اخر الاخبار

ألزمت المحكمة الاتحادية العليا، بقرار أصدرته قبل اسبوع، مجلس الوزراء ووزير المالية تقديم الحسابات الختامية مع الموازنة الجديدة، تنفيذا لنص المادة (62 / أولا) من الدستور، والتي نصت على ان يقدم مجلس الوزراء قانون الموازنة العامة والحساب الختامي الى مجلس النواب لإقراره، عملا بأحكام المادة 34 من قانون الادارة المالية رقم 6 لسنة 2019.

 وجاء قرار المحكمة بناءً على دعوى قضائية اقامها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي وترافع فيها المحامي زهير ضياء الدين.

وإثر إعلان القرار، سارعت وزارة المالية في اليوم ذاته،  الى تأكيد استكمالها الحسابات الختامية للموازنات قبل مواعيدها القانونية.

وقال بيان للوزارة، طالعته “طريق الشعب”، انها بادرت مع بدء عمل الحكومة الجديدة بالشروع في العمل على استكمال الحسابات الختامية للموازنات وللمرة الأولى للسنوات من 2017 ولغاية 2019 والتي أرسلت لديوان الرقابة المالية الاتحادي، مبيناً أن “العمل مستمر على إنجاز الحسابات الختامية للسنوات 2020 الى 2022.

 ميزانية واقع حال

وقال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، انه يجب أن يصار الى “ميزانية واقع حال” في عامي 2014 و2020، مؤكدا على ضرورة تحديد “أين ذهبت الأموال؟ وعلى أي أبواب صرفت؟ هل كان هناك مبرر للإنفاق؟ ام كان هناك تلاعب؟ بمعنى يجب ان يجري تقييم الإنفاق”.

وأضاف فهمي، انه “في العام 2020 تم استخدام السلف على نطاق واسع”، لافتا الى ان ذلك كان عبارة عن “إشكالية كبرى واجهت الحكومة في موازنة عام 2014؛ حيث هناك كمية كبيرة من السلف التي لم تُطفأ، وان عدم إطفائها يعطّل سد الحسابات”.

وتساءل الرفيق فهمي، “كيف تم التصرف بهذه الأموال في الوقت الذي لم يكن هناك قانون يوجه كيفية تخصيص هذه الاموال. إذ أنّ هذه عملية تركت كلياً للسلطة التنفيذية”، مشيرا الى “ما طرح بالنسبة لعام 2014 من ان المبالغ الكبيرة جداً وآلية صرفها والاحاديث عن تسريب قسم منها الى الخارج، اعتقد ينبغي التوقف عند كل ذلك”.

ونبه سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الى ان “أحد الأسباب التي كانت تطرح في عدم حل مشكلة 2014 و2020 هو ربما تجنب المعالجة الشفافة لتلك الفترة، في محاولة للتغطية على بعض التصرفات المالية”.

وخمّن فهمي ان “سلسلة من المعرقلات” ترافق عملية إصدار الموازنات الختامية، منبها الى ان عدم ارفاقها في الموازنة يقلل من اهمية تلك الموازنة، وبالتالي يجب ان تصدر الحسابات الختامية، وان يتم تحليلها بشكل جيد”.

وذكر، ان “اللجنة المالية البرلمانية يجب ان تقدم تقريرا حقيقيا وتفصيليا عن كيفية الانفاق في ميزانية عام 2020”، لافتا الى ان “ديوان الرقابة المالية لديه ملاحظات”.

وخلص فهمي الى ان “كل هذه المعطيات والسلبيات والإيجابيات والثغرات وسوء التصرف يجب ان تكون حاضرة امام مجلس النواب وهو يضع الخطوط النهائية وتفاصيل موازنة 2024”، معتبرا ذلك “جزءا من عملية الترشيد”.

 مالية عامة هجينة

على صعيد متصل، قال المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، إن “الموازنة العامة لم تقر في العام 2020، لكن صار الصرف 1/ 12 من المصروفات الفعلية الجارية لعام 2021، وهذا جرى استناداً الى نصوص قانون الادارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المعدل، وفي نفس الوقت صدر قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، وصدر قانون يتيح للحكومة إجراء الاقتراضات الداخلية بسبب الازمة المالية وازمة كورونا، وهذه ليست موازنة وانما قوانين ساندة وانا اسميها المالية العامة الهجينة”.

وقال في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، انه “في كل الاحوال في ظل غياب الموازنة ووجود 3 قوانين للصرف (قانون الادارة المالية وقانون الامن الغذائي والاقتراض،) يجب ان تكون هناك حسابات ختامية لهذه المصروفات كلها، والدولة بمثل هذه الحالة كي تصدر حساباً ختامياً فانها تعد ميزانية وليس موازنة، وتكون واقع حال للمصروفات والايرادات”.

واضاف ان “ميزانية واقع الحال تكون ميزانية وحسابا ختاميا في آن واحد، ولا توجد فيها تقديرات، إنما تبين كل المصروفات والايرادات، وتتضمن حسابا ختاميا للتدقيق. وهذا هو حل اشكالات السنة التي ليس فيها موازنة عامة”.

وتابع، انه “في سنة 2020 تشتت الصلاحيات في قانون الامن الغذائي، لأنه قانون صرف خاص، ولا يخضع للموازنة، لذلك فان هناك خروقات كبيرة تحتاج الى تدقيق لميزانية واقع الحال من قبل ديوان الرقابة المالية وان يقدم تقريره الى مجلس النواب”.

 موجودة ولكن..

وتعقيبا على بيان المالية، أكدت اللجنة المالية البرلمانية، ان الجهات الحكومية المعنية لم ترسل حتى اللحظة الحسابات الختامية برغم انها طالبت بذلك.

وللإيضاح اكثر، قال عضو اللجنة المالية البرلمانية، جمال كوجر، انه من المفترض أن ترسل الحسابات الختامية سنوياً، لكن منذ عام 2014 لم يتم ارسال أي حساب ختامي لأي موازنة.

وبرغم قرار الاتحادية الاخير، فان الحسابات الختامية لعامي 2014 و 2015 لم تصل البرلمان حتى الان، مضيفا “لا نعلم كيف سيتم اعداد الحسابات الختامية؛ ففي العام 2020 أيضا لم تكن هناك موازنة بل جرى الصرف بطريقة 1\12 ومن المفترض ان يتم اعداد ميزانية”.

واكد ان هناك لجنة مشكلة لدراستها ومخاطبة الجهات المعنية، وان الحسابات الختامية موجودة في قانون الادارة المالية وموجودة بكل قوانين الانظمة المالية، لكن لا يتم اعدادها ولا ارسالها من قبل الحكومات.

وتابع كوجر قائلاً، انه “نتيجة لغياب الحسابات الختامية صار هناك فساد كبير كما في العام 2014، ومنذ ذلك الوقت تلكأت الحسابات والمشاريع والنسب والديون وغيرها، وهذا سيناريو مستمر”.

وخلص الى ان اللجنة المالية طالبت الحكومة بارسال كافة الحسابات، وننتظر ارسالها من الحكومة.

 عرقلة ومنع

من جهته، قال الباحث بالشأن الاقتصاد، احمد عيد ان “الدول ذات السيادة الاقتصادية والملتزمة بقوانينها الدستورية تضع في أولوياتها إكمال حساباتها الختامية مع نهاية كل عام بهدف تقييم إنجازات الحكومة ومدى تحقيق وتنفيذ التزاماتها وتقييم أدائها، وإظهار المركز المالي للدولة وما تحقق من فائض أو عجز نقدي”.

وتابع قائلا لـ”طريق الشعب”، ان العراق “يعاني كثيراً من ضعف السياسة المالية في ظل تعدد سلطات اتخاذ القرار، وازدواجية التعامل مع القضايا الاقتصادية للدولة وفق مبدأ المحاصصة وضعف الأداء، ما يعزز الضعف في تحقيق إحكام الرقابة على تنفيذ الموازنة في مختلف الظروف”.

واكد في ختام حديثه ان هنالك أطرافا تعرقل أو تمنع إصدار الحسابات الختامية لكي تغطي على ملفات ومصروفات غير قانونية، صرفت من خلال تبويب بنود الصرف أو تزويرها.

 راصد الطريق.. الفشل بعينه

 تتحدث وزارة التخطيط عن حالة استقرار ورفاه لدى الفرد العراقي، قائلة انه يخصص 70 بالمائة من دخله للصحة والتعليم والترفيه، ونسبة 30 بالمائة المتبقية لتغطية تكاليف الغذاء.

إذا كانت أرقام الوزارة المذكورة صحيحة، فهذا يعني ان الدولة فشلت في القيام بواجبها الأساسي، وفي تنفيذ مواد الدستور التي تلزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين في شتى المجالات والحالات، بالإضافة إلى عدم تطبيق المادة الدستورية، التي تنص على مجانية التعليم في جميع مراحله.

ترى هل تجهل وزارة التخطيط عدد العراقيين الذين يضطرون للسفر لتلقي العلاج في الخارج نظرا لسوء الرعاية الصحية في الداخل، أو اعداد الطلبة الذين يلجؤون إلى الجامعات الأهلية والأجنبية، بسبب عدم توافق مخرجات الجامعات الحكومية مع احتياجات سوق العمل، واملا في عدم الانضمام الى جيوش الخريجين العاطلين عن العمل؟

ان محاولات تزييف الواقع المعيشي للمواطنين لن تنجح في تغيير الواقع المأساوي، وإذا كانت الحكومة جادة في معالجة ظروف المواطنين، فان عليها مواجهة الواقع وتطوير حلول فعّالة لتحسين الخدمات العامة، إضافة الى إعادة النظر في إدارة مؤسسات الدولة، مثل المستشفيات والجامعات والمدارس، لتحسين جودة ما تقدم من خدمات.