اخر الاخبار

كشفت وزارة الداخلية، اخيرا، عزمها افتتاح مكاتب تسجيل الأسلحة غير المرخصة في كافة المحافظات. ويأتي هذا الخبر ضمن سلسلة من الشعارات والتصريحات المستمرة منذ سنوات بعزم الحكومات انتزاع السلاح وتقنينه ضمن أطر قانونية، وتحت إشراف الدولة، ولا يتحقق من تلك الشعارات شيء بل يزيد من الوضع سوءاً.

وتتناول الأخبار والصحف أخبارا بشكل مستمر عن وجود حالات قتل واغتيال تعود لأسباب تتعلق بنزاعات عشائرية وأخرى ترتبط بحرية التعبير عن الرأي، ما جعل العراق يفقد العديد من الصحفيين والنشطاء السياسيين، ومن استطاع النجاة من عملية الاغتيال هاجر إلى خارج البلد.

مكاتب لتسجيل السلاح

ونظمت اللجنة الوطنية لتنظيم الأسلحة، في مقر الوزارة، مؤتمرا علميا، بحضور العديد من رؤساء الجامعات العراقية الحكومية والأهلية وعمداء كليات القانون، ووكيل الوزارة لشؤون الشرطة وعدد من القادة والضباط، وذلك بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد.

وهدف المؤتمر المنعقد تحت عنوان (المراحل التحضيرية لتسجيل الأسلحة ومحاربة العنف المسلح)، إلى التوعية والتثقيف وإحاطة الملاكات العلمية بإجراءات وزارة الداخلية بهذا الشأن.

وأكد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري في كلمة له خلال هذا المؤتمر، “أهمية حصر السلاح بيد الدولة، ولا سيما أن العراق تعرض لفقدان وسرقة كثير من الأسلحة خلال الحروب التي مرت عليه من قبل ضعاف النفوس”، مشيراً إلى أن “هذه الأسلحة أصبحت عند العديد من الأشخاص خارج الدولة”.

ولفت إلى أن “الحكومة وضمن برنامجها الحكومي عازمة على تسجيل الأسلحة الخفيفة، وأن تكون معلومة لدى الدولة وضبط الأسلحة المتوسطة والثقيلة”، مشدداً في الوقت ذاته على “ضرورة تعاون جميع الفئات المجتمعية من مثقفين وأكاديميين وشيوخ عشائر ووجهاء لحصر السلاح بيد الدولة”.

وأردف، أن “وزارة الداخلية ستقوم بفتح مكاتب لتسجيل الأسلحة في جميع محافظات البلاد”، منوها بأن “عملية حصر السلاح ستكون ضمن جدول زمني مدروس”.

طرق غير ناجحة

وبشأن ذلك يذكر الخبير الأمني عدنان الكناني، أن عملية ترخيص الأسلحة يجب أن تحدد نوع السلاح ولمن سيرخص، وما هو نوع الترخيص، مشيراً إلى وجود العديد من الأسلحة المتوسطة وما فوق خارج إطار الدولة، وهناك جهات تمتلك صواريخ لذا من الصعب جدا أن تتم السيطرة عليها.

ويردف كلامه لـ “طريق الشعب”، قائلاً: إنّ “وجود تراخيص للأسلحة سيجعلها مباحة”، مؤكدا أن “المشكلة لا تحل بهذه الطرق”.

ويرى الكناني، أنّ “الحكومة لو كانت مسيطرة على الوضع الأمني العام، لأصبح انتزاع السلاح إراديا بالنسبة للسلاح المتواجد لدى المواطنين، أما السلاح الآخر، السلاح المتواجد لدى الجهات التي تمتلك سلطة، وعلى الأغلب يكون متواجدا بالعلن، فإن الحكومة لا تستطيع السيطرة عليه”.

ويضيف، أن موضوع السلاح المنفلت “شائك”، ويحتاج إلى “تدخل عسكري”، داعيا الى أهمية تضافر الجهود المعنية، والقيام بعمليات تطويق جوي وبري وإجراء عملية تفتيش شاملة للمناطق التي عادة ما تثار فيها نزاعات مسلحة”.

وعن عجز الحكومات السابقة عن حصر السلاح بيد الدولة برغم تبنيها هذا الملف، يبين الكناني أن “الحكومات لم يكن أمامها معوقات لإنهاء ملف السلاح المنفلت ومنها الحكومة الحالية، لكنها جزء من المنظومة التي تملك السلاح المنفلت، وهذا ما يدل على ان شعاراتها لم تكن سوى لتصفية حسابات مع خصومها” بحسب رأيه.

تتطلب اتفاقا سياسيا

الخبير الأمني عماد علو يعزو الاختلال الأمني العام لوجود سلاح منفلت خارج إطار الدولة، مضيفاً إن “ما تم الإعلان عنه من وجود مكاتب تسجيل الأسلحة للمواطنين، من شأنه أن يساعد وزارة الداخلية على امتلاك قاعدة بيانات عن عدد الأسلحة الموجودة ووفقها يتم اتخاذ اجراءات بحقها”.

اما في ما يخص الأسلحة المتواجدة لدى تنظيمات إرهابية او عشائرية، فيبين علو أن من يمتلكها “لن يذهب بالتأكيد لهذه المكاتب لأجل تسجيلها”، مشيرا إلى الجهات والقوى السياسية التي تمتلك أجنحة عسكرية وأنواعا مختلفة من السلاح منها أسلحة ثقيلة، لذا فان حصر السلاح لا يصب بمصلحة هذه القوى التي تستخدمه لأغراض التدافع والمحاصصة السياسية”. وهذا هو السبب الرئيس الذي جعل الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من حصر السلاح واحتكار استخدامه من قبل الأجهزة الأمنية.

ويجد علو، أن ملف حصر السلاح يتطلب قراراً سياسياً ولا بد من حدوث اتفاق سياسي شامل بين جميع القوى السياسية وهو أمر شبه مستحيل، مردفا “لا بد من الاستفادة من التجارب العالمية التي قامت بها دول عديدة لنزع السلاح وحصره، والاطلاع على البرامج الخاصة والاستعانة بها”.

ماذا عن الديمقراطية؟

وفي السياق ذاته، يصف الناشط السياسي حسين العظماوي، السلاح المنفلت بأنه إحدى “المشكلات الأساسية التي تعصف بالنظام السياسي في العراق منذ عام ٢٠٠٣”، مؤكداً أن هذا السلاح يمثل عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق الديمقراطية ويؤثر بشكل كبير على حرية التعبير لدى الشباب”.

وخلال حديثه مع “طريق الشعب”، يشير العظماوي إلى أن “القوى السياسية الحاكمة تستخدم هذا السلاح لتصفية حساباتها مع خصومها وأيضاً لقمع من يخالفها في الرأي أو من يتبنى مواقف مختلفة”.

وأشار إلى وجود تمويل خارجي يدعم هذه الجهات.

أما في ما يتعلق بحكومة السوداني، فيقر بأنها “نتاج لقوى سياسية تمتلك فصائل مسلحة وتدعم السلاح المنفلت، وهذه الفصائل تمتلك نفوذاً كبيراً وتسيطر على السلطة”.

وختم العظماوي بالقول: إنه “لا توجد إجراءات حقيقية تساهم بحصر السلاح في يد الدولة، انما السلاح هو من يسيطر على الدولة”، لافتاً إلى أن “الفصائل المسلحة تمتلك نفوذًا أكبر حتى من القوات النظامية، ما يجعلها مؤثرة بشكل كبير في الساحة السياسية والاجتماعية في العراق