اخر الاخبار

انتخابات مجالس المحافظات ما لها وما عليها

حول انتخابات مجالس المحافظات، والتي أجريت مؤخراً في 15 محافظة، نشر المعهد الفرنسي للأبحاث دراسة، شارك فيها ثلاثة عشر باحثاً، واعتمدت على تحليل نسبة إقبال الناخبين وتوزيع المقاعد في مجالس المحافظات وتأثير الديناميكيات المحلية، والنجاح غير المتوقع لبعض المرشحين، وتداعيات الدعوة للمقاطعة، ومسار منتفضي تشرين، وتمثيل الأقليات، وتأثير المال والسلاح، ودور المرأة في السياسة.

نسبة المشاركة

وفي معرض اهتمامها الكبير بنسبة المشاركة، باعتبارها مرآةً تعكس مدى تمثيل الانتخابات لإرادة الناخبين، وتنبؤًا بمستوى تأثيرها على التطورات السياسية المستقبلية، أشارت الدراسة إلى وجود فارق كبير بين نسبة المشاركة المعلنة رسمياً والتي بلغت 41 بالمائة من عدد المسجلين، وبين معدل المشاركة الفعلية، الذي لم يتجاوز 25 بالمائة من عدد الناخبين. وأعرب الباحثون عن تصورهم بأن نسب التصويت كانت أهم مشكلة في هذه الانتخابات، حيث عُدّت المشاركة من عدمها، السؤال الرئيسي الذي قاد الحملة، أكثر من أي موضوع سياسي آخر، فيما أعطى موقع وكمية الأصوات التي تم الإدلاء بها في كل منطقة، مؤشراً على الصعوبات التي تواجه المجتمع العراقي اليوم. كما ذكرت بأن المعطيات المعلنة قد عبّرت عن عزوف كبير، ليس عن المشاركة في الانتخابات فحسب، بل وايضاً عن استلام البطاقات الانتخابية البيومترية.

غياب البرامج

وأشارت الدراسة إلى أن الانتخابات التي شهدت تبايناً كبيراً في نسب المشاركة بين المحافظات، افتقرت إلى التركيز على السياسات، وهو جانب بالغ الأهمية في بلد يحظى فيه الاهتمام بالقضايا المحلية والنمو السكاني للمدن بأهمية قصوى، حيث بلغت نسبة سكان المدن 70.7 بالمائة بزيادة سنوية قدرها 3 بالمائة، مما يثبت وجود تناقض صارخ بين هموم الناس وبين أولويات النخبة الحاكمة.

هل حدث تزوير؟

وأعرب الباحثون، في معرض إجابتهم على هذا السؤال، عن اعتقادهم بعدم حدوث حالات تزوير ملحوظة، على الرغم من مواجهة مشاكل فنية مع آلات العد الإلكترونية، لم تتجاوز نسبة 3 بالمائة، وهو ما انعكس في قلة الاعتراضات التي أثارتها الكتل السياسية، مؤكدين في الوقت نفسه على حدوث خروقات كبيرة مختلفة كشراء الأصوات أو قمع الناخبين أو استخدام المال السياسي والسلاح خارج إطار الدولة أو حجب الحق بالتصويت بسبب عدم تجديد البطاقة البيومترية. كما نقلت الدراسة قناعة بعض الباحثين بوجود خلل بنيوي في العملية الانتخابية بسبب التشكيك الذي يطال تشكيل إداراتها المختلفة وصياغة أنظمتها من قبل القوى المتحاصصة والمهيمنة على مجلس النواب، مما يجعل إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، أمراً بعيد المنال.

صراعات لا تنتهي

وبينت الدراسة بأن نتائج الإنتخابات لم تكن حاسمة لصالح أحد من الكتل المتنفذة، رغم تفوق أطراف منها على أخرى، ففيما تمكنت كتلة الإطار التنسيقي من الهيمنة على أغلبية مقاعد مجالس المحافظات الوسطى والجنوبية، حقق بعض المحافظين مراكز منافسة، رغم تصورات تنفي استقلالية هؤلاء المحافظين عن الكتلة. وفيما تمكن تحالف (تقدم ـ السيادة) أن يحقق تفوقاً في المحافظات الغربية والشمالية، لم تفقد الأطراف الأصغر مواقع قد لا تبدو مؤثرة في هذه المجالس. وخلصت إلى القول بأن الجميع بحاجة لمارثون من المساومة ليحصل على شيء ما من الكعكة.

دور المرأة

وتحدثت الدراسة عن دور المرأة في هذه الانتخابات، فإعتبرت ترشيح النساء لها بمثابة تحدٍ كبير، بسبب محدودية العلاقات والسلطة والموارد المالية والضغوط الاجتماعية والأمنية، مقارنة بترشيح الرجال، إضافة إلى التشكيك الاجتماعي بقدرتهن على الإدارة والنشاط السياسي. وبسبب الدور الذي لعبه الدعم القبلي والريفي والمناطقي، والانتماء للأحزاب التقليدية، ذات السلاح والمال والنفوذ، كانت فرص الرجال أعظم بكثير من فرص النساء، اللواتي لا يحضّين عادة بدعم في هذه الأوساط.  وعلى الرغم من كثرة المرشحات ممن تحّدين هذا الواقع، فإن مشاركة الناخبات بالتصويت كانت محدودة جداً، لذات الأسباب التي امتنع لإجلها الرجال عن التصويت، حسب الدراسة، التي خلصت إلى أن المرشحات كنّ أقدر على تعبئة الناخبات وجذبهن للاقتراع، مقارنة بزملائهن من المرشحين.