اخر الاخبار

فضائح «أممية»

اتهم تقرير أعدته سيمونا فولتين لصحيفة الغارديان، بعض الموظفين العاملين لدى الأمم المتحدة في العراق بطلب رشاوى مقابل مساعدة رجال الأعمال في الفوز بعقود في مشاريع إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب في البلاد.

فساد عميق

واشار التقرير إلى أن طلب الرشاوى يأتي تحت غطاء عمولات، وانه أحد ملفات الفساد وسوء الإدارة التي يعاني منها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والذي تم إطلاقه في عام 2015 بتمويل يصل إلى 1.5 مليار دولار من 30 جهة دولية مانحة.

وذكر التقرير بأن المجتمع الدولي قد ضخ، ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، مليارات الدولارات من المساعدات إلى العراق، لكنه وبعد مرور عشرين عاماً، لا تزال البلاد تعاني من سوء الخدمات والبنية التحتية المتهالكة، على الرغم من كونها رابع أكبر منتج للنفط في العالم، تمّكن من تحقيق عائدات نفطية قياسية بلغت 115 مليار دولار في العام الماضي.

وأضافت فولتين بأن المراقبين يصفون الفساد والعمولات في العراق بأنها شريان الحياة للسياسة، وهو الأمر الذي دفع بالمنظمة الدولية إلى تنفيذ المشاريع بشكل مباشر لضمان الشفافية فيها أو في المؤسسات المحلية التي تتعاون معها.

الواقع مختلف

لكن المقابلات التي أجريت مع أكثر من عشرين من موظفي الأمم المتحدة الحاليين والسابقين والمقاولين والمسؤولين العراقيين والغربيين، أشارت، حسب التقرير، إلى أن الأمم المتحدة تعمل على تغذية ثقافة الرشوة في المجتمع العراقي، حيث يطلب موظفو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، رشاوى تصل إلى 15 بالمائة من قيمة العقد، وأن لا أحد قادر على الحصول على عقد دون أن يدفع.

وأكد التقرير على أن الصفقات قد تمت شخصياً وليس على الورق لتجنب اكتشافها، حيث يعمل العراقيون ذوو النفوذ في بعض الأحيان كضامنين، في وقت يأخذ فيه هؤلاء المتنفذون حصة من الرشوة.

ردود ووعود

ورداً على ما جاء في التقرير من اتهامات، وعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأخذ الأمر على محمل الجد، وبعدم التسامح مطلقا مع الاحتيال والفساد. غير أن دائرة التساؤل قد اتسعت رغم ذلك، خاصة حول صرف أموال طائلة في وقت قامت فيه المنظمة بالاستغناء عن العمالة والنفقات العامة الأخرى، الأمر الذي يثير المزيد من الشك حول الحصة من الميزانية التي تصل بالفعل إلى المجتمعات التي مزقتها الحرب.

وأشار التقرير إلى وجود شكوك قوية لدى العديد من العاملين في البرنامج حول توسعه وتمدده غير المبررين، واصفين هيكل الحوافز بالفاسد، حيث يتواطأ موظفو الأمم المتحدة مع المسؤولين الحكوميين، فيقوم هؤلاء بتجميل نتائج المشاريع وفوائدها للعراق لضمان المزيد من التمويل، مما يوفر رواتب وحوافز أكبر للموظفين وأموال ورشى للمسؤولين.

تقييم حذر للمنجزات

وذكرت فولتين أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد ادعى بأنه نجح في تحسين حياة 8.9 مليون عراقي، اي ما نسبته 20 بالمائة من السكان، لكن مراسلي الغارديان، الذين زاروا مشاريع البرنامج، أعربوا عن اعتقادهم بأن بعض هذه الأرقام ربما يكون مبالغا فيها، أو ان المنجز قد تحقق من قبل منظمات انسانية أخرى. وضرب التقرير أمثلة متعددة على ذلك، كاشفاً عن صرف أموال طائلة لتغطية تكاليف رحلات استمتاع مجانية لبعض المسؤولين، بدل تنفيذ مشاريع تدريب وتأهيل حقيقية للنازحين.

وأشار التقرير إلى اعترف المانحين بصعوبة متابعة كيفية إنفاق تمويلهم والاعتماد على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإجراء المراقبة والتقييم من خلال وحدة داخلية وصفتها الوكالة بأنها “مستقلة تمامًا”، على الرغم من أنها تتبع إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يؤكد كثيرون على أن تقاريره لا تعكس الواقع على الأرض.