اخر الاخبار

خصص المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي، حلقته من برنامج “يحدث في العراق” السبت الماضي، للوقوف على الاجراءات القضائية والحكومية المتعلقة بالتغيير الوزاري المزمع اجراؤه في الكابينة الحكومية، فضلا عن التعامل مع الحصانة التي يتمتع بها نائب البرلمان، بعد تفسيرات المحكمة الاتحادية، حول هذا الموضوع. وضيّفت الحلقة التي حملت عنوان “تغيير وزاري وحصانة محدودة.. هل تكفي لتهدئة الأوضاع؟” القاضي هادي عزيز، والقانوني سجاد سالم، فيما أدارها عضو اللجنة المركزية للحزب علي صاحب.

المركز: اصدرت المحكمة الاتحادية مؤخرا توضيحاً جديداً بشأن رفع الحصانة عن اعضاء مجلس النواب. هل من الممكن ان تشرح لنا بشكل مبسط هذا التوضيح؟

  • هادي عزيز: المادة 63 من الدستور تفرق بين جانب موضوعي وجانب اجرائي؛ فالجانب الموضوعي هو في ما لو قام نائب ما بتصرفات او اعمال مخالفة للدستور او للقانون، نص المادة/ أ، يتمتع النائب بالحصانة عمّا يدلي به من اراء اثناء دورة الانعقاد ولا يتعرض للمقاضاة امام المحاكم بهذا الشأن. اما الفقرتان (ب، ج)، ففرقتا بين حالتين: الحالة الاولى، عندما يكون الفصل التشريعي قائما وفي هذه الحالة ترفع عن عضو مجلس النواب الحصانة بالأغلبية المطلقة. وفي حالة عدم انعقاد المجلس يكون بموافقة من رئيس البرلمان.

النصوص واضحة

المركز:  هناك حديث عن احتمال تعرض 30 نائبا لرفع الحصانة؟

  • هادي عزيز: النصوص لدينا واضحة جدا، ولا تحتاج الى اجتهاد. الفقرة (ب) من المادة 63 تنص على انه لا يجوز القاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي، الا اذا كان متهما بجناية وبموافقة الاعضاء بالاغلبية المطلقة. ثانيا اذا كانت الجريمة مشهودة فلا داعي لهذا الاجراء، ويحال مباشرة الى القضاء. الفقرة (ج) لا يجوز القاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي، الا اذا كان متهما بجناية وبموافقة رئيس مجلس النواب.

عدم الافلات من العقاب

المركز: اغلب المحتجين البارزين في الاحتجاجات يتحدثون عن ان 25 أيار نقطة بارزة لمواصلة الاحتجاج، وبالتالي التأكيد على المطالب الخاصة بتشرين، باعتبارك احد الناشطين ما هي الخطوات القادمة؟

  • سجاد سالم: اعتقد ان الحركة الاحتجاجية ركزت على شيء مهم هذه المرة، وهو موضوعة عدم الافلات من العقاب. هذا موضوع جدا مهم، لان اغتيال الناشطين بهذه الطريقة البشعة للغاية أثار الخوف لدى المجتمع العراقي من تغول السلاح، ومن تغول فصائل مسلحة خارج اطار الدولة، والتي تعمل بهذا الشكل العلني وبهذا الشكل المفضوح، في مقابل عدم سيطرة الدولة على هذه الجهات التي تستخدم العنف ضد الحركة الاحتجاجية.

الخطوات القادمة لا تحيد عن المسار ذاته. هناك كلام عن القاء القبض على اشخاص متهمين بقتل ناشطين. اعتقد ان الحركة الاحتجاجية من المهم ان تسعى وتكمل في هذا الموضوع. اصبح لدى الحركة الاحتجاجية ادراك بأن فتح ملف قتل الناشطين سيقوض سلطات كثيرة، تعمل خارج اطار الدولة، ولكن ايضا لدى حركة الاحتجاج مهمة اخرى، وهي الحفاظ على دماء المتظاهرين من عنف السلطات المتوقع دائما، وهذا ما حصل للاسف مؤخرا في ساحة التحرير وبقية الساحات.

غير ملبية لحاجات الناس

المركز:  إذا اردنا المقارنة بين هذه الدورة التشريعية وبين الدورات السابقة من ناحية التشريعات وقربها من المواطنين، فإن المختصين يتحدثون عن انحدار في المستوى التشريعي. كيف تقيمون الأداء؟

  • هادي عزيز: بدل ان نفضل هذه الدورة عن التي سبقتها، دعنا نضع معيارا؛ فالنظام القانوني العراقي حاليا متكون من ثلاث فئات: تشريعات النظام السابق والتي لازالت نافذة المفعول، خاصة القوانين التي صدرت ضمن اصلاح النظام القانوني سنة 1977، والقوانين التي صدرت بموجب الاصلاح القانوني والتي تغلب العلاقة القانونية على العلاقة العقدية، النموذج الثاني هو النموذج الذي أصدرته سلطة الائتلاف المؤقتة، والذي صمم للمرحلة الانتقالية، ما يعني انه ليس فيه بناء دولة ولا مؤسسات، اجتثاث البعث، هيئة نزاهة الملكية، الشهداء، السجناء. النوع الثالث الذي اصدرته السلطة الحالية منذ 2003 الى اليوم، هو اننا بحاجة الى اصلاح قانوني يتلاءم مع الاحكام الواردة في الدستور، يجب ان تكون القوانين التي تصدر ضمن احكام الدستور وأولوياته، هذا لم يحدث لا في هذه الدورة البرلمانية الحالية، ولا في الدورات التي سبقتها. الكثير من النصوص القانونية في الدستور تنتهي بعبارة “وينظم ذلك بقانون”. بينما نصف ذلك لم ينظم بقانون حتى لان، وبضمنها قانون حرية التعبير.

اذا اردنا ان نضع معيارا للتشريعات الواجبة التشريع، فعلينا أن نعود للدستور واولوياته. اذا كانت هذه الدورات غير منسجمة مع الدستور فهو مخالف، وبذلك تكون غير ملبية لحاجات الناس.

المركز: هناك اتهامات للمحتجين بأنهم يريدون زعزعة الأمن وتأجيل الانتخابات بسبب أن الأحزاب المنبثقة عن تشرين لم ترتب أوراقها حتى الان. ما هو ردك على هذا الادعاء؟

  • سجاد سالم: نحن نعلم ان الناشطين في الوقت الحالي ليس لديهم ثقة بالنظام السياسي، لان هذا النظام لم يقف معهم في يوم من الايام. لم يساهم في تلبية مطالبهم والتي يتفق الجميع على انها مطالب حقة ومشروعة ومعاناة يعيشها الشعب العراقي، بالاضافة الى تراكم ظواهر مثل الفساد والذي افقد ثقة المواطن بالنظام السياسي، اضافة الى الاداء الضعيف لمجلس النواب. كل هذه الامور تؤدي بالمؤسسات السياسية والدستورية في الدولة الى ان تكون ضعيفة وهزيلة في تمثيلها للشعب. أما مسألة اتهام الناشطين، فاعتقد ان هناك رأيين في تشرين، واعتقد ان كلاهما منطلقاته ومبرراته سليمة ومنطقية: رأي يؤيد المشاركة لاسباب منطقية يراها. ورأي اخر يؤيد المقاطعة. لكن السمة التي يشترك فيها الاغلب هي أنه حاليا هناك فقدان للامن الانتخابي، وهذا يقوض عدالة الانتخابات، التي هي احد اركان الديمقراطية، ان كان فعلا هناك نظام ديمقراطي. التلويح بورقة الانتخابات لتلبية مطالب تشرين ولتوفير الامن الانتخابي هو موضوع مطروح عند الجميع ويناقش بجدية.

لا قضاء مستقلا في مجتمع منقسم

المركز: يتحدث بعض المختصين عن اصدار قرارات من القضاء، لا تتناسب مع حجم الجريمة، اذا كان الفاعل فيها “سياسي نافذ”. بينما تكون الاحكام مشددة اذا كان المتهم فيها شخصا آخر. ما هو تعليقكم؟

  • هادي عزيز: من حيث المبدأ لا قضاء مستقلا في مجتمع منقسم. ثانيا الجسم القضائي لا يمكن سلخه من العملية السياسية بشكل كامل. لا يمكن ان يقوم القضاء بالواجب الملقى عليه ضمن ظرف سياسي كالذي نعيشه. القضاء جزء من هذا الوضع، وهذه المسألة ليست في العراق فقط، انما في لبنان على سبيل المثال، ومصر، وفي الدول التي خرجت من دكتاتوريات، لا يمكن للسلطة القضائية ان تقوم وحدها ببناء دولة. بل يتم الاصلاح السياسي للدولة بكافة مفاصلها، وبناء مؤسسة للدولة من جديد. لدينا من القضاة من يملكون الكفاءة والاستقلال. فالعشرات من اعضائه اقيلوا. لا يمكن فصل القضاء عن الوضع السياسي في البلد نهائيا. واعيد واكرر بأن لا قضاء مستقلا في مجتمع منقسم.