتاجون للهجوم على قوات لم تهجم على القوات الامريكية كما هو الحال مع فصيله المسلح.
السيناتور كريس ميرفي بدا مختلفاً مع ذلك، حين اتهم حكومة بغداد بالرياء، لأنها تستخدم عمداً الفصائل المسلحة ضد قوات الولايات المتحدة سراً، وتنكر ذلك في العلن. ولكن محللين ومسؤولين عراقيين يعتقدون بأن فرصة الحكومة في التحكم بالإمر تبدو ضئيلة، نظرا لموقفها الضعيف وحاجتها للتركيز على توفير الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
وإختتمت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أنه، ورغم عدم تحديد إدارة بايدن لماهية النتائج التي تود رؤيتها من محادثات الإنسحاب من العراق، فإن من المرجح أن تضغط واشنطن من أجل استمرار الوجود العسكري بشكل ما، أو أن لا تبدو وكأنها تنسحب في لحظة ضعف.
علاقة ملتبسة
وحول نفس الموضوع نشرت صحيفة لوس انجلوس تايمز مقالاً للكاتب آبي سيويل، ذكر فيه بأن الضربة الأمريكية الأخيرة التي راح ضحيتها قائد من قادة الفصائل العراقية المسلحة، التي تعتبرها بغداد جزءا من قوات الأمن الرسمية، قد وضع الحكومة العراقية في موقف صعب، لاسيما وهي تريد تحقيق التوازن بين علاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الجماعات المسلحة ولا تريد صراعاً مباشراً مع القوات الأمريكية.
ولهذا فقد أدانت بغداد الهجمات على القوات الأمريكية في ذات الوقت الذي أدانت فيه الضربات الأمريكية على قوات من الحشد الشعبي، خاصة وأنها تعتبر هذه القوات ذراعاً لها يساهم في حماية الدولة، من أي إرباك داخلي أو خارجي.
واشار المقال إلى أن كلا الطرفين لا يريد في الواقع مواجهة شاملة، أو حربا مباشرة، ولهذا فمن المرجح أن تستمر الولايات المتحدة والعراق في العمل نحو خروج قوات التحالف والتحرك نحو إقامة علاقات ثنائية بين البلدين، فيما ستواصل الفصائل المسلحة ضغطها من أجل وضع جدول زمني سريع للإنهاء التدريجي لوجود التحالف، مع إدراك الجميع بأن الولايات المتحدة لن تغادر ومسدس مصوب إلى رأسها، بل عبر التفاوض.