اخر الاخبار

انتخابات مجالس المحافظات والحراك الاحتجاجي

في إطار دراسة نشرها المعهد الفرنسي للأبحاث والمعنّي بشؤون العراق، حول نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخراً، تمت مناقشة تأثير تلك النتائج على حراك الشباب الإحتجاجي في المستقبل القريب، ساهم فيها حسين النجار، أحد نشطاء الحراك وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ومنتظر ناصر، رئيس تحرير صحيفة العالم الجديد، ومحمد العلوي من مركز عشتار لدعم الديمقراطية.

تحدٍ هام

وخلصت الدراسة إلى أن الانتخابات شكلت تحدياً كبيراً لقوى التغيير، التي تسعى لبناء بديل لمنظومة المحاصصة، تمثّل بما تعرضت له هذه القوى من قمع سلطوي غير مسبوق، تم خلاله قتل وتشريد العديد من ناشطيها وإخلاء الساحات من التظاهرات والاعتصامات بالقوة المفرطة، وشيطنة المنتفضين إعلامياً، وشراء ذمم بعض الوجوه من جهة، وكذلك في عدم نجاحها بتوحيد صفوفها في إطار برنامج معارضة مشترك، وضعف ثقة بعض أطرافها بإمكانية تحقيق انتصار سياسي عبر الإعتماد على الشعب وتعبئة الناس حول مشاريعها وبرامجها من جهة أخرى. ويبدو، حسب الدراسة، أن ذلك كله، كان وراء تراجع تعاطف “الأغلبية الصامتة” والمرجعية الدينية مع الحراك.

كما تمثّل التحدي أيضاً في ما تمتلكه أطراف المنظومة المتنفذة من موارد طائلة، وما حققته من نجاح في إنشاء واجهات لها بيافطات مدنية زائفة وشراء الولاءات وتعزيز العلاقات الزبائنية، إضافة إلى تعبئتها لقواعدها الحزبية، التي صارت أكثرية، عندما عزف الناخبون عن المشاركة، جراء عدم ثقتهم في العملية السياسية وخيبة أملهم من تجارب الماضي التي فشلت في إحداث تغيير حقيقي.

هل من عودة

وفي محاولة للبحث في إمكانية استعادة حراك الشباب الإحتجاجي لزخمه من جديد، أشارت الدراسة إلى عدد من المعوقات، التي لابد أن تذلل، بغية تحقيق ذلك، ومنها معالجة التشتت وغياب الموقف الموحد تجاه القضايا المصيرية، كالمشاركة في انتخابات 2021 التشريعية وانتخابات 2023 المحلية، والسعي لعزل المنتقلين إلى خندق قوى المحاصصة والفساد، والعمل على خلق نموذج سياسي ناجح.

وتوقعت الدراسة وجود حظوظ مهمة للحراك على التطور، حيث لن تستطيع الحكومة الحالية مواصلة المحافظة على جمهور زبائني، وخاصة بين الشبيبة، والذي حققته حتى الآن عبر التعيينات التي فاقت 800 ألف مواطن، او عبر توزيع الإعانات الاجتماعية على ملايين العوائل، وذلك بسبب ما سيؤدي اليه هذا الإنفاق غير المحدود، من زيادة مضطردة في عجز الموازنة، لاسيما إذا ما انخفضت واردات النفط، في ظل نمو سكاني يبلغ مليون باحث جديد عن العمل سنوياً. كما سيتصاعد غضب الجمهور مع استمرار نقص الخدمات أو تدهور ما تحسن منها من جديد، لإسباب تتعلق بالفساد وسوء الإدارة وتراجع الموارد المالية.

واعربت الدراسة عن صعوبة التنبؤ بما سيحمله العام القادم، 2024، بسبب استمرار الصراع في الشرق الأوسط واوكرانيا، وتأثيراته على الإقتصاد العالمي وأسعار النفط والغاز بشكل رئيسي، وبسبب الخلل الكبير في ديناميكيات السلطة الناجم عن هيمنة طرف واحد وبقاء أطراف اخرى مؤثرة خارج اللعبة.

دور شكلي للمرأة

وحول دور النساء، أشارت الدراسة إلى أن العديد من الأحزاب تسعى لإفراغ الكوتا النسائية من محتواها من خلال اختيار نساء لا يملكن المؤهلات اللازمة لمثل هذه المناصب، لاسيما مع عدم تمتع المرأة اساساً بدور ملحوظ في عمل مجالس المحافظات، وضعف خبرتهن في الجوانب القانونية والتشريعية والأطر السياسية، وهو ما انعكس بوضوح في البرامج المرتبكة للمرشحات بشكل عام. وأعربت الدراسة عن الأمل بتحسن مشاركة المرأة في المجالس المحلية في الانتخابات المقبلة وأن يكون هناك تمثيل حقيقي لها.