اخر الاخبار

في لحظة لم تتوقعها قوى السلطة، انطلقت في مثل هذا اليوم شرارة انتفاضة تشرين المجيدة، التي سطر فيها الشباب العراقي اروع البطولات والملاحم حين تلقوا بصدور عارية رصاص قوى السلطة التي فقدت شرعيتها مع اول اطلاقة اخترقت راس متظاهر سلمي سقط شهيداً في ساحة التحرير.

ومع مرور اربع سنوات على هذه الذكرى الاليمة لا يزال ملف قتلة المتظاهرين والجهات التي تقف خلفهم مفتوحاً، ورغم الوعود الحكومية وتشكيل اللجان الا ان التسويف كان هو محصلة ما خرجت به هذه اللجان من نتائج كما هو معتاد. فيما اكد معنيون ان هذه الجرائم لا يمكن ان تسقط بالتقادم، مشددين على ضرورة ترسيخ مبدأ عدم الافلات من العقاب.

 ضرورة واجبة وليست خياراً!

الناشطة السياسية رؤى خلف، اعتبرت التسويف في محاسبة قتلة المنتفضين “انتهاكا لحقوق الانسان وتقصيرا متعمدا من الجهات المعنية بمتابعة هذا الملف”، بل لا تزال تلك الانتهاكات تمارس مع ذوي الضحايا. بمعنى انه انتهاك مركب؛ مرة على الضحايا وأخرى ضد ذويهم.

وقالت خلف في حديث مع “طريق الشعب”، إن هذا التقصير متعمد وهو اصبح سياقا ممنهجا تتخذه كل الجهات الرسمية التي دائماً ما تعلن عن تشكيل لجان في قضايا الانتهاكات والتغييب وغيرها من الأمور، لكن هذه اللجان معروف ان تشكيلها كان لامتصاص غضب الشارع، وحتى الان لم تكشف أي لجنة تقصي حقائق عن أي نتائج في أي قضية، وليست تشرين فقط.

واكدت ان هذا “التسويف وتهميش حقوق الافراد المنتهكة خطر جدا، وان قضية العدالة الانتقالية مسألة مهمة وتعويض الضحايا ضرورة وواجبة وغير خيارية، وهناك قانون ينظم هذا الموضوع، وتسويف هذه القضية مخالفة واضحة للقوانين”.

وخلصت خلف الى القول “انا مؤمنة بانه في ظل استمرار التداعيات والاسباب التي ادت الى اندلاع الانتفاضة وتفاقمها، فإن هذا يعني بالضرورة تفجر انتفاضة ثانية مستقبلاً مع تراكم الازمات والمشاكل التي تثقل كاهل المواطنين، كما حدث في تشرين”.

 مسؤولية تضامنية!

الخبير القانوني علي التميمي اكد في مستهل حديثه انه “وفق اتفاقية منع الإبادة الجماعية ١٩٤٨ عرفت الابادة الجماعية بأنها استهداف طائفة او فئة بشكل يخالف القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذه الاتفاقية وقع عليها العراق”.

وتابع قائلا: ان “الاعتداء الذي طال المتظاهرين في بغداد والناصرية وكربلاء والنجف هو عمل ارهابي وفق القانون العراقي، لان من اول واجبات الحكومة ومسؤوليتها هو الأمن العام”، مبينا ان الحكومة وفقا للمادة ٤٠٦ من قانون العقوبات القتل العمد، والمادة ٤١٢ الخاصة بأحداث العاهة، يجب ان تخضع للمساءلة.

واكد التميمي في حديثه مع “طريق الشعب”، ان هذه “الجرائم لا تسقط بالتقادم ويمكن تحريكها واثارتها في اي وقت، وعلى ما يبدو ان هناك مسؤولية تضامنية بين القادة والمسؤولين مع القتلة، على الرغم من ان هذه الجرائم تخالف الدستور والمواثيق الدولية والقانون العراقي وتتعارض مع المبادئ التي نص عليها الدستور بما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي”.

وبيّن انه وفق القانون العراقي “المادة ٢٤ من قانون العقوبات العسكري يكون الآمر مسؤولا عن الجريمة ويعد شريكا وان لم يعط الاوامر بالقتل، وكذلك الحال في المادة ٥٢ من قانون قوى الأمن الداخلي، وحتى في قانون العقوبات العراقي تحاسب المادتان ٤٨ و٤٩ على التحريض والتوجيه والمساعدة، ويُساءل القادة عن القتل العمد وإحداث العاهات والأضرار الجسدي”.

 ارهاب الدولة

الناشط السياسي يعقوب محسن حمّل رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي المسؤولية القانونية كاملة، إذ أن حكومته صرحت بأن هناك طرفا ثالثا يقتل المتظاهرين، بينما لم تكلف نفسها بحمايتهم او الكشف عن هذا الطرف، وهذا لا يمكن ان يبعد رئيس الحكومة عن المسؤولية الملقاة على عاتقه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة.

وأشار في حديثه لـ”طريق الشعب”، الى انهم سيستمرون بالمطالبة بمحاسبته وان يقدم للعدالة. ومن جهة اخرى فإن الاذرع المسلحة لقوى السلطة المتنفذة هي المتورط الاخر بدماء المنتفضين في تشرين، وتدخل السلاح المنفلت في اللحظة التي شعرت قوى السلطة المتنفذة بان هناك تهديدا حقيقيا لمصالحهم ووجودهم، وذلك من خلال القمع والترهيب وعمليات الاغتيال والاختطاف التي يسبقها تحريض من خلال إعلامهم.

ونبّه إلى ان “الأحداث والممارسات الدموية والعنفية التي عاشها المنتفضون كانت ممنهجة. كما أن الحكومة لم تتدخل برغم معرفتها بما يحدث من مجازر حصدت ارواح الشباب. وهذا لا يمكن لنا الا ان نسميه بإرهاب الدولة”.

وأكد الناشط السياسي، ان “ما يهمنا هو كيفية انصاف الشهداء والجرحى من خلال محاسبة القتلة بالدرجة الاساس، وان يكون هناك باب حقيقي لتحقيق العدالة، وليس كما شهدنا من احداث مخزية مثل اعتقال فرقة الموت بمحافظة البصرة التي غابت مساع محاسبتهم، ولا نستبعد تهريبهم ايضا، كما حدث مع قاتل الشهيد هشام الهاشمي بعد ان كسب قرارا تمييزيا بإلغاء حكم الإعدام ضده، وإعادة التحقيق من خلال ترتيب اوراقه”.

وخلص الى انهم يعتقدون ان “كل الاجراءات التي اتخذت في هذا الملف لا ترتقي ابداً الى ما يتمناه ذوو الضحايا والشهداء، ولا يمكن بهذه الطريقة ابدا انصاف الشهداء وعوائلهم وبرغم ان حكومة السوداني اعطت مدة اقصاها 6/26 من هذا العام لحسم هذا الملف واظهار النتائج، لكن لغاية الان لم يصدر اي تقرير. لذلك اقول اننا بحاجة الى ترسيخ مبدأ عدم الافلات من العقاب بكل اشكاله، وعلى مختلف المستويات وليس في ملف القتلة وحده”.