اخر الاخبار

في ظل تفاقم مشكلة إدمان المخدرات في العراق، تتسارع الحاجة إلى إنشاء مصحات علاجية متخصصة، بعد أن أضحت ضرورة ملحة في ظل الاحصائيات التي الارقام التي ترتفع بشكل مستمر.

وبحسب مختصين فإن المصحات يمكن أن تلعب دوراً مهما في إعادة تأهيل الأفراد وتمكينهم من ممارسة حياتهم من جديد، بصورة طبيعية بعيدا عن المخدرات.

 وفي وقت سابق، وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ببحث إنشاء مراكز لتأهيل المتعاطين في جميع المحافظات، كما وجه بتشديد التدقيق والإجراءات في المنافذ الحدودية، لمنع أي خرق في هذا المجال، والتأكيد على وزارتي التربية والتعليم بالتوعية بمخاطر هذه السموم وتأثيراتها في المجتمع.

 ضرورة استراتيجية

عضو مجلس النواب عدنان الجحيشي، كشف عن مضامين مشروع بناء المجمعات الشاملة لمتعاطي المخدرات، موضحا أنها ستعالج 3 مشاكل في إطار ملف المخدرات.

وعدّ الجحيشي في حديث صحافي تابعته «طريق الشعب»، مكافحة آفة المخدرات في العراق بأنها قضية تكاملية من خلال 3 ابعاد مهمة، يجب ان تتوفر بشكل يناسب خطر هذه الآفة التي تشكل قلقا عالميا في ظل وجود مافيات متعددة الجنسيات تحاول نشرها في جميع البلدان.

وأضاف، أن السوداني وافق على مشروع المجمعات الشاملة، وأوعز بتخصيص 10 دوانم في كل محافظة من اجل بناء مديرية لمكافحة المخدرات وموقف ومصحة وأقسام اخرى في اطار رؤية موضوعية لمعالجة ملف المخدرات بمراحله، مشيرا الى أن وجود «مصحة تعالج المدمنين ضرورة استراتيجية يضاف لها موقف يتم من خلاله عزل التجار والمروجين عن بقية المتهمين، لان اختلاطهم يخلق اشكاليات كبيرة، ويسهم في نقل الآفة الى اخرين».

 الثمن باهض

رئيسة منظمة نقاهة لمعالجة إدمان المخدرات، ايناس كريم تقول: «كنّا ندفع دائماً باتجاه افتتاح مصحات علاجية، وسعينا في كتابة تعديل قانون مكافحة المخدرات لسنة 2017، ومن ضمن المقترحات التي قدمناها لمجلس النواب، فتح مصحات علاجية تكون أشبه بمصحات أوروبا، ويخضع المريض فيها للعلاج لمدة شهور، وليس يوما أو يومين».

وعن أهمية وجود مثل هذه المصحات أوضحت كريم لـ»طريق الشعب»، إنّها «تقلل من حجم الآفة والمشكلة بنسبة 70 في المائة، ويمكن من خلالها إنقاد حياة الآلاف من الشباب والأسر، وليس فقط المدمنين بل أيضا الشباب المراهقين الذين يعانون من مشاكل اجتماعية ونفسية تؤثر عليهم. وانا متيقنة ان النتائج ستكون جيدة، وان هذه المصحات ستعالج الكثير من المشاكل الاجتماعية، فالمخدرات بالدرجة الاساس ليست مشكلة امنية، بل اجتماعية وتحتاج الى علاج جذري».

وعن الفرق بين مصحات وزارتي الصحة والداخلية اوضحت كريم بالقول: ان «الاولى تعتمد العلاج الطوعي حيث ان المدمن يلجأ للعلاج من ذاته. بينما المصحات التابعة لوزارة الداخلية الموجودة في الانبار والسليمانية ودهوك وفي بغداد ستفتح بعد فترة في جانبي الكرخ والرصافة».

ولفتت الى ان «القانون ينظر الى المدمن على انه مريض وضحية، بالتالي لا يجوز زجه مع المجرمين والسراق وتجار المخدرات والمروجين. ومن الافضل زجه في مصحة علاجية؛ فعقوبة المدمن تعقّد المشكلة لا تحلها، وينبغي مغادرة هذه العقلية في التعاطي مع هذا الملف».

واكدت الناشطة في مجال مكافحة المخدرات، ان «الالية القديمة بزج المتعاطين والمدمنين مع التجار والمجرمين، كلفتنا ضياع الالاف من الشباب»، مردفة «نحن تمكنا من علاج عشرات ومئات الحالات دون عقوبة، بل بالاحتواء واعطائهم فرصة للعلاج والبداية الجديدة».

 

15 الف متهم

وعن أعداد المعالجين من الإدمان من قبل الجهات الصحية، كشف مستشار الصحة النفسية في وزارة الصحة عماد عبد الرزاق عن معالجة 4500 مدمن ومتعاط للمخدرات منذ بداية عام 2022، منوها إلى أن أكثر المتعاطين بأعمار تتراوح من 15 إلى 30 عاما.

من جهتها، أكدت مديرية مكافحة المخدرات القبض على أكثر من 15 ألف متهم بقضايا المخدرات خلال العام المنصرم، بينما ضبطت كميات تقدر بنصف طن من المخدرات، مشيرة إلى أن مادة الكريستال المخدرة تدخل بطرق غير قانونية من محافظات حدودية عدة.

تجربة تحتاج الى تعميم

رئيس مؤسسة حق لحقوق الانسان، عمر العلواني قال ان «ملف المخدرات على ارتباط وثيق بحقوق الانسان، فحقوق الانسان صندوق واحد يشمل كل شيء منها تكوين الاسرة والحصول على عمل ..والخ من الحقوق الاساسية التي تقف المخدرات عقبة في تحقيقها».

وبين في سياق حديثه مع «طريق الشعب»، ان «اخر حوادث القتل داخل العائلة، هي لأفراد متهمين ولديهم سجل سابق مع المخدرات»، لافتا الى ان هناك ضعفا في تطبيق القانون والدولة متهمة بعدم تطبيق المعايير القانونية بشكل صحيح، وهذا ما يؤدي الى تنامي وازدياد حالات ادمان وتعاطي المخدرات.

واكد العلواني ضرورة «وجود مصحات علاجية خصوصاً بعد ان لمسنا وجود اقبال ورغبة في العلاج؛ ففي الانبار العدد تجاوز 40 شخصا خلال شهرين، حيث قام هؤلاء المتعاطون باللجوء الى مركز العلاج من الادمان»، مضيفا «اعتقد بضرورة تعميم هذه الخطوة، واعتماد برنامج متكامل لا يقتصر فقط على فتح المصحات، انما العمل بوسائل متقدمة ومتطورة بواسطة كوادر متخصصة ومدربة مع الاخذ بنظر الاعتبار مراعاة سرية المعلومات والحفاظ على خصوصية المريض واعادة دمج المدمنين مع المجتمع».