اخر الاخبار

شهدت الأيام القليلة الماضية إقبالاً كبيراً من العراقيين على شراء شجرة عيد الميلاد والزينة احتفالاً بأعياد رأس السنة الميلادية، فيما اقتصرت احتفالات المسيحيين في العراق على إحياء طقوس وقُدّاسات دينية من دون مظاهر احتفال.

وفي 28 تشرين الثاني الماضي، قرّر رؤساء كنائس العراق في بيان مشترك إلغاء احتفالات العام الجديد واعياد الميلاد، تضامنًا مع شهداء قطاع غزة الذي تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي عليه حربا مدمرة منذ 7 تشرين الأول، وضحايا حادثة عرس الحمدانية في مدينة الموصل، الذي وقع إثر حريق قبل أشهر، راح ضحيته المئات بين قتيل ومصاب.

وبالرغم من غياب إحصاءات دقيقة عن عدد المسيحيين في العراق بسبب عدم إجراء تعداد سكاني منذ سنوات، فإن هناك حاليا ما بين 300 إلى 400 ألف مسيحي في مقابل مليون ونصف المليون قبل العام 2003، وفقا لتقارير اعلامية.

وفي هذه المناسبة، ينقل مواطنون مسيحيون عبر «طريق الشعب»، بعضا من معاناتهم ومطالبهم، متمنين أن يعمّ الأمن والسلام على كافة أبناء الشعب العراقي.

الغاء الاحتفال العام

تقول شميران مروكل، وهي ناشطة نسوية، إن «يوم 25 كانون الأول يعكس البهجة والسرور لولادة السيد المسيح، وتقام خلاله العديد من الاحتفالات الرسمية الدينية في الكنائس، واحتفالات أخرى تقام بين الاهل والأصدقاء».

وتضيف شميران في حديثها لـ «طريق الشعب»، قائلة: إن «العديد من المواطنين يشاركوننا الاحتفال، كما توجد مشاركات تصنف كأنشطة من قبل بعض الأشخاص والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني»، منوّهة بأن «الكنيسة أعلنت، مؤخرا، عدم إجراء أية احتفالات عامة باستثناء تلك التي تقام داخل الكنائس، والاحتفال بين الأهل والأصحاب، احتراما لما حدث من فاجعة في الحمدانية، حين تحول حفل الزفاف الى مأتم عزاء كبير، إضافة الى التضامن مع ما يجري في مدينة غزة الفلسطينية من إبادة جماعية منذ أشهر»، مشيرة إلى انه خلال هذا الشهر «ننشر دعوات للمحبة والسلام، وتمنّت ان يعم الاستقرار وان تنطفئ شرارة الحروب في جميع بقاع العالم».

وذكرت منظمة «أوبن دور»، في بيان، أن «قادة الكنائس وبدعوة من البطريرك الكاردينال لويس ساكو، اجتمعوا في قضاء عينكاوه ذي الغالبية المسيحية، وقرروا إلغاءَ الاحتفالات لهذا العام احتراماً للضحايا في غزة، وضحايا حريق قاعة الأعراس في الحمدانية. إضافة إلى القلق من أن تكون السلطات العراقية لا تأخذ حاجتهم للأمان بجدية».

وبالحديث عن أوضاع المسيحيين في البلاد، تبيّن شميران أنه «بالرغم من وجود العديد من التصريحات التي تنادي بحقوق المكون المسيحي وبقية المكونات، إلا أنّها مجرد كلام لم يطبق»، لافتة إلى انه «إلى الآن لم نرَ أي تحرك حقيقي تجاه عودة أراضي المسيحيين التي تم الاستحواذ عليها، كما أن هناك تمييزاً بالوظائف الحكومية».

وتضيف انه «يجب ان تكون هناك حصة للشباب من الوظائف الحكومية لأجل تشجعيهم ومنعهم من الهجرة، وضمان مصادر تأمين حياتهم الاقتصادية والأمنية».

غياب القانون

الصحفي بسام بولص ككا يقول إن أجواء «أعياد الميلاد خلال هذا العام اقتصرت على إقامة القداس في الكنائس دون دعوات او حضور لكبار المسؤولين والسلطات الرئيسية، وذلك بسبب فاجعة عرس الحمدانية»، معتبراً أنها جاءت «كموقف رسمي وشعبي، واحتجاجا على ممارسات رئاسة الجمهورية بسحب المراسيم القانونية من البطريرك الكلداني الكاردينال لويس ساكو، إضافة الى أساقفة مسيحيين سحبت منهم المراسيم الجمهورية التي هي بمثابة اعتراف رسمي من قبل الدولة بمكانتهم».

ويكشف ككا خلال حديثه مع «طريق الشعب»، عن وجود حالة من «اليأس والخيبة لدى المسيحيين العراقيين نتيجة لشعورهم بالإقصاء، والإهمال المستمر من قبل السلطات العراقية لمطالبهم المشروعة منذ سنوات خاصة».

ويضيف ان هناك «استغلالا لمقاعد تمثيل المسيحيين في البرلمان ومجالس المحافظات، وهناك تجاهل كبير للمطالب التي نادت بتخصيص نظام انتخابي خاص بالمكون المسيحي، لكي يحصلوا على تمثيل حقيقي في الاستحقاقات الانتخابية»، مؤكدا أن غياب سلطة القانون «تدفع بالمسيحيين تحديدا الى الهجرة وبشكل مستمر».

فشل في صناعة مستقبل آمن

فيما هنأ عضو المكتب السياسي لحزب أبناء النهرين، أدد يوسف، العراقيين كافة وتحديدا أبناء المكون المسيحي بمناسبة حلول أعياد الميلاد المجيد، متمنياً أن ينعم الشعب العراقي بالاستقرار والرفاهية.

وقال يوسف لـ»طريق الشعب»، إنّ «الحكومات المتعاقبة فشلت في صناعة مستقبل آمن لجميع المكونات وتحديدا الأقليات التي بات وجودها مهددا بسبب ضعف الدولة والأحداث المتعاقبة التي راح ضحيتها الكثير من المواطنين وما زالت آثارها سارية».

ودعا يوسف الحكومة إلى اتخاذ «خطوات حقيقية تجاه خدمة أبناء شعبها بغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم، وان تمنح أبناء المكون المسيحي حقوقهم»، مردفا أن «الخطوات لتحقيق هذه الامنيات صعبة لكنها ليست مستحيلة، وان التاريخ يبين لنا ان نضال الشعوب دائما كان اقوى من السلطات القمعية والمستبدة».

وقامت أمانة بغداد بنصب أشجار عيد الميلاد في العديد من شوارع العاصمة.

ويُعد عيد الميلاد ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، وهو احتفال ديني وثقافي حول العالم، يترافق مع عيد الميلاد احتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة عند أغلبية المسيحيين، واجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية أبرزها وضع شجرة عيد الميلاد وتبادل الهدايا واستقبال بابا نويل وإنشاد الترانيم الميلاديَّة وتناول عشاء الميلاد.