اخر الاخبار

وسط تحذيرات أممية ودولية من احتمالية تورط العراق في الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط، في ظل استمرار استهداف القواعد الأمريكية في كل من العراق وسوريا، والاختراق المتواصل لسيادة العراق.

وبرغم حديث الحكومة عن سعيها لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، إلا أنها لم تتحدث عن اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تجمع العراق مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تكشف عن مصيرها ومستقبل العلاقة بين البلدين.

تحذيرات دولية

في السبت الماضي حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، من: إنّ «الشرق الأوسط يمرّ بمرحلة حرجة؛ حيث يهدد الصراع المحتدم في غزة والأعمال المسلحة في أماكن أخرى باندلاع مواجهة كبيرة. والعراق معرض لخطر المزيد من الانجرار إلى هذا الصراع».

وأضافت الممثلة الأممية في بيان طالعته «طريق الشعب»، انه «على الرغم من جهود الحكومة لمنع تصاعد حدة التوتر، إلا أن الهجمات المستمرة، التي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجها، من شأنها أن تؤدي إلى تقويض الاستقرار الذي تحقق بعد جهد جهيد في البلاد، والإنجازات التي حققتها في السنوات الأخيرة».

وأكدت أن «استقرار العراق وأمنه هما في مقدمة وصلب جميع أعمالنا»، داعية جميع الأطراف في العراق إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

ثلاث رسائل

وفي هذا الشأن، حذر الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي من التطورات في ملف الهجمات والهجمات المضادة التي تحصل على الساحة العراقية، مشيراً إلى أن العراق تلقى 3 تحذيرات دولية.

وقال فهمي في حديث تلفزيوني، إن «العراق تلقى تحذيرًا أمميًا من التوجه نحو صراع شرق أوسطي. كما أن هذا التحذير لم يأت فقط من (ممثلة الأمم المتحدة) بلاسخارت، بل جاء أيضًا بكلمات مشابهة من السفير البريطاني. كما أن السفيرة الأمريكية نقلت رسالة أخرى إلى السيدين العامري والمالكي».

وأضاف، أن «التحذير عندما يأتي من ثلاثة أطراف دولية في آن واحد، فإنه يؤكد جدية هذه الرسالة»، مشيرًا إلى أن «الجانب العراقي الرسمي غير مسيطر على عمليات القصف».

وأشار إلى أن «نتائج هذه العمليات لا تترتب على الحكومة فقط، بل على العراق بشكل عام»، مبينا أن «أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني متعددة، وإن أردنا الضغط على الكيان الصهيوني، فيجب أن يكون القرار عراقيًا. بمعنى أن تتخذ الدولة هذا القرار، وأن تكون قادرة على الدفاع عنه وتتحمل نتائجه».

وبيّن أن «اعتقاد فصائل مسلحة أنها أكبر من الدولة، يعكس مشكلة عميقة في بنية الدولة العراقية»، مبينا أن «لقاءات السفراء والمبعوثة الأممية مع رؤساء التحالفات السياسية في العراق، تشير إلى أن المسؤولية غير منوطة بالحكومة وحدها، وعلى القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها».

ودعا فهمي إلى «معالجة القضية وتجنب رد أمريكي مشابه لما حدث في بغداد مؤخرًا».

قرار بالتصعيد

بدوره، خمّن الخبير الأمني أحمد الشريفي أن تكون الأمور متجهة نحو التصعيد، خاصة وأن الفصائل المسلحة حسمت قرارها بذلك. بينما لا يزال الأمريكيون يتبنون مسألة الرد.

وقال الشريفي لـ «طريق الشعب»، إن «ما يؤسف له أن هذه الإجراءات المتبادلة بين الفصائل والأمريكيين غيّبت الدور الوظيفي للحكومة ومؤسساتها؛ فلا الحكومة قادرة على أن تؤدي دورها في إسكات هذا التهديد السيادي من الطرفين ولا حتى المؤسسات الضامنة - وزارتا الدفاع والداخلية - تستطيع أن تؤدي هذا الدور».

وأضاف في حديث مع «طريق الشعب»، أن «تعامل الحكومة وطريقة تعاطيها مع ما يجري ليس منطقيا، ويشي بإمكانية أن يتأثر الوضع السياسي للحكومة بهذا السجال، لأن الحكومة كانت جزءًا من اتفاق دولي وأممي، ووضعت تعهدات على هذا الأساس»، متسائلا عن «الموقف الدولي تجاه الحكومة في حال عجزت عن تنفيذ هذه التعهدات».

وتابع الشريفي، أن العراق يمر الآن في مأزق سياسي وعسكري، ولا يستبعد أن تكون هناك تبعات اقتصادية وإقليمية في ظل كل المشاكل التي يعاني منها البلد اقتصاديا.

ونبه الى أن «ائتلاف إدارة الدولة والإطار التنسيقي بالتحديد هو من شكّل الحكومة، وهذا معناه أنه موافق على برنامجها الحكومي، الذي يستند إلى أساس تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية. والآن اختلفت الرؤى بالنسبة للإطار وهذا ما أثر على البرنامج الحكومي»، مستشهدا على ذلك بـ»إفصاح السوداني عن رغبته في إخراج القوات الأمريكية من العراق. هذه القضية لم يكن متفقًا عليها في فترة تشكيل الحكومة».

الحكومة تملك خيارات الحرب والسلم

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون السياسية، سبهان الملا جياد، ان قرار «السلم والحرب» لن يخرج عن ايدي الحكومة، مشيرا الى ان «الحكومة لديها القدرة على حسم هذا الموضوع».

وأضاف، ان «الحكومة العراقية ترتبط باتفاقيات دولية، خاصة مع التحالف الدولي وكذلك اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية»، لافتا الى انه «بالأمس وجهت القوات العراقية المتواجدة في القواعد العراقية، التي تؤوي المدربين والاستشاريين التابعين للتحالف الدولي، وجهتهم بالتصدي لأي اعتداء يحصل على هذه القواعد، كونها قواعد عراقية وفيها ضيوف متواجدون بموافقة الحكومة».

تقويض سلطة الدولة

من جانبه، أكد المنسق العام للتيار الديمقراطي، زهير ضياء الدين، أن «التجاوز على سيادة العراق أمر مرفوض، وأن ما يحدث الآن هو نتيجة للنفوذ الدولي والإقليمي في العراق»، مبينًا أن «ذلك يسهّل عملية انتهاك السيادة في ظل تواطؤ قوى داخلية تسهل وتتغاضى عن الانتهاكات».

وأضاف ضياء الدين في تصريح لـ «طريق الشعب»، أن «الوضع متشنج وملتهب في المنطقة بشكل عام، ونحن نخشى أن يحدث انفلات غير محسوب ينعكس سلبا على العراق»، مؤكدا أن «إنهاء الوجود الأجنبي ضروري جدًا، لكن ليس على حساب تقويض سلطة الدولة وانتشار السلاح المنفلت».

ودعا ضياء الدين، الحكومة ومجلس النواب إلى أخذ دورهم في بدء مفاوضات جدية لإجلاء القوات الأجنبية من البلاد، محذرا من «اتخاذ قرارات أحادية الجانب تعرض العراق إلى خطر هو في غنىً عنه».