اخر الاخبار

مرّ عام كامل على تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي جاءت بعد عزوف واسع جداً عن الانتخابات النيابية السابقة، ومخاض عسير وصراع محتدم، وبعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان، ومن عملية تشكيل الحكومة.

وإثر تشكيلها بتاريخ 27 تشرين الاول ـ 2022، قدّم السيد محمد شياع السوداني برنامجه الحكومي، فماذا حققت حكومة السوداني بعد عام من تشكيلها من ذلك البرنامج؟

أزمة عميقة

في هذا الصدد، قال رئيس مركز التفكير السياسي د. احسان الشمري انه “طبقاً للبرنامج الحكومي الذي دفع به رئيس مجلس الوزراء، يبدو ان هناك تراجعا كبيرا عما تضمنه في القطاعات الاقتصادية والخدمية وايضاً في المحور التشريعي، اضافة لعدم الالتزام بالاتفاقات السياسية لا سيما انها ادرجت ضمن الاتفاق السياسي، الذي صوت عليه مجلس النواب ضمن البرنامج الحكومي”.

وأضاف الشمري في حديث مع “طريق الشعب”، أن “القيود السياسية لا تزال قائمة، والحكومة هي حكومة محاصصة ليس فقط على مستوى الوزراء، بل حتى المناصب الاخرى، وهذا ما حال دون صنع فارق على مستوى الإنجازات”.

وأردف الشمري بالقول انه “برز مؤخراً عدم قدرة الحكومة في اهم ملفين هما الدولار وانهيار العملة العراقية، وهذا اثر بشكل كبير على مستويات الحياة، بالاضافة الى ملف اخر وهو الملف الامني الذي برز بشكل ملحوظ بعد الحرب على غزة، حيث يشير معدل الاستهدافات الى عدم قدرة الحكومة على ضبط الامن، وهذا ينسحب على الجوانب الاستثمارية والشركات التي يمكن ان تستثمر في العراق”.

وفي إطار مكافحة الفساد، ذكر ان “الحكومة لا تستطيع ان تخرج من حلقاتها المفرغة، وايضا طبيعة معالجة بعض القضايا لم تكن بمستوى الطموح”، مشيرا الى انه “لا توجد منجزات على مستوى العديد من الملفات الاستراتيجية على رأسها ملف الكهرباء والمياه والصناعة والزراعة. لذلك نقول ان الحكومة في تراجع كبير حتى مع وعود الموازنة الثلاثية التي لم تطبق على ارض الواقع. وفي ضوء كل هذا لا يمكن اعتبار العام الاول على انه عام منجزات بالنسبة للحكومة، بل هو عام تراجع بالنسبة للكثير من الملفات”.

ونبّه رئيس مركز التفكير السياسي الى ان “التضييق على المعارضة وملاحقة اصحاب الرأي يؤشر ان الازمة السياسية لا تزال متصاعدة، واكثر من ذلك عدم الايفاء بمطلب الانتخابات المبكرة التي اقرها البرلمان، وهذا جزء من الازمة السياسية الحالية، لذلك لا يمكن الاعتماد على عملية تسويق الاستقرار السياسي التي لا تعكس الواقع العراقي، بالتالي هناك أزمة عميقة ترتبط بقضية إصلاح النظام السياسي وستنفجر بوجه الحكومة”.

كحال الحكومات السابقة

من جانبه، قال القيادي في قوى التغيير الديمقراطية، مشرق الفريجي، “أننا امام عام فساد اخر، خصوصا عند الحديث عن الكثير من الوعود التي لم تكن الحكومة جادة في تنفيذها، ابتداء بكذبة القرن (مسرحية سرقة القرن) والإفراج عن المتهمين بعد توقيفهم لأيام معدودة. ولغاية اليوم لم نعرف شيئا عن الأموال التي استرجعت، وعن المتهمين الآخرين، بل جرى الإفراج عن المتهمين الموقوفين”.

وأضاف قائلا لـ”طريق الشعب”، أن “الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار بشكل واضح في ظل عدم وجود معالجات ناجعة وغياب سيطرة الحكومة على السوق، وايضا عدم سيطرتها على سعر صرف الدولار الذي وصل الى 162 الف دينار لـ 100 دولار، بينما السعر الرسمي هو 132، وهذا كله يرهق المواطن ويضعف القدرة الشرائية”.

واكد، ان “هذه القضايا الثلاث كافية جداً لأن نقول ان الحكومة الحالية كسابقاتها، ولم تختلف عنها بشيء، ابتداء من طريقة تشكيلها على نهج المحاصصة وأدواتها وقواها السياسية، وبحماية السلاح المنفلت الذي يُسلط على أصحاب الرأي والناشطين”.

وتابع الفريجي، “نستذكر تعبير احد زعماء الاطار التنسيقي حين قال ان السيد السوداني هو مدير عام لدى الاطار، وبالتالي يمكن اقالته اذا لم يستجب للمطالب السياسية لتلك الكتل، خصوصاً وهو دون سند سياسي قوي باعتبار انه لا يملك سوى مقعد او مقعدين داخل البرلمان. وبالتالي سيكون مسيرا وليس مخيرا”.

وختم حديثه قائلاً “لا نريد من الحكومة ان تنجز كل شيء، لكن على اقل تقدير ان تكون هناك بوادر لأشياء. وهذه البوادر غير متحققة هذه السنة، وما يجري الان جرى في الاعوام السابقة، وهو تصوير رئيس الوزراء على انه قائد متمكن وإثارة الإعجاب، لكن لا توجد بوادر لعملية تصدير خدمة حقيقية للناس وإبعادهم عن الجوع لغاية اللحظة”.

نحتاج الى تطبيق الافكار

ويرى الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، أن ماجاء به السوداني من طرح، شدد فيه في بادئ الامر على انهاء البيروقراطية ومكافحة الفساد وانهاء البطالة واحياء الصناعة المحلية، وهذا يندرج ضمن خانة طرح الافكار، ولكنه يحتاج إلى تطبيق.

وقال انطوان، في حديث صحفي إن “جهاز الدولة لايزال يعاني ويحتاج إلى تأهيل وتطوير للنهوض بالواقع الاقتصادي، من خلال القضاء على الفساد واختيار الشخصيات المناسبة لإدارة الخطط الاقتصادية، وبالرغم من التركيز على جوانب معينة كمشاريع الطرق والمدن، ومع مرور هذه الفترة، إلا أنها ليست إنجازات بمستوى الطموح”.

وأضاف انطوان، أن “البلاد تعاني من الفقر والبطالة والارهاب الاقتصادي (الفساد)، فضلاً عن استمرار الاستيراد الخارجي للسلع والبضائع، وهذه جميعها لم تعالج حتى الآن”.

وعن ازمة سعر صرف الدولار ذكر انطوان، أنه “لا تزال عملية استقرار السوق النقدية، دون المستوى المطلوب رغم الاجراءات الحكومية المتعددة، وهذا الامر يدل على وجود مافيات كبيرة تتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين، تحد من جميع الاجراءات”، لافتاً الى أن “من مهام الحكومة العراقية هو انهاء نشاط هذه العصابات التي تتلاعب باسعار الصرف، فضلاً عن اتخاذ اجراءات سليمة تكمن في تقوية الانتاج المحلي عبر الزراعة والصناعة والسياحة والسياسة النقدية، وعندما يكون الاقتصاد الداخلي متيناً، فهذا يؤشر على عدم حاجة البلاد للدولار لغرض الاستيراد، فضلاً عن تنشيط القطاعات الداخلية التي ستنهي البطالة والفقر، الا ان استمرار ارتفاع الدولار يعد التحدي الاكبر امام الاقتصاد العراقي”.

وتضمن المنهاج الوزاري للسوداني، في بعض فقراته العمل على تحسين قطاع الإعمار والخدمات البلدية، ومكافحة الفساد وهدر المال العام، فضلاً عن تحسين زيادة الإنتاج الزراعي وحمايته، وتطوير القطاع الصناعي وإعادة الثقة بالمنتوج العراقي، وتطوير الصناعة النفطية، وإعادة هيكلة الموازنة العامة وإدارة المال العام لتقليل ضغط الانفاق الاستهلاكي، وتحسين جودة خدمات الاتصالات وحمايتها وتطوير قطاع النقل، وهذه كلها تنتظر التنفيذ.