اخر الاخبار

العلاقات العراقية الأمريكية بين تفاقم الصراع ووعود الانسحاب

اهتمت الصحف العالمية والأمريكية منها بشكل خاص، بقضية المفاوضات المرتقبة بين بغداد وواشنطن حول انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، وتداعيات الهجمات والهجمات المضادة التي جرت بين هذه القوات وفصائل مسلحة، وآخرها هجوم بطائرات مسيرة على قاعدة التنف عند الحدود الاردنية-العراقية-السورية، والذي أدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين وجرح أكثر من ثلاثين أخرين.

أين سيردون؟

فقد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، واسعة الإطلاع، مقالاً لنانسي يوسف ومايكل غورون، توقعا فيه أن ترد إدارة بايدن على الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية في التنف بضرب أهداف خارج الأراضي الإيرانية، مسلطة الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه واشنطن في مسعاها لاحتواء العنف في الشرق الأوسط، والذي سيؤدي أي خطأ فيه إلى توريط واشنطن وحلفائها بشكل أعمق في النزاع. وتوقعت الصحيفة مواصلة الفصائل المسلحة مهاجمة الأمريكيين حتى مع تواصل بغداد وواشنطن للمفاوضات الهادفة سحب قوات التحالف من العراق.

دعوات للانتقام

كما نشرت الصحيفة مقالاً اخر كتبه تايلر باغر وياسمين ابو طالب وابليجايل هاوسلونر، أشاروا فيه إلى أهمية الاجتماع الذي عقده بايدن مع كبار مساعديه لمراجعة الردود الأمريكية المحتملة على الهجوم، والذي جاء في وقت بدا فيه البيت الأبيض قلقًا من الانجرار إلى الصراع في الشرق الأوسط، رغم الضغوط التي تسلطها دعوة الجمهوريين إلى انتقام شديد وسريع. وأشار المقال إلى أن تنفيذ بايدن لوعوده بمحاسبة جميع المسؤولين عن ما حدث، تفتقد للوضوح، لاسيما بعد أن رفض جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، الإجابة على الأسئلة المتعلقة بطبيعة أو توقيت أي ضربة انتقامية أمريكية.

واعتبر المقال الهجوم المميت الذي وقع يوم الأحد، حدثاً مهماً في سياق الدعم الأمريكي التام لاعتداءات إسرائيل على قطاع غزة، لاسيما وإنه يأتي في إطار حملة انتخابية شرسة مع الجمهوريين، الذين نقل عنهم المقال وصفهم تصريح كيربي بأنه مجرد هراء تام.

تورط أم انسحاب

من جانبه حذر “معهد كوينزي” من ارتفاع إحتمالية التورط العسكري الأمريكي في المنطقة، وتحوله إلى مواجهة عسكرية مع إيران، داعياً واشنطن إلى سحب قواتها من العراق وسوريا. وذكر التقرير بأن إدارة بايدن كانت منهمكة في التخطيط لسحب قواتها من البلدين، عند حدوث هجوم التنف الأخير، وذلك بسبب تصاعد العنف إقليمياً، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي المدمر على الفلسطينيين في قطاع غزة والغضب المرتبط به ضد الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، اضافة إلى أن تنفيذ المهمة الأصلية لقواتها، والمتمثلة بالقضاء على داعش ومنع امتداد النفوذ الإيراني في العراق، باتت غير ممكنة، حيث صارت حماية وجود القوات نفسها لنفسها المهمة الحقيقية.

خيارات صعبة

ووجد ادريو تابلر ومارتين غروس، في مقال كتباه لموقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أمام بايدن خيارين معقدين، إما دفع إسرائيل إلى وقف إطلاق النار في غزة أو المخاطرة بالتصعيد المستمر في المنطقة، مؤكدين على أن حدوث خسائر بشرية في القوات الأمريكية قد يؤدي إلى رد عسكري أمريكي قوي لن يكون المهاجمون مستعدين له، خاصة بعد أن صار جلياً بأن من أهدافهم قتل الأمريكيين وليس فقط ازعاجهم.

وعبر المقال عن الإعتقاد بأن حدوث الهجمات والهجمات المباشرة بالتزامن مع مناقشة سياسية استمرت لعدة أشهر في إدارة بايدن حول عمليات النشر المستقبلية للقوات الأمريكية في سوريا والعراق، قد أثرت على وضوح الرؤى، حيث كان هناك شعور بأن الساسة العراقيين يريدون وجود قوات أميركية هناك لموازنة إيران، وهو ما دفع البيت الأبيض إلى تأجيل تبني سياسة أوباما التي طالما دعت إلى تركيز الاهتمام على آسيا، بدل الشرق الأوسط. وأضاف الكاتبان إلى أن العودة لهذه السياسة قد يُفسر اليوم وكأنه هزيمة، مما يضعف شعبية بايدن، الذي سبق له أن خسر ثلث شعبيته، إثر الإنسحاب المثير للجدل من افغانستان.