اخر الاخبار

العراق وحلبة الصراع

شغلت الإعتداءات التي شنتها القوات الامريكية وتبادل الهجمات بينها وبين فصائل مسلحة عراقية، أغلب الصحف العالمية، سواء عبر نقل الأخبار أو نشر تحليلات سياسية عنها. فقد نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الناطق بأسم القائد العام للقوات المسلحة دعوته لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد لأنه بات عاملا لعدم الاستقرار ومهدداً بإشراك العراق في دائرة الصراع، وذلك في معرض رده الغاضب على غارة أمريكية بطائرة بدون طيار على سيارة في بغداد أسفرت عن مقتل ثلاثة، واصفاً الأمر بعملية اغتيال سافرة في قلب حي سكني، دون أي اعتبار لحياة المدنيين أو القوانين الدولية.

مباحثات للانسحاب

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تجري بالفعل محادثات مع المسؤولين العراقيين حول استمرار وجود قواتها، لكن الهجوم في العاصمة بغداد، والذي تم تنفيذه دون أي تشاور مسبق، سيجعل تلك المحادثات أكثر صعوبة، وسيزيد من الدعوات لتحديد موعد للإنسحاب. وبعد أن تحدثت الصحيفة عن طبيعة نشاط المستهدفين في الإعتداء وعن سلسلة الهجمات والهجمات المضادة في العراق وسوريا في الأونة الأخيرة، نقلت عن البنتاغون تأكيده على مواصلة قواته تحميل المسؤولية لكل من يشكل خطراً على سلامتها، فيما هددت الفصائل المسلحة بالرد الحاسم على تلك القوات، في وقت ساد فيه الإعتقاد بأن العملية الأخيرة هي الأكثر وقاحة وانتهاكاً للسيادة العراقية منذ عملية المطار في كانون الثاني 2020 ايام حكم ترامب.

اتساع دائرة الحرب

واعربت الصحيفة عن شكوكها من قدرة الهجمات الأمريكية على إضعاف الفصائل المسلحة، وعن مخاوفها من توسع دائرة الصراع بسببها لتشمل استهداف مواقع أمريكية في الدول المجاورة كالكويت والأردن، إضافة إلى استهداف البعثات الدبلوماسية، ومنها سفارة واشنطن في بغداد. وخلصت الصحيفة إلى الاستنتاج بأن غياب الموقف الوطني الموحد من الوجود الأجنبي يزيد المشهد ارباكاً.

ساحة صراع

وفي صحيفة النيويورك تايمز نشرت اليسا روبين مقالاً عن ذات الأحداث، أشارت فيه إلى ان العراق بات ساحة لصراع اقليمي دولي، مما يربك اوضاعه ويسبب توتراً متواصلاً. وأضافت بان العراق قد تمّكن ولسنوات عديدة من تحقيق توازن بين واشنطن وخصومها في المنطقة، لاسيما حين اتفقت أهداف الجميع في القضاء على الإرهاب الداعشي. الاّ أن الحرب في قطاع غزة قد انهت الإستقرار النسبي، حيث تبادلت القوات الأمريكية وفصائل عراقية مسلحة، الهجمات إلى الحد الذي دفع بمكتب رئيس الحكومة إلى اصدار بياناً قال فيه بأن (أرضنا وسلطتنا السيادية ليست المكان المناسب للقوات المتنافسة لإرسال الرسائل وإظهار قوتها).

كل يغني على ليلاه

وذكرت روبين بأن المطالبة بطرد القوات الامريكية من العراق ليست جديدة، الاّ أن بغداد كانت لا تصغي إلى ذلك بسبب عدم وجود موقف موحد بين القوى العراقية حول الأمر، وهو ما كان ينعكس في الفرق الملحوظ بين ما قاله المسؤولون العراقيون عن الولايات المتحدة علنًا وما قالوه في السر، حسب المقال، الذي أعرب كاتبه عن اعتقاده بأن رئيس الحكومة الحالية متشدد، وسبق وإن أدان القتال على أراضي بلاده ووصف الهجوم الأمريكي في غرب العراق بالعدوان الصارخ، وهو موقف تعتقد الكاتبة بأنه شائك، خاصة في ظل ضغط المباحثات حول انسحاب القوات الأمريكية الموجودة منذ عام 2003. واستناداً إلى بعض المحللين، ذكرت الصحيفة بأن رئيس الحكومة قد بذل قصارى جهده للسيطرة على الوضع لكنه لم يفلح، فيما اشتد غضبه لأنه بات يدرك بأن بلاده اصبحت مجالًا مفتوحًا أمام الولايات المتحدة لتصفية الحسابات مع خصومها، مما قد يجعله في موقف ضعيف. 

ونقلت الكاتبة عن بعض المحللين تصورهم بأن سير المباحثات حول وجود القوات الأجنبية في العراق بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، بات مختلفاً كثيراً عما كان عليه قبل الحرب، وإن على الجانبين التعامل مع هذا الواقع الجديد، خاصة وإن التراجع عن أي تصعيد في الحرب الكلامية بين الجانبين، قد يصبح صعباً جداً لاحقاً.