عقد مجلس الامن الدولي، الثلاثاء الماضي، جلسة لمناقشة الوضع في العراق في ظل التطورات على الساحة المحلية والإقليمية، حيث دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى ضرورة وقف الهجمات التي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجه، مشيرة إلى أن هذه الهجمات من شأنها أن تفضي إلى تراجع استقرار العراق الذي تحقق بشق الأنفس.
وخلال الجلسة، استنكر العراق القصف الأمريكي والتركي والإيراني الذي طال الأراضي العراقية خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقدمت جنين هينيس - بلاسخارت إحاطة لمجلس الأمن، بشأن الوضع في العراق، جددت فيها التأكيد على ضرورة “كبح جماح الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة”.
كما أكدت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) على ضرورة توفير بيئة مواتية كي يواصل العراق مسيرته على طريق الاستقرار والتقدم، الأمر الذي قالت إنه يتطلب ضبطا للنفس من كافة الأطراف.
وقالت، إنّ من الأهمية بمكان أن تتوقف جميع الهجمات “إذ لا يزال العراق ـ بل والمنطقة بأسرها - على حافة الهاوية، حيث يهدد أقل سوء تقدير باندلاع مواجهة كبرى”.
ومع اشتعال الصراع في غزة، قالت إن جهود الحكومة العراقية تتركز على تجنب تداعيات ذلك على الصعيدين المحلي والإقليمي. “ومع ذلك، أضحت الهجمات المستمرة واقعا مُرا. وتنطلق هذه الهجمات من داخل حدود البلد وخارجها”.
ومضت قائلة: إن “ارسال الرسائل من خلال الضربات لا يؤدي إلا إلى تصعيد للتوترات وإلى قتل الناس أو إصابتهم وإلى تدمير الممتلكات. وبدلا من اللجوء إلى استخدام القوة، ينبغي أن تركز جميع الجهود على حماية العراق من الانجرار بأي شكل من الأشكال إلى صراع أوسع نطاقا”.
وأضافت بلاسخارت، أن الكثيرين أعربوا عن صدمتهم إزاء الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل قبل بضعة أسابيع، والذي أسفر عن قتل مدنيين - بما في ذلك فتاة صغيرة. “وكانت هذه الأفعال التي استندت إلى اتهامات فنّدتها الحكومة العراقية بشدة، متعارضة تماماً مع الجهود الكبيرة المبذولة بشأن الاتفاق الأمني بين العراق وإيران”.
الانتخابات
“تمت الانتخابات المحلية في 2023 بطريقة سلمية على نطاق واسع وبشكل سليم من الناحية الفنية”، وفقا لبلاسخارت، مشيرة إلى أن ذلك “مثّل محطة أخرى في جهود الحكومة للخروج من حلقات القصور السابقة”.
وأعربت عن أملها في أن تدل إعادة إنشاء الهيئات التمثيلية المحلية على المضي في خطوة رئيسية أخرى إلى الأمام.
وقالت: “سيكون التحدي الذي يواجه الانتخابات المستقبلية هو حشد نسبة إقبال أعلى من الناخبين، والأهم من ذلك، تشجيع الناخبين العراقيين الذين يحق لهم التصويت على التسجيل”.
وأشارت إلى أن مشاركة العراق في مؤتمر الأطراف (COP28) نتج عنها بعض الالتزامات الواعدة، وشددت على ضرورة أن يتحول التركيز الآن إلى تخفيف الآثار والتكيّف. وقالت إنه “من دون الانتقال من مرحلة الوعود إلى العمل، قد تضيع الفرص بسرعة”.
إقليم كردستان
وبشأن الوضع في إقليم كردستان، قالت بلاسخارت إن “التأجيلات المستمرة للانتخابات لا تخدم مستويات الثقة المتدنية أساسا، ولا تساهم في استقرار العراق”.
واشارت الى أن التشاحن مستمر بين بغداد وأربيل بشأن المسائل المالية والمتعلقة بالميزانية. “والناس هم من يعانون. إن التمويل لشهر كانون الثاني هو موضع ترحيب، ولكن هناك حاجة ماسة إلى حل أكثر ديمومة”.
وشددت على أنه ليس بإمكان حكومة أن تقوم بذلك بمفردها، معربة عن أملها في أن يواصل جميع السياسيين العراقيين السعي لوضع البلاد على أوضح طريق للنجاح، بما يخدم مصالح جميع العراقيين.
بلاسخارت تغادر منصبها
وفي ختام إحاطتها، أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أنها تتوقع مغادرة منصبها نهاية أيّار المقبل.
واستنكر العراق أمام مجلس الأمن، مساء الثلاثاء، القصف الأمريكي والتركي والإيراني الذي طال الأراضي العراقية خلال الأشهر القليلة الماضية. وشدد على عدم السماح بزعزعة صورته كدولة قادرة على حماية أمنها وسيادتها.
وألقى القائم بأعمال ممثلية العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عباس كاظم عبيد، كلمة الحكومة العراقية أمام مجلس الأمن في جلسته الخاصة حول العراق، مشيرا إلى أبرز الملفات الأمنية والسياسية، فضلاً عن خطط الحكومة ومشاريعها الاقتصادية والبيئية.
وقال عباس في كلمته: إنّ “العراق يستنكر جميع الاعتداءات التركية والإيرانية والأمريكية التي استهدفت الأراضي العراقية وراح ضحيتها مدنيون وأوقعت جرحى وألحقت أضرارا، تحت ذرائع واهية”.
وأضاف، أنّ “هذه الاعتداءات هي انتهاكات تتناقض مع مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة”، مؤكدا في الوقت ذاته “التزام العراق بعدم انطلاق أي تهديد من أراضيه نحو جيرانه”.
فيما شدد على أنّ العراق “لن يسمح لأي طرف بزعزعة صورته كدولة قادرة على حماية أمنها وسيادتها، والالتزام بأمن وسلامة البعثات الدبلوماسية”.
عباس تحدث أيضًا حول جولة المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية حول مستقبل وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف.
وقال: إنّ “العراق عقد جولة أولى من المفاوضات حول مستقبل القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، لمناقشة جدول زمني والاتفاق على خطوات لترتيب إنهاء مهمة التحالف الدولي عبر حوارات ثنائية، لضمان انتقال سلس لمهامه”.
وأضاف عباس، أنّ “العراق يرغب باستمرار التعاون مع التحالف في مجال التسليح والتدريب والاستشارة وتتبع شبكات الإرهاب”.