اخر الاخبار

كما في كل عام، وفي منتصف أيلول ومنذ حوالي تسعة عقود تفتتح صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي (اللومانيتيه) مهرجانها السنوي داعية كل الأحزاب الشيوعية في العالم وكذلك حركات التحرر اليسارية والديمقراطية العالمية للمساهمة فيه، وبالطبع من بينها حزبنا الشيوعي العراقي، الذي تربطه بالحزب الشيوعي الفرنسي علاقات قوية ومميزة، لذلك فإن مشاركة حزبنا وصحيفته هذا العام هي المشاركة الثالثة والخمسون، حيث كانت خيمة صحيفتنا (طريق الشعب) هذا العام مميزة بحجمها وبموقعها وبفعالياتها السياسية التضامنية والثقافية والفنية، بالإضافة لتميزها بتكريسها الاحتفال هذا العام لمئوية رائدة الحركة النسوية العراقية الرفيقة الراحلة نزيهة الدليمي حيث احتلت صورتها واسمها وسط خيمة طريق الشعب.

تطورات الأوضاع في الوطن

وكما في كل عام فإن نشاطات خيمة حزبنا وصحيفته تبدأ قبل يوم من بدء المهرجان الرسمي، لذلك كان مساء يوم الخميس ١٤ أيلول مكرساً للقاء سياسي مع عضو اللجنة المركزية الرفيق وسام الخزعلي القادم من الوطن، حيث قدمه الرفيق عدنان أحمد سكرتير منظمة الحزب في فرنسا ليتحدث لجمهور الحاضرين عن واقع الوطن الآن، وعن الأزمات وتراكماتها على مختلف الأصعدة بسبب نهج المحاصصة وتقاسم مواقع ومناصب السلطة منذ عشرين عاماً بين نفس القوى التي اشاعت الفساد والخراب في الوطن، كما أشار الرفيق وسام الى أهمية مشاركتنا في الانتخابات المحلية القادمة مع قوى وطنية وديمقراطية في تحالف ( قيم المدني ) وضرورة التحشيد لها لأن نتائجها هي اختبار هام لقدراتنا في الانتخابات البرلمانية المقبلة وباعتبارها أحد ميادين الصراع لتعبئة القوى وبناء حركة شعبية على أساس مشروع التغيير الشامل.

مساهمات الشابات والشبان

في اليوم الأول لبدء المهرجان الرسمي وهو الجمعة ١٥ / ٩ / ٢٠٢٣ كانت خيمة ( طريق الشعب ) غاصة بالحركة والنشاط، خصوصاً من الشباب من الجيل الثاني، ومن الجنسين، من أبناء رفاقنا وأصدقائنا، حيث بادر هؤلاء الشباب لتولي وإنجاز المهام الصعبة، من تنظيم مسرح الخيمة وكراسيها وأجهزة التسجيل والبث إلى تهيئة “خلطات” الكباب والفلافل وتحضير الشاي العراقي، والتصدي لواجهات البيع فهم من يجيدون اللغة الفرنسية والإنكليزية، وبالطبع إلى جانب آبائهم وزملاء آبائهم من المبادرين سنوياً للتطوع لتقديم خدمة مجانية، تستهلك يومياً العديد من ساعات العمل الشاق لإنجاح نشاطات الخيمة.

 ندوة مئوية الراحلة نزيهة الدليمي

في ظهيرة هذا اليوم قدم الرفيق (رشاد الشلاه) الرفيقين الدكتور (علي إبراهيم) والأستاذة الرفيقة (سوسن البراك) ليتحدثا عن الرفيقة الراحلة الدكتورة نزيهة الدليمي، حيث أضاءا بما قدماه جوانب هامة من سيرة حياتها، التي كانت شخصية شعبية وقريبة من الفقراء والمعدمين، كما قادت منظمة (رابطة المرأة العراقية) سنين طويلة، وساهمت في مؤتمرات عالمية من أجل رفع راية المرأة العراقية وحقوقها المشروعة من أجل العدالة والمساواة.

وأخرى عن الاتحاد العام لنقابات عمال العراق

بعدها تم تقديم النقابية كوريا رياح (أم فرات) زوجة الشهيد البطل والقائد النقابي) (هادي صالح) الذي اغتيل بجبن ونذالة في ٤ / ١ / ٢٠٠٥، وهي تشغل الآن عضوية المكتب التنفيذي ومسئولة العلاقات الخارجية في الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، وفي مداخلتها قدمت أم فرات عرضاً لأهم الأحداث التي رافقت إعادة تأسيس النقابات العمالية بعد سقوط النظام، كما عرض فيلم ميداني عن عاملات معامل الطابوق قرب بغداد ومعاناتهن وعن أجورهن المتدنية، وبعد الندوة وعرض الفيلم جرى طرح الأسئلة والاجابة عليها.

ندوة تضامنية مع اتحاد الطلبة

يوم السبت ثاني أيام المهرجان، كانت أرجاؤه غاصة بمئات ألوف الزائرين وغالبيتهم من الشباب وهم يساهمون في مختلف الفعاليات الثقافية والفنية والتضامنية أما خيمة طريق الشعب فقد تكرس نشاطها الأول خلال هذا اليوم للتضامن مع اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق الذي يتعرض لهجمة شرسة في الوطن من قبل القوى المتنفذة في السلطة لحظر نشاطه في الجامعات والمدارس، وتم من مسرح الخيمة الاستماع لكلمة مسجلة من سكرتير الإتحاد (أيوب عبد الحسين) تحدث خلالها عما يعانيه هذا الاتحاد الطلابي العريق من هجمة معادية، والدعوة للتضامن مع شرعية وجوده وضرورة استمرار عمله ونشاطه العلني تقديرا لتأريخه النضالي خلال عقود طويلة من السنين واعترافا بتضحيات أعضائه وشهدائه.كما قدم الرفيق وسام الخزعلي عضو اللجنة المركزية للحزب مداخلة حول نشاطات اتحاد الطلبة المختلفة و نضالاته المتعددة وتضحياته دفاعا عن حقوق الطلبة العراقيين ومن أجل حياة طلابية حرة وكريمة.

تضامن مع الشعب السوداني

في هذا اليوم أيضاً أقيمت ندوة تضامنية مع نضال الشعب والشيوعيين السودانيين، ساهم فيها من الحزب الشقيق الرفيقان (عبد الملك مصطفى العبيد وعبد الرحيم أبا زيد)، وقدمهما الرفيق (رشاد الشلاه)، وقد تحدث الرفيقان عن أوضاع بلدهما في ظل الحرب الدموية التي أشعلها جنرالات الحكم العسكر في الصراع على السلطة، ونضال حزبهم الشيوعي من أجل وقف الحرب، ورفض التدخلات الخارجية والحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والسير على طريق التغيير الديمقراطي وبناء سلطة الشعب.

مسيرة نسوية تضامنية

مع المرأة العراقية

بعدها ومثل كل عام تم تنظيم مسيرة نسوية طافت جوانب من ساحات المهرجان وحملت المشاركات فيها الأعلام العراقية واللافتات المعبرة عن تطلعات المرأة من أجل الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات، وكن يلبسن الزي الشعبي العراقي، أمام خيمة طريق الشعب في المهرجان، كان النصير الفنان عباس العباس (أبو فائز) يمارس هوايته في مزج الألوان المبهجة وإبداع لوحات تشكيلية رائعة.

ثم كانت خاتمة هذا اليوم بعودة فرقة بابل الفنية بقيادة الفنان (سعد الأعظمي) لتقديم مختلف الأغاني السياسية والتراثية وباللغتين العربية والكردية وبمشاركة مدهشة من جمهور الحاضرين والمارين قرب الخيمة من الشابات والشباب الباحث عن الفرح والحياة.

لقاء تضامني حول الشرق الأوسط

أما آخر أيام المهرجان، وهو يوم الأحد 17 ايلول، فقد شهد لقاءً حول الوضع في الشرق الأوسط والتضامن الأممي، في ضيافة خيمة حزب توده، وشارك فيه حزبنا الشيوعي العراقي إلى جانب الاحزاب الشقيقة في لبنان والسودان وقبرص وإيران والعراق، وحضره الرفيق فانسن بوليه مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الفرنسي.

وقدم الرفيق (سلم علي)، عضو اللجنة المركزية للحزب، مداخلة تناولت مخططات الامبريالية الامريكية في المنطقة، التي تستهدف ادامة هيمنتها، وآخرها الإعلان في قمة مجموعة العشرين مؤخرا في نيودلهي عن مشروع “الممر الاقتصادي” الذي يمتد من الهند، مرورا بالخليج والسعودية والأردن، وعبر إسرائيل، وصولا إلى أوروبا، والأبعاد الجيوسياسية لهذا المشروع.

كما جرى التأكيد على تضامن الشيوعيين العراقيين مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي وحكومة نتنياهو الفاشية، والتضامن مع شعبي السودان واليمن والقوى الديمقراطية في المنطقة.

وعرضت المداخلة بتركيز تطورات الوضع في العراق منذ انتفاضة تشرين الباسلة في ٢٠١٩، ونضال الحزب أجل التغيير الشامل بالخلاص من منظومة المحاصصة والطائفية السياسية والفساد، وتحقيق البديل المتمثل بالدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وجهوده في بناء تحالف “قوى التغيير الديمقراطية”، وتشكيل ائتلاف انتخابي واسع، “تحالف قيم المدني”، لخوض الانتخابات المحلية المقبلة.

ودعا الرفيق سلم علي إلى تصعيد التضامن الأممي، في فرنسا وأوروبا وعالميا، مع قضايا شعوب منطقة الشرق الأوسط ونضالها من أجل السلام والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وفي هذا السياق قدم مقترحا لإطلاق مبادرة تضامنية على صعيد البرلمان الاوروبي، بالتنسيق مع الاحزاب الشقيقة في الشرق الأوسط.

 المرأة العراقية في الحركة الأنصارية

أما داخل خيمة طريق الشعب فقد تم تقديم الرفيقة النصيرة (بشرى عبد علوان) لتقدم مادة هامة عن تجربة النصيرات الشيوعيات اللواتي خضن الكفاح المسلح ولعقد كامل من السنين إلى جانب رفاقهن الأنصار، وكيف مارسن مختلف المهام الأنصارية وقدمن الشهيدات في معارك البطولة والفداء، وقد أثارت مادة الرفيقة بشرى الكثير من الأسئلة والمداخلات التي ساهم فيها عدد من الأنصار والحاضرين.

وكان ختام نشاطات اليوم الأخير للمهرجان في خيمة طريق الشعب مشاركة العازف والمغني الكردي (صلاح عزيز وعازف الدف بشتوان كريم والمطرب أردلان ياسين) حيث قدموا منوعات موسيقية وغنائية رائعة وباللغتين الكردية والعربية فأشاعوا البهجة والفرح في قلوب الحاضرين.

الحقيقة إنني ورغم مشاركتي في هذا المهرجان السنوي لأكثر من عشرين مرة إلا أنه كان هذا العام أكثر بهجة وجمالاً، ربما بسبب الطقس والمناخ الصيفي الذي رافق جميع أيام المهرجان أو بسبب نسبة الشباب الهائلة بين زواره أو بسبب التنظيم المسبق لفعاليات برنامج خيمتنا وتوزيع العمل على الجميع في وقت مبكر ونكران الذات الذي ساد جميع المساهمين.

حملة تبرع لبناء مقر الحزب في بغداد

أطلقت في خيمة “طريق الشعب” مبادرة هامة لحملة تبرعات مالية لبناء مقر الحزب في بغداد، ساهم فيها معظم الحاضرين، كما تبرع الفنان عباس العباس بلوحة طرحت للمزاد دعما للحملة وكانت النتائج طيبة ومثمرة. كما تم عرض فيلم توثيقي لمراحل عملية البناء ابتداء بالمؤتمر الصحفي في آذار العام الماضي وإطلاق حملة التبرعات، مرورا بوضع حجر الأساس والشروع ببناء المقر.

ثم كان الدور لفرقة بابل الفنية القادمة من الدانمارك، حيث قدمت الرفيقة ماجدة الفرقة بمقاطع شعرية، وبدأت الفرقة أغانيها السياسية والتراثية وسط تفاعل الجمهور العراقي والفرنسي بل ومن مختلف الجنسيات والبلدان، حيث شدتهم الألحان العراقية والعربية الأصيلة فاندفعوا للتعبير عن المساهمة في الفرح وفي إشاعة البهجة وحب الحياة. واستمرت النشاطات لساعة متأخرة من الليل.

من بيان الحزب الشيوعي العراقي

لمناسبة انعقاد مهرجان اللومانتيه 2023

يشهد العراق تطورات مهمة ويواجه العديد من التحديات على مستويات مختلفة؛ سياسية واقتصادية والاجتماعية وأمنية، وايضا آثار التغيرات المناخية وشح المياه وتدهور الواقع البيئي.

ولا تزال منظومة المحاصصة والفساد تهيمن على المشهد السياسي وتسعى إلى إدامة سلطتها ونفوذها ومصالحها، والإمعان في تعزيز “الدولة العميقة”، وعسكرة المجتمع.

وأدت الأزمة البنيوية المستفحلة وتداعياتها إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وتعمق الفرز الطبقي. إن الفجوة بين أقلية حاكمة مرفهة تحتكر ثروات البلاد والأغلبية الفقيرة والمحرومة من الشعب تستمر في الاتساع.

لقد فشلت الحكومة العراقية في معالجة الفساد المستشري وتدهور الظروف المعيشية والتصدي للتدخلات الأجنبية الواسعة. كما فشلت في الوفاء بوعودها بمحاكمة المسؤولين عن قتل مئات المتظاهرين السلميين خلال الانتفاضة الشعبية في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.

وتستمر الاحتجاجات الشعبية رغم الإجراءات القمعية التي تنتهك حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر. ومن الأمثلة الأخيرة على محاولات إسكات الناشطين الديمقراطيين قرارا وزارة التعليم العالي ووزارة التربية حظر نشاط “اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق” في الجامعات والكليات والمدارس.

وسيخوض الحزب الشيوعي و”تحالف قوى التغيير الديمقراطية”، الذي عقد مؤتمره التأسيسي في بغداد في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، انتخابات مجالس المحافظات المقبلة في كانون الأول (ديسمبر) 2023 ضمن ائتلاف واسع.

ويتطلع الحزب الشيوعي العراقي والمشاركون في خيمة صحيفته المركزية “طريق الشعب الى تضامن جميع المساهمين في مهرجان اللومانتيه وزواره، مع شعبنا العراقي في نضاله من أجل التغيير الشامل وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وتعزز مشاركة المرأة، وتحقق العدالة الاجتماعية.