اخر الاخبار

محنة المسيحيين في العراق

لمجلة نيوزويك، كتب الصحفي الإستقصائي نوري كينو مقالاً، اشار فيه الى أن الغزو غير القانوني للعراق والذي اطاح بنظام الدكتاتور صدام حسين، قبل عقدين من الزمان، لم يغير العراق الى الأبد فحسب، بل وغيّر الشرق الأوسط برمته. فلم تمض سوى ثماني سنوات على بدء تلك الحرب، حتى دخلت سوريا المجاورة في صراع داخلي مؤلم وحرب دولية بالوكالة، أدت الى تدميرها.

هروب المسيحيين

وذكر المقال بأن من بين نتائج هاتين الحرب، حدوث انخفاض سريع في عدد المسيحيين بهذين البلدين. فبعد أن كان عددهم يصل الى 1.2 مليون مواطن قبل الحرب في العراق، بات لا يتجاوز 120 ألفاً في الوقت الراهن، وهو رقم قابل للإنخفاض أكثر في المستقبل. كما انخفضت اعداد المسيحيين في سوريا من 1.5 مليون مواطن قبل الحرب الى 300 ألف مواطن حالياً، وفقًا لتقارير العديد من منظمات حقوق الإنسان.

واشار المقال الى أن معظم المسيحيين في هذه البلدان هم من العرق الآشوري السرياني الكلداني الأرمني، الذي تعرض إلى الاضطهاد الديني من قبل المنظمات الإرهابية، والتي توحدت في صيف عام 2014، معًا لتشكل واحدة من أخطر وأقوى الوحدات في العالم، مطلقة على نفسها (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا) والتي عُرفت أيضًا باسم داعش.

وانتقد المقال اللا ابالية التي واجهت بها وسائل الإعلام الكبرى وحكومة الولايات المتحدة و الأمم المتحدة، هذا الاضطهاد الديني، وقيام بلدان مثل السويد، بترحيل طالبي اللجوء المسيحيين إلى العراق على الرغم من أن حكومة بغداد، طلبت منها رسميا حينذاك، التوقف، لأنها غير قادرة على ضمان سلامة المرحّلين، في وقت قام تنظيم القاعدة فيه بقطع رأس أول مسيحي أمام الكاميرا، وهو شاب يدعى ريمون شمعون، ونشر الفيلم في جميع أنحاء العراق لتخويف المسيحيين ودفعهم إلى الفرار من البلاد.

حملة تضامن

وتطرق المقال الى سلسلة النشاطات التضامنية التي قامت بها منظمات عراقية ودولية لجذب انتباه السياسيين ووسائل الإعلام والمشاهير، والتي بسببها لم يعد بإمكان احد التزام الصمت. الاّ أن لا أحد كان محظوظاً وقادراً على وقف الإبادة الجماعية، او ايقاف الهروب الجماعي من الوطن والذي استمر حتى بعد هزيمة التنظيمات الإرهابية مثل داعش.

وكشف المقال عن المعاناة المتواصلة لهؤلاء الفارين الى البلدان المجاورة كلبنان والأردن وتركيا، والذين لا يحق لهم العمل ولا يحصلون على فرص للتعليم والرعاية الصحية ويتوقون للعودة إلى بلدانهم الأصلية، مطالباً بمنحهم هذه الفرصة، كي يشعروا بالأمن والأمان، وبتقديم مساعدات مالية عاجلة خاصة للمحتاجين منهم، ليتمكنوا من الحصول على الطعام بكرامتهم.

خوف مزمن

وأكد المقال على أن جرائم المنظمات الإرهابية لم تقتصر على المسيحيين، بل شملت حتى المسلمين وربما بشكل أكبر، مستدركاً بالقول بأن محنة المسيحيين تبدو ابشع، لأنها خلقت بدواخلهم خوفاً مزمناً يجعلهم يرفضون فكرة العودة الى مناطقهم الأصلية، لبشاعة مظاهر وأحداث التطهير العرقي والديني التي عاشوها، ولوجود مؤشرات غير قليلة على امكانية تكرارها من جديد.

وأعتبر المقال هذه المشكلة دليلاً على فشل جهود المجتمع الدولي بشكل عام، في احداث تغيير حقيقي، ومساعدة ضحايا الإبادة الجماعية والناجين من التطهير الديني البشع.