في خطوة استغربتها منظمات المجتمع المدني، وجهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قرارا إلى الجامعات كافة، بمنع التعامل مع منظمات تعمل في نشاطات عدة، بعضها يحظى بطابع دولي، ليثير بذلك حفيظة الناشطين في هذا الحقل، حيث عدوه نابعا من أجندات سياسية هدفها محاربة التنوع الفكري وتكميم الأفواه وإضعاف المجتمع المدني، لكن الإطار التنسيقي الداعم للحكومة نفى تلك الاتهامات، وعزا قرار وزارة التعليم إلى التصدي لأنشطة “مشبوهة” للمنظمات المذكورة، مشددا على ضرورة ملاحقتها.
“عجيب غريب”
وللوقوف على ملابسات القرار وتداعياته، تقول هناء أدور، رئيسة جمعية الأمل، الواردة ضمن كتاب حظر التعامل، إن “توجيه وزارة التعليم العالي بمنع التعامل مع بعض المنظمات عجيب وغريب، خصوصاً وأن ذلك لا يعد ضمن صلاحياتها، بل ضمن صلاحيات دائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فهذه الدائرة هي المعنية بمتابعة عمل كل المنظمات، خصوصاً وأننا نعمل بحسب القوانين النافذة والصادرة من تلك الدائرة”.
وكانت الوزارة قد وجهت الجامعات الحكومية والأهلية، عبر كتاب صادر في 21 تشرين الثاني الحالي، بوقف التعامل مع منظمات: المركز الإعلامي المستقل في إقليم كردستان، منظمة تمكين المرأة، منظمة إيما، منظمة عراق كوين، جمعية الأمل، مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية، منظمة UUP الإيطالية، منظمة UNFPA.
محاربة التنوع
وتؤكد أدور، خلال حديث صحفي أن “وزارة التعليم العالي معنية بالجانب الأكاديمي والعلمي والدراسات، وليس محاربة التنوع الفكري والمجتمعي، ولذا فإننا نعتقد أن قرارات التعليم لها أجندة سياسية تهدف إلى محاربة التنوع الفكري وتكميم الأفواه، خصوصاً وأن قرارها يحتاج إلى توضيح وكشف التهم الموجهة إلينا، فنحن مع محاسبة أي منظمة تخالف القوانين الموضوعة من قبل دائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لكن لا يوجد ما يدل على أننا ارتكبنا أي خطأ أو مخالفة قانونية خلال عملنا”.
وتوضح أن “هذا القرار يخالف حرية التعبير ويعد جزءا من سياسة تكميم الأفواه، كما أن هكذا قرارات لا تخلو من الأجندة السياسية، وضررها ليس فقط على المنظمات، بل تضر بالوضع العام وحرية التعبير والعمل الديمقراطي في العراق، وبالتعددية الفكرية القائمة، خصوصا وأن منظمات المجتمع المدني هي وسيط ما بين الناس والسلطات، وهذه المنظمات مهمة بشكل كبير في تشريع القوانين ورسم سياسة بعض تحركات الحكومة، وكذلك عمل المنظمات يعطي سمعة جيدة للعراق أمام المنابر الدولية”.
قرارات تعسفية
وتزامن قرار وزارة التعليم مع صدور توصيات موجهة إلى الجامعات أيضا، تقضي بمنع التعامل مع أي منظمة إلا بعد التأكد من موقفها الأمني لدى جهاز الأمن الوطني، بناءً على توصية مستشارية الأمن القومي، بذريعة قيام بعض تلك المنظمات باستهداف المجتمع العراقي. ويأتي هذا القرار استمرارا للقرارات التعسفية الصادرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فقد سبق هذا القرار حظر عمل اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق أعرق منظمة طلابية في العراق من العمل في داخل الجامعات ولاحقت بعض أعضائه في خارج الجامعات أيضا.