اخر الاخبار

برغم امتلاك العراق خزينا هائلا من الغاز الحر وكميات اخرى كبيرة من الغاز المصاحب لا تقل اهمية عن النفط، الا ان البلاد لم تحقق استفادة ملحوظة من هذه الثروة.

ويؤكد معنيون، ان السبب الرئيس في تعثرنا عن استغلال هذا المورد الاقتصادي هو الارادة الخارجية التي تعرقل أي مسعى لتطوير هذا القطاع.

ويعتبر العراق من بين تسع دول مسؤولة عن غالبية عمليات حرق الغاز، والتي تستحوذ على نحو نصف الإنتاج العالمي من النفط.

وتفيد بيانات البنك الدولي بأن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. في عام 2020 بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.

 

هدر 4 مليارات دولار سنوياً

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد في وقت سابق ان العراق سينهي استيراد الغاز من الخارج خلال 1-3 سنوات.

وأشار السوداني الى ان «هناك حرق للمال» في اشارة الى هدر الثروة الغازية، مبينا «يتم حرق 1200 مقمق يومياً، في حين يستورد العراق من ايران 1000 مقمق يومياً».

وبحسب السوداني، فإن هدر الغاز المصاحب يكلف البلاد ما يقارب 4 مليارات دولار سنوياً.

ملخص النشاط الغازي

في هذا الصدد، يوضح الناطق الرسمي لوزارة النفط، عاصم جهاد ان وزارته تعمل على اكثر من محور في هذا الاطار: محور يتعلق بالغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، والغاز الحر. ولكل محور هناك مشاريع، مؤكدا ان «الوزارة تطمح لان توفر كميات كبيرة تتناسب مع الخطط الحكومية والوزارية».

وقال في تصريح لـ «طريق الشعب»، ان «الغاز المصاحب يشكل النسبة الاكبر في الثروة الغازية في العراق، بعد عام 2010 تم تأسيس شركة غاز البصرة التي وضعت في خططها استثمارا بحدود 2000 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم من الحقول النفطية، ووصلت الان باستثماراتها بحدود 1000 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم، وحققت اكثر من 50 في المائة من خطتها الاستثمارية».

وفي ما يتعلق باستثمار الغاز في حقول ميسان يذكر جهاد ان «هذا المشروع سينجز مطلع العام القادم، ويتمثل باستثمار غاز الحلفاية بحدود 300 مليون قدم مكعب قياسي، وستتم اضافة 5 مشاعل في هذا الاطار»، مبينا ان المشروع الاخر هو «استثمار الغاز من حقول ذي قار والوزارة قطعت شوطا مهما، اذ سيضيف بحدود 200 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم». ويبين المتحدث، ان المشروع الاخر الذي ابرمته الوزارة مع شركة توتال يتضمن استثمارا بحدود 600 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم، ويكون على مرحلتين لكل مرحلة 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، في خمسة حقول نفطية بمحافظة البصرة.

وفي ما يخص الغاز الحر يوضح جهاد ان وزاراته دعت مؤخراً الشركات العالمية الى المشاركة في جولة التراخيص السادسة، من اجل استثمار الرقع والمواقع ذات التراكيب الهيدروكربونية الغازية، والتي تقع بين المنطقة الشمالية واكثرها في المنطقة الغربية ورقع في الوسط والجنوب.

ويضيف قائلا: ان هذه الرقع والمواقع «يتوقع ان يكون في باطنها كميات هائلة من الغاز، ومع تحويلها الى حقول منتجة، ستضيف كميات من الغاز»، موضحاً ان هناك حقلين للغاز الحر، هما حقل عكاز في المنطقة الغربية، والذي يعد اكبر حقل للغاز الحر، وتمت احالته الى شركة كوكاز الكورية قبل عام 2014 بهدف تطويره، لكن الاحداث التي حصلت في عام 2014، دفعت الشركة للانسحاب.

ويكشف في سياق حديثه ان وزارته «تواصلت مؤخرا مع احدى الشركات العالمية التي سيعلن عنها قريباً، وسيتم تحويل العقد من شركة كوكاز الى تلك الشركة. ومن المتوقع ان يضيف هذا الحقل بحدود 400 مليون قدم مكعب قياسي من الانتاج الغازي الموجود في باطن الارض. وفي حقل المنصورية هناك مساع لإبرام عقد مع احدى الشركات العالمية».

وفيما اذا كان هذا الغاز سيسد الحاجة قال جهاد: ان «الحاجة تكون متنامية بشكل مستمر سنوياً، وتزداد مع النمو السكاني والصناعي والاقتصادي، واولوياتنا هي تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض، كما نصدر اليوم الغاز السائل، لكن الاهم بالنسبة لنا هو تحقيق الاكتفاء الذاتي».

كميات كبيرة

من جانبه، يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري: ان «المشاريع المتعلقة بالغاز الان قيد الانشاء، وتشرف عليها شركات عالمية مشاركة في جولات التراخيص السادسة»، مؤكد ان «كميات الغاز المصاحب تكفي لسد احتياجاتنا الحالية».

ويضيف الجواهري في حديثه مع «طريق الشعب»، ان هناك ضرورة لتطوير حقول الغاز الطبيعي مثل عكاز والمنصورية والسيبة والخشم الاحمر في شمال ديالى، وهي ثلاثة حقول صغيرة وبحاجة الى تطوير. ومن جانب اخر استكشاف الحقول الغازية في المنطقة الغربية.

ويتابع ان «الحقول التي يجري استكشافها في المنطقة الغربية تتضمن كميات كبيرة من الغاز، وقد تم البدء بـ 11 رقعة استكشافية، وفي ما بعد ستكون هناك عشرات او مئات الرقع الاستكشافية ضمن نطاق العمليات». ويعلل الجواهري سبب التعثر في هذا الملف بـ»أننا دولة هشة والجميع يتدخل بشؤوننا الداخلية، الى جانب الارهاب والاوضاع الامنية التي تدهورت، حيث لعبت دورا سلبيا كبيرا. ومن جانب اخر كانت هناك ارادة خارجية تعرقل وتمنع استغلال الغاز. وهذه التدخلات جميعها تمنع عمليات التطوير».

تساؤل منطقي

يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان ان هناك «خزينا كبيرا من الغاز في اراضينا لا يقل أهمية عن النفط، فلو احسن استثمار حقول عكاز والمنصورية والبصرة بشكل جدي ومتابعة حقيقية، فاننا يمكن نستفيد من هذه الثروة».

ويؤشر انطوان في حديثه مع « طريق الشعب»، ان القضية الاهم «تتعلق بالتنفيذ»، مردفا «لكن هل ستسمح القوى السياسية للجهات المعنية بالعمل؟ هل ستسمح للحكومة بان تتوسع وتعمل وتحقق مكاسب؟». وينوه الى ان العراق بعد 3_ 4 سنوات سيكون رابع او خامس دولة منتجة للغاز في العالم، في حال مضي مشاريع الاستثمار، موضحا ان «كميات الغاز المصاحب لدينا تشكل حوالي النصف، والطاقة الانتاجية للغاز اكثر من 25 مليار متر مكعب، وبالتالي يمكن القول ان الغاز سيسد الحاجة وسيكون بالإمكان التصدير من الغاز المصاحب ايضاً ومن الممكن ان نستغني عن استيراده». وعزا الخبير الاقتصادي أسباب التعثر في هذا الملف الى «سوء التخطيط والإدارة والفساد المستشري والإهمال والصراعات السياسية وعدم الاعتماد على الكفاءات العراقية»، لافتا الى ان «العقود الجديدة للنفط تتضمن الاستفادة من الغاز للاستعمال المحلي او التصدير». ويخلص إلى ان على حكومة السوداني ان «تتابع ما تقوله وتنفذ الوعود التي اطلقتها، وان لا تعتمد فقط على اشخاص معينين؛ فهنالك المئات ان لم يكونوا بالآلاف من الكفاءات التي عليها ان تستفيد منها، ومجلس النواب من جهة اخرى عليه ان يتابع التنفيذ والرقابة، فهناك خطة خمسية وموازنة وبالتالي نحن بحاجة الى المتابعة واجراء مراجعات شهرية وفصيلة».

عرض مقالات: