تتجه الحكومة الى التعاقد مع شركات عالمية متخصصة بالتدقيق المالي، للحد من الفساد المتفشي في أغلبية دوائر الدولة.

 الأطراف الداعمة لهذا التوجه تقول إن هذه الشركات تمتلك خبرات طويلة في التحري عن المعاملات المالية التي توصف بانها الأكثر تعقيداً والتي تكون متشعبة، لكن مراقبين يعتقدون أن تعدد الجهات الرقابيَّة يُسبب حالة من الإرباك، فضلاً عن التكلفة المالية التي ستتكبدها الحكومة لتعاقدها مع شركات عالمية بهذا الشأن.

وبدلا من ذلك، ينصح المراقبون بالاعتماد على المؤسسات الداخلية ومنحها مزيدا من الاستقلالية والمصداقية والنزاهة والتأهيل العلمي.

 قوة تدقيقية دولية

المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، قال ان “القدرات التدقيقية مختلفة، لا سيما عندما تكون هناك عمليات فساد مالي متشعبة ذات اذرع داخل البلاد وخارجها، والتي تحتاج ـ في واقع الحال ـ الى قوة تدقيقية اضافية.

وأضاف في تصريح خص به “طريق الشعب”، ان “تعاقد الجهات الحكومية مع كبرى شركات التدقيق المالي العالمية الرصينة، سيشكل قوة تدقيقية دولية تسهم في الحد من ظواهر الفساد المتعدد الأطراف، لا سيما ان شركات التدقيق العالمية تمتلك خبرات طويلة في التحري عن المعاملات المالية الأكثر تعقيداً، بخاصة النشاطات والمعاملات المالية والمتشعبة المسماة بالنشاطات المتفرعة ذات الأذرع الطويلة (long arm)”.

وأضاف، أن “التدقيق الشامل المتعدد الأغراض يلعب دوراً في تقوية مسارات طويلة الأمد تعد ذات أهمية راسخة في الإدارة الحكومية، وتمتد في الوقت نفسه عبر مفاصل النشاطات المالية الحكومية المتشعبة الأغراض في بلادنا”.

وتابع صالح، أنه “وفق المعايير الدولية في تطوير كفاءة إدارة المال العام وآليات التدقيق واعتماد أصول المحاسبة الحديثة، فإن الإجراءات الدولية التي تعتمد في التدقيق هي إجراءات تركت أثراً إيجابياً في توفير مناخ إضافي من الوقاية المالية التي تنسجم مباشرة مع المبادئ العامة التي جاء بها البرنامج الحكومي في تطوير النظام الإداري الحكومي الرقمي”. ونوه صالح الى انه “في القضايا التدقيقية التي تمتد لتشعبات خارجية، نحتاج الى الاستعانة بهذه المؤسسات التدقيقية الكبرى الموثوقة والتي لها باع في هكذا نوع من القضايا، علماً ان الاستعانة بها لا يكون في أي قضية بل ينحصر بالقضايا الاستثنائية والكبيرة كما في سرقة القرن”.

 مرهونة بإرادة حكومية

مقرر اللجنة المالية البرلمانية في الدورة النيابية السابقة، أحمد الصفار، ذكر ان “شركات التدقيق العالمية، وإن كانت تمتلك خبرات طويلة في عمليات التدقيق والبحث والتحري، إلا أن العراق لا يفتقر لهذه الكفاءات، فالكثير من الخبرات الأكاديمية والمهنية تمتلك الخبرة الكبيرة في أصول المحاسبة والرقابة، فضلاً عن أنَّ هذه الخبرات الوطنية تكون أدرى بتفاصيل الشؤون المالية في العراق”.

وقال أن “مسألة تدقيق المال العام والوصول إلى العدالة والحرص على المال العام والتصدي للفساد، تحتاج إلى إرادة حكومية قوية لإنجاح هذه العملية”.

وأشار الصفّار إلى ان “تعدد الجهات الرقابية قد تسبب حالة من التشتت والإرباك، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الخبرات الوطنية أكثر حرصاً في المحافظة على المال العام من الشركات الأجنبية، التي يكون الغرض من التعاقد معها هو الحصول على الأموال، وبالتالي ستكون مُكلِفة على العراق”.

 عناصر اساسية

رئيس مركز العراق للدراسات والتحليل الاستراتيجي، جليل اللامي اوضح ان عمل هذه الشركات يستند الى “قانون الإدارة المالية الاتحادي النافذ رقم 6 لسنة 2019 المعدل، فضلاً عن التعليمات والإجراءات الرقابية الوطنية النافذة للعمل على النشاطات والمعاملات المالية والإدارية ذات الارتباطات الواسعة والمتشعبة والمسماة بالنشاطات المتفرعة ذات الأذرع الشائكة”.

ولفت في حديثه مع “طريق الشعب”، الى انه “برغم أهمية هذه الخطوة لكن لو تم الاعتماد على المؤسسات الداخلية ومنحها مزيدا من الاستقلالية والمصداقية والنزاهة والتأهيل العلمي والخبرة، فان ذلك يعتبر من العوامل الرئيسة والمساعدة في مكافحة الفساد المالي والإداري”.

واشار الى ان “تبني أقسام أو وحدات الرقابة والتدقيق الداخلي معايير التدقيق المحلية والدولية، يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة المدققين الداخليين”، مطالبا الحكومة بـ”تطوير كفاءة أداء المدققين الداخليين من خلال العمل على تحسين جودة العناصر الأساسية للمسؤولية المهنية لدى المدقق الداخلي”.

عرض مقالات: