اخر الاخبار

أثبتت التجربة التاريخية أن الأزمات والظلم والاضطهاد وسوء الاوضاع هي أحد اهم العوامل التي انطلقت منها شرارة أي انتفاضة او ثورة شعبية في مختلف مجتمعات العالم، وهو ما حدث تماما في تشرين 2019، حيث ادى تراكم الازمات والمشاكل وتردي الاوضاع عموماَ الى تفجر غضب الشباب الذين غصّت بهم ساحة التحرير في مثل هذا اليوم، ساعياً للإطاحة بمنظومة سياسية تعتاش على معاناته.

 وبدل ان تستوعب السلطة غضب الشباب المبرر وموقفه الحازم منها، كان لها رأي اخر تماماً حين تعاملت مع هبة الشباب الغاضب بعدم مسؤولية واجرام حيث قمعت المحتجين السلميين، وبدل ان تسعى ذات القوى الى معالجة الاسباب التي دفعت الشباب للانتفاض، تمسكت بنهجها السياسي الفاشل الذي عمق من هذه الازمات اكثر من ذي قبل برغم مرور اربع سنوات على ذكرة الانتفاضة.

 تفاقمت وتعمقت

في هذا الشأن، قال المنسق العام للتيار الديمقراطي، زهير ضياء الدين، ان الواقع المأساوي الذي يقاسيه الشباب والمواطنون عموماً، نتيجة هيمنة قوى السلطة وسياساتها الفاشلة التي ازمت الاوضاع وسوء الواقع الاقتصادي وغياب المتطلبات الاساسية للعيش الكريم، كانت احد اهم الاسباب التي ادت الى تفجر الانتفاضة والتفاف الشعب حولها وادامة زخمها.

واشار في حديث خص به «طريق الشعب»، الى ان «قوى السلطة المتنفذة كانت وما زالت تتخذ موقفا معاديا لحرية التعبير عن الرأي، وتجسد هذا الموقف بوضوح في تصديها لانتفاضة تشرين بوحشية خلفت الآلاف من الجرحى ومئات الشهداء والمصابين اصابات بليغة، على يد من سمتهم الحكومة آنذاك بالطرف الثالث».

وتابع قائلا: ان هذه العوامل وغيرها «ساهمت في دفع المواطن العراقي لأن ينتفض من اجل كرامته وحقوقه في سبيل ان ينعم بحياة كريمة ودولة ذات سيادة كاملة، بعيداً عن التدخلات الخارجية. ومن المؤسف ان الاسباب والعوامل التي ادت الى انطلاق الانتفاضة ما زالت قائمة وتعمقت اكثر».

واضاف قائلا: ان القوى المتنفذة المسيطرة على الحكومة لا يهمها سوى احتكار السلطة والنفوذ وتوسيع الثروات على حساب مصالح الناس، وهذا بدأ يترجم بشكل ملموس من خلال مشاريع قوانين تطرح وشرع، من بينها قانون الانتخابات الذي يخدم مصالحها، وهناك على قائمة الانتظار مسودات قوانين تضيق على حرية التعبير وتكمم الافواه».

وخلص الى ان «التيار الديمقراطي ينظر الى انتفاضة تشرين على انها تعبير حقيقي عن طموحات الشعب العراقي ومعبر عن رفض المواطنين لقوى السلطة المتنفذة، ومن واجبنا تعبئة المجتمع من اجل التغيير الشامل والجذري بالوسائل الديمقراطية».

تشرين لحظة ليست عابرة

 من جانبه قال المحلل السياسي اياد العنبر ان الانتفاض على السلطة بات من البديهيات وحتى الطبقة السياسية نفسها تؤمن بأن هناك مشكلة على مستوى النظام السياسي والاداء وعلاقة المواطن بالحكومة، لذلك لم يعد السؤال عن الاسباب اشكاليا، فالأمور باتت شبه واضحة ومتفق عليها.

ولفت في حديث مع «طريق الشعب»، الى ان «الطبقة السياسية والشعب لم يتفقوا في شيء الا على غياب المنجز والمشكلة في العملية السياسية، ومن جانب اخر هناك غياب التمثيل الحقيقي لإرادة الناس في التعبير عن اختياراتهم حتى وان كانت هناك انتخابات، ولكن مخرجاتها لا تتلاءم مع انتاج منظومة حاكمة قادرة على الاستجابة لمتطلبات الجمهور».

وفي ما يتعلق بتسويف مطالب محاسبة قتلة المنتفضين، يراها العنبر انها: «أصبحت طبيعية في ظل منظومة حاكمة ونظام سياسي لم يرسخ فيه مبدأ المساءلة والمحاسبة وعلو سلطة القانون على اي شيء، وهذا يشمل ملفات وقضايا كثيرة مثل قتل المتظاهرين والفساد وملف المغيبين والمختطفين فالكثير من الاسماء كانوا ضحايا لرأي او موقف او احتجاجات، وهذا غائب عن اي ملف يتعلق بحقوق المواطنين وحرمة ارواحهم وحتى في قضية المال العام».

وشدد العنبر على ضرورة ان «لا نبقى نفكر بتشرين باعتبارها ذكرى، بل ان نفكر في انها لحظة احتجاج مهمة في تاريخ العراق، وكيفية التعبير عن رفض منظومة الحكم السلطوية واحزاب السلطة التقليدية، وان يكون لنا موقف من قوى السلطة وتغولها وفسادها، في اليات وطرق سواء كانت احتجاجا او رفضا او مواقف سياسية»

وخلص الى ان تشرين لحظة غير عابرة، بل مفصلية، واصبحت تاريخا لذلك علينا ان نفكر في المستقبل.

 عزلت قوى السلطة

الى ذلك، قال الناشط المدني، احمد تاج ان «تشرين حدث تاريخي غرس فكرة الرفض لقوى المحاصصة والفساد. وكانت نقطة تحول لدى المواطنين أفرادا وجماعات اجتماعيا وسياسيا برغم محاولة السلطة التعتيم على هذا الحدث الإيجابي الذي وصل صداه إقليميا ودوليا، وكاد يطيح بهم جميعا، وايضا أفرز قوى منافسة جادة لإحداث التغيير».

ونوه في حديثه مع «طريق الشعب»، بان «ما يحسب للانتفاضة هو انها عزلت قوى السلطة عن اغلبية المجتمع، وشجعت على الاحتجاج في سبيل نيل الحقوق وانتزاعها».