اخر الاخبار

طغت في جلسات مجالس المحافظات الجديدة نوازع المحاصصة الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة، ما يشي بان الكتل السياسية المتنفذة لم تتعظ من التجارب السابقة ولم تستوعب دروسها، وها هي منغمرة في إخراج السيناريو ذاته، بعيدا عن مصالح الناس والملفات الخدمية التي ينتظرون من حكوماتهم المحلية الجديدة معالجتها، الامر الذييلقي المزيد من الشكوك بشأن قدرة هذه المجالس على اداء مهامها.

واختارت جميع المحافظات حكوماتها المحلية (رئيس المجلس ونائبيه، إضافة الى المحافظ ونائبيه)، عدا محافظتي كركوك وديالى، اللتين تشهدان انقساماً حاداً بين مكوناتها على المناصب الرئيسية، حتى ساعة إعداد هذا التقرير مساء أمس السبت.

وكعادتها في مثل هذه المواقف، أخذ الصراع على تقاسم المناصب والمغانم بين الكتل السياسية يشتد، وها هي كتل الاطار التنسيقي برغم القول بوحدة الصف، الا انها تتبادل الاتهامات بإقصاء بعضها لبعض. فيما يهدد محافظون منتخبون باللجوء الى الشارع في حال عدم اصدار مراسيمهم الجمهورية.

ويبدو ان الوضع أكثر خطورة في ديالى بعد تحذيرات نيابية من امتداد الصراع من داخل مجلس المحافظة الى الشارع، فيما تشكل الاصطفافات القومية في كركوك حجر عثرة امام تشكيل حكومتها المحلية، وتحقيق استقرار في الأوضاع العامة داخل المحافظة، التي تشهد وضعا امنيا قلقا، وذهبت كتل أخرى للطعن في جلسة اختيار المحافظ كما حدث في واسط.

إعادة بسط السيطرة والنفوذ

أستاذ الفكر السياسي في جامعة الكوفة الدكتور إياد العنبر، قال لـ»طريق الشعب»، انه «منذ بداية الانتخابات ثبت ان محاولات القوى السياسية تأتي في سياق بسط السيطرة والنفوذ في المحافظات بموازاة سيطرتها على بعض الوزارات، وذلك لتوسيع دائرة نفوذها، وليس تقديم خدمات.

وأضاف العنبر في حديثه لـ»طريق الشعب»، أنّ هناك شخصيات من قيادات سياسية موجودة في الصف الأول، تصدّت لشغل منصب المحافظ. وهذا يُعطي انطباعا بأن الغاية الأساسية للعمل في مجالس المحافظات هي الاستحواذ والسيطرة وليس العمل على أساس تقديم الخدمات للناس وغيرها من القضايا».

وتابع العنبر قائلا: انه «على هذا الأساس ستبقى المشكلة قائمة، ما لم يتم الاتفاق بين القوى الرئيسة الفاعلة داخل الاطار، وسط الحديث عن صفقات تحت الطاولة، وليس اتفاقا واضحا وصريحا»، وبالتالي فان هناك محاولة لعكس هذه الصراعات على اداء المحافظات التي حصل محافظوها على اعلى الاصوات.

واختتم العنبر حديثه بأن المؤشرات التي يمكن استخلاصها من صراعات جلسات اختيار المحافظين، تؤكد أن نمط التفكير بإدارة الدولة ومؤسساتها، ومجالس المحافظات ستبقى ضمن بنية نظام يعاني من عجز في الاهتمام بالأولويات وادارة مواضيع الخدمات».

المحاصصة والتوافق السياسي

وبشأن صلاحية رئاسة الجمهورية عدم إصدار المرسوم الجمهوري بتنصيب المحافظ، اكد الخبير القانوني واثق الزبار انه «من الباب القانوني والدستوري لا يجوز ذلك؛ فالنصوص اوضحت انه في حال انتخاب مجلس المحافظة لشخصية معينة يصبح من البديهي اصدار مرسوم جمهوري من قبل رئاسة الجمهورية، الا في حالات معينة».

وأوضح الزبار لـ»طريق الشعب» تلك الحالات بأنها كأن يكون محكوما بقضية او متعاونا مع الارهاب او يكون عليه قيد جنائي او دعاوى مخلة بالشرف، وفي حال كان مطلوبا للمساءلة والعدالة، وبعكس هذه الأسباب فان عدم اصدار المرسوم مخالفة قانونية.

تفسير النص القانوني

علي التميمي، المختص بالشأن القانوني، قال ان قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم، رقم 21 لسنة 2008 المادة 7 اشترط انتخاب المحافظ ونائبيه، خلال 30 يوماً من اول جلسة يعقدها مجلس المحافظة، وتكون بالأغلبية المطلقة لعدد الاعضاء، مضيفا ان «المادة 26 من نفس القانون تحدثت عن اصدار امر تعيين المحافظ بمرسوم جمهوري خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه، وعندها يباشر مهامه كمحافظ».

وحدد التميمي في سياق حديثه مع «طريق الشعب»، وجود مشكلة في هذا النص الوارد بالمادة 26، حول صدور المرسوم الجمهوري، اذ لا يمكن للمحافظ ان يباشر عمله الا بصدور المرسوم الجمهوري، متسائلا «ماذا لو لم يصدر المرسوم كما حصل سابقا في عام 2009 في محافظة صلاح الدين، عندما تم انتخاب المحافظ ولم يصدر المرسوم الا بعد ثمانية اشهر؟».

واكد أنّ «مشرّع القانون هنا وقع في خطأ، إذ كان من المفترض ان يباشر المحافظ عمله بعد 15 يوما في حال لم يصدر المرسوم، كونه منتخبا من المجلس بالأساس، وهذه مشكلة موجودة في القانون، فهنا المحافظ لا يستطيع ان يباشر عمله بعد صدور هذا المرسوم».