اخر الاخبار

ضيّف الملتقى الحواري الشهري لـ “طريق الشعب”، الثلاثاء الماضي، شخصيات أكاديمية، للحديث عن موضوع الاستقرار والتهدئة، وايهما هو التوصيف الادق للوضع الراهن في العراق.

وشارك في اللقاء كلٌّ من عميد كلية العلوم السياسية السابق في جامعة بغداد د. عبد الجبار احمد، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية د. عصام فيلي، إلى جانب رئيس تحرير الجريدة الرفيق مفيد الجزائري وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي د. صبحي الجميلي، وعضو هيئة التحرير الرفيق علي شغاتي.

الترحيب بالضيوف

وفي بداية اللقاء، رحّب الرفيق مفيد الجزائري بالضيوف الكرام، موضحاً الحاجة الى تداول موضوع التهدئة أو الاستقرار مع باحثين متمرسين في المجال السياسي، من أجل الوصول إلى التوصيف الدقيق للحالة العراقية.

وأوضح الرفيق د. صبحي الجميلي الذي أدار الجلسة، أن “طريق الشعب” دأبت على عقد جلساتها الشهرية في مسعى لتسليط الضوء على القضايا المهمة والجوهرية الراهنة وتوصيفها بالشكل الدقيق من أجل نقلها وطرحها على صناع الرأي والقراء والجمهور على حد سواء، متسائلاً: هل يمكن تحقيق الاستقرار دون معالجة تمس جوهر الازمة؟ وعلى ماذا يستند الحكم بأن هذا البلد مستقر أو العكس؟

مصطلحات متعددة

عميد كلية العلوم السياسية السابق، د. عبد الجبار أحمد، أشار إلى أن رئيس الوزراء كان يستخدم مصطلح “الهدوء” في بداية تشكيل الحكومة، قبل أن ينتقل إلى استخدام مصطلح “الاستقرار”، وتوجه بعد ذلك إلى استخدام عبارة “ركيزة الاستقرار في المنطقة”.

وأشار إلى أن “الاستقرار يتحدد بواسطة عوامل داخلية وخارجية، وأن إطلاق المصطلح على الوضع العراقي لا يتفق مع المعطيات الحالية. فالمؤشرات العالمية المحددة للاستقرار بتنوعها واختلاف مدارسها تؤكد أن الاستقرار لا يتحقق بوجود العنف السياسي وتهديد السلم الأهلي وتراجع هيبة الدولة وعدم مشاركة المواطن في صنع القرار السياسي”.

مفهوم الاستقرار

من جانبه، أكد د. عصام فيلي، ان مفهوم الاستقرار السياسي يستند الى قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات تصب في خدمة الشعب، مبينا ان الصراع السياسي بين القوى المتنفذة قوّض الاستقرار، كما قوض عملية بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية.

واضاف، ان المنظومة السياسية لم تنجح في مغادرة نهج الزعيم الواحد وتقريب الذوات والاقرباء، مبينا ان النفوذ الاقتصادي يقود الى النفوذ السياسي وهذا امر طبيعي في كل دول العالم، مردفا أن ما يحدث في العراق هو ان النفوذ السياسي هو من يقود النفوذ الاقتصادي خاصة في ظل استشراء ظاهرة الاثراء على حساب المال العام.

وأشار فيلي إلى حالة من الاستقرار النسبي، فيما تسعى الحكومة الى القيام بإجراءات التعيينات والابتعاد عن الدخول في المشاكل والصدامات، موضحًا أن الأحزاب المتنفذة هي من تقوض عملية الاستقرار من خلال عدم إيمانها بالدستور والقوانين النافذة، فهي ما تزال لم تأخذ بعدًا تنظيميًا سليمّا، ولم تستطع مغادرة خطاب الكراهية. وانتقد فيلي تراجع الحكومة عن إقامة الانتخابات المبكرة ورمي الكرة في ملعب البرلمان، والتوجه نحو تنظيم انتخابات محلية، مشيرا الى انه “من المعيب على القوى المتنفذة إصرارها على العمل بمبدأ الوصول الى السلطة من أجل التشبث بها والاستئثار بمغانمها دون وجود عمل حقيقي يصب في خدمة الناس”. وبيّن، أن العديد من القوى السياسية لم تعد تؤمن بما كانت تؤمن به في أيام معارضتها للنظام الدكتاتوري، مؤكدًا أنه لا استقرار دون استعادة البنية الاجتماعية ومحاربة الأمية والتسرب من المقاعد الدراسية وتوفير الخدمات والرعاية الصحية والاجتماعية.

الأسس الصحيحة لبناء الدولة

الرفيق مفيد الجزائري أشار، بدوره، إلى أنه حتى مصطلح التهدئة كبير جدًا على الوضع العراقي في ظروفه الراهنة، مؤكدًا أن الاستقرار لا يتوفر إلا في حالة بناء الحياة السياسية على أسس مدنية وديمقراطية عبر دستور معتمد ومطبق بكل حذافيره.

وأضاف الجزائري، أن تحقيق الاستقرار يتطلب تكريس الحقوق والحريات الأساسية واعتماد مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية وضمان سيادة القانون ونفاذه والفصل بين السلطات وهذه شروط أساسية لتحقيق الاستقرار، موضحًا أن العمل على تهدئة الأوضاع من خلال إجراءات ترقيعية وتجاهل المعالجات الحقيقية لا يمكن أن يصل بالبلد إلى بر الأمان. وأكد د. صبحي الجميلي، أن “إطفاء بؤر التوتر لا يقود إلى بناء دولة مؤسسات حقيقية، خاصة بعد استبدال الأعراف السياسية للقوى المتنفذة بالنصوص الدستورية”، مبيناً أن “تجربة الدولة الثيوقراطية فشلت وعلى الجميع الذهاب باتجاه تعزيز بناء الدولة المدنية الديمقراطية”.

التشديد على الحكم الرشيد

وبالعودة لعميد كلية العلوم السياسية د. عبد الجبار أحمد الذي أكد أن “الحديث عن استقرار في الوضع الحالي أمر غير صحيح، خاصة وأن الحكومة نفسها تجاوزت على منهجها الحكومي”، مبيناً أن “التلاعب في الألفاظ هو تشويه للحياة السياسية في العراق”.

وأشار إلى أن “استثمار القرارات القضائية لأغراض سياسية ووجود سلاح خارج إطار الدولة وغياب الرؤية الحقيقية لبناء مؤسسات الدولة يقوض أي استقرار مزعوم”، مبيناً أن “الوضع في العراق يمكن تشبيهه بالهدوء الذي يسبق العاصفة خاصة في ظل كمية المشاكل والتعقيدات المسكوت عنها والتي لم تعالج بصورة جدية”.

وشدد أحمد على أن “الحكم الرشيد وعدم الاستئثار بالسلطة والاستماع الى الرأي الآخر هو ما يعزز الاستقرار وهذا أبعد ما يكون عن العراق في الوقت الحالي”.