اخر الاخبار

الإعلام وتسويق حرب العراق

على ضوء تصاعد دور الإعلام مؤخراً، مع اشتداد الحرب على غزة، كتب توماس وتكنس مقالاً في صحيفة (ذي ناشينول) أشار فيه إلى تزعزع الثقة بالمؤسسات الإخبارية الأمريكية الكبيرة. وإعتماداً على نتائج استطلاع، نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أكد ويتكنس على أن أكثر من نصف الأمريكيين الآن ينظرون إلى وسائل الإعلام بشكل سلبي، ويشعرون بأن معظمها يحاول عمدًا تضليل الجمهور العام أو إقناعه بطريقة مخالفة للواقع.

جذور الأزمة

وأعرب وتكنس عن اعتقاده بأن عصر الاستقطاب الجديد الذي نعيشه، والذي استخدمه الرئيس السابق دونالد ترامب كسلاح واستثمرته غرف الأخبار من كل التوجهات السياسية، ساعد كثيراً الأميركيين على إهمال القصص التي لا يتفقون معها، أو وصفها ببساطة بأنها خيالية. وأرجع جذور أزمة الثقة هذه إلى عامي 2002 و2003، حين عملت إدارة جورج دبليو بوش بلا كلل على ترويج فكرة غزو العراق للأميركيين الذين كانوا لا يزالون يعانون من صدمة الحادي عشر من أيلول 2001. وشملت تلك الحملة ماقدمه كولن باول، وزير الخارجية آنذاك، من أدلة على وجود مخزون هائل من أسلحة الدمار الشامل في العراق، بإعتبارها حقائق واستنتاجات مبنية على معلومات استخباراتية قوية، وبرامج المحافظين الجدد الهادفة لتبرير التدخلات الأجنبية، وأكاذيب بوش حول امتلاك كوريا والعراق لإسلحة دمار شامل، والربط بينها وبين أحداث ايلول، إلى الحد الذي قال فيه بوش يوم 8 أذار 2003 (إن الهجمات أظهرت ما فعله أعداء أميركا بأربع طائرات، و لن ننتظر لنرى ما يمكن أن يفعله الإرهابيون أو الدول الإرهابية بأسلحة الدمار الشامل).

ضعف الثقة

وكمثال على ذلك، ذكر ويتكنس تورط مراسلة لصحيفة نيويورك تايمز، في نشر معلومات سربتها لها إدارة بوش عن البرنامج النووي المفترض للعراق، ثم ظهور كبار المسؤولين في إدارة بوش ـ بما في ذلك رامسفيلد وباول ـ في البرامج الإخبارية مستشهدين بالصحيفة والمراسلة كدليل على أن الغزو كان مبرراً. كما صبغ تدخل الجيش الأمريكي في اختيار المراسلين من أرض المعركة، تقاريرهم بالكثير من التحيز.

ووفق ويتكنس، أدى فشل الصحافة في التدقيق بمدى صحة هذه الإدعاءات ودقة المصادر الإستخبارية التي جاءت منها واستشراف حجم الكارثة التي ستحدث بسببها وإجماعها على صحة ما يسّوق حينها، قد أفقدها الكثير من المصداقية وزعزع ثقة القراء بها.

ونبه المقال الصحفيين إلى عدم اللهاث وراء الأخبار والتدقيق في الادعاءات والتحقق منها، وطرح الأسئلة الصعبة التي تكشف جوهرها كي يحافظوا على مصداقيتهم. ورأى ويتكنس بأن انجراف الصحافة الأمريكية وراء تبريرات حرب العراق سبب لها شيئاً من الانهيار المنظم، مع بعض الاستثناءات الملحوظة.

الصراع الداخلي

واعتبر ويتكنس ما جرى في السنوات الأخيرة، من تغطية للأخبار حول صراع الديمقراطيين والجمهوريين، والتغطية المنحازة التي نشهدها لمشاكل ترامب، ومن الطرفين، تأكيداً آخر على تدهور الإعلام الأمريكي، ومؤشراً على أن المصداقية ما زالت في سبات عميق!