اخر الاخبار

صدّعت أخبار مشاريع “فك الاختناقات المرورية” رؤوس العراقيين، لا سيما في العاصمة بغداد، التي تغص شوارعها يوميا منذ ساعات الصباح الأولى بالمركبات، الأمر الذي يضطر الموظفين والعاملين الى قضاء اكثر من ساعتين في تلك الزحامات قبل وصولهم الى مقر عملهم، والسيناريو ذاته يعاد معهم، حين انتهاء عملهم والعودة الى بيوتهم.

مشاريع جديدة

وقبل يومين، أعلنت الحكومة إطلاق مشاريع جديدة ضمن الحزمة الأولى لفكّ الاختناقات المرورية في بغداد، لكن تلك المشاريع تشكل أحد أبرز أسباب الزحامات في شوارع العاصمة، كما أن العمل فيها، ينشط صباحا بدلا من الليل.

وتتضمن الحزمة الأولى لمشاريع فك اختناقات بغداد المرورية، التي أُعلن عنها في الثاني من آذار الماضي 19 مشروعا، تشمل تطوير واستحداث الطرق والجسور والمجسرات في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، فضلا عن الطرق الخارجية التي تربط العاصمة بالمحافظات الوسطى والشمالية والغربية.

وتعقيبا على تلك المشاريع، يقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي إنها لا تحمل حلا جذريا للمشكلة.

ويضيف العبيدي أن مشكلة الاختناقات المرورية ببغداد كبيرة جدا، وناتجة عن الكثافة السكانية المرتفعة في العاصمة.

يقول مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد محارب القيسي، إن شوارع العاصمة بغداد لا تستوعب أكثر من 200 ألف مركبة، مبينا أن مسؤولية هذه الزيادة في أعداد المركبات تقع على عاتق وزارتي التجارة والإعمار، إضافة إلى أمانة بغداد.

القدرة الاستيعابية

المهندس مصطفى سعد، اختصاص هندسة الطرق والجسور، يقول إن “الطرق في بغداد صممت سنة 1972، وهي مصممة لاستيعاب 400 ألف سيارة فقط، لكن عدد السيارات في بغداد حاليا، يصل إلى ثمانية ملايين، والحلول المنطقية والهندسية لهذه الأزمة، تتمثل بتوسعة الشوارع الموجودة إلى ضعف المساحة، وزيادة عددها إلى 4 أضعاف، وهذا لا يمكن أن يتحقق بسبب التطور السكاني وتمركز الدوائر الحكومية في مناطق قريبة من بعض”.

ويوضح سعد، أن “حزمة المشاريع التي أعلنت عنها الحكومة، من المتوقع أن تفك 15 بالمئة فقط من الاختناقات المرورية الموجودة، لأن ما ستفعله هو تعجيل حركة المرور فقط، أما الحل الأساسي يتمثل بإعادة إنشاء طرق كاملة”، مؤكداً أن “عدم تفعيل نظام الباصات والاعتماد على نظام النقل العشوائي، هو أحد أسباب الاختناقات المرورية”.

وكانت وزارة التخطيط قد أكدت مطلع العام الجاري أن محافظة بغداد شكلت أعلى نسبة من السكان، إذ تجاوز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وبنسبة 21.1% من مجموع سكان البلاد.

ففي ظل الأعمال الإنشائية الخاصة بتلك المشاريع، يواجه الأهالي صباح كل يوم “محنة حقيقية” في عملية الخروج والدخول لمناطقهم، وفقا لعبدالله شاكر، موظف في وزارة التربية.

يقول شاكر الذي يسكن في منطقة الفضيلية، شرقي بغداد، لـ”طريق الشعب”، “ندعو الحكومة الى إلزام الشركات المنفذة بتسريع وتيرة العمل على مدار (24) ساعة”، مؤشرا “بطئا شديدا في العمل”.

أما فالح حسن، سائق أجرة من منطقة الزعفرانية، فيقترح “نصب جسر عائم بين منطقتي الزعفرانية والدورة لتخفيف الزخم المروري الحاصل الآن”، مردفا “هذا لا يحتاج الى معجزة وبالامكان الاستعانة بالجهد العسكري للقيام به”.

كما يدعو حسن خلال حديثه مع “طريق الشعب”، الى “الاسراع بتأهيل طريق السندباد الذي لم يكتمل بالشكل المطلوب رغم مضي فترة طويلة على ذلك. نرى ايضًا ضرورة فتح طريق من معسكر الرشيد (سابقاً) ليربط منطقة الزعفرانية بطريق بغداد الجديدة أو الأمين الأولى”.

اختناقات مرورية

عمار التميمي، سائق أجرة آخر، يقول لجريدتنا ان “أزمة الاختناقات المرورية تجعلني أنفق نصف ما أجنيه من عملي على وقود البنزين الذي يُهدر بسبب الزحامات”.

عضو لجنة التخطيط الستراتيجي النيابية، محمد البلداوي، يلاحظ أن “التخطيط في البلد سابقاً لم يراعِ إنشاء مدن جديدة خارج المناطق القديمة، بل إن معظم المجمعات السكنية كانت داخل بغداد، باستثناء مجمع بسماية، وبالتالي تسبب هذا الزخم السكاني ضغطاً كبيراً على المدينة، وأدى لتردي الخدمات، فضلاً عن الطرق”.

ويشدد على ضرورة “إنشاء مدن رديفة لبغداد مستقبلاً كما حصل مع القاهرة الإدارية، التي تضم مجمعات الحكومة والوزارات ومؤسسات الدولة، الأمر الذي سيقلل الزخم ويقلل دخول المواطنين إلى قلب العاصمة”.

ويضطر عمار التميمي في كثير من الاحيان إلى البقاء في المنزل: “لا أخرج بسبب الزحام، وأعمل ليلاً في كثير من الأحيان، بسبب بعض الانسيابية في الشارع”.

ومنذ عام 2006، يتردد حديث في الأوساط المعنية بالعراق، من بينها وزارة النقل وأمانة العاصمة، حول إنشاء مترو في بغداد لدفع المواطنين إلى تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة. لكن على الرغم من إعلان إعداد تصاميم ولقاءات مع ممثلي دول وشركات متخصصة، فإن كل ذلك لم يسفر عن وضع حجر أساس لأي مشروع للنقل بواسطة السكك الحديدية في بغداد.