اخر الاخبار

أصيبت الوظيفة العامة في بلادنا بخلل كبير، ارتباطا بالأوضاع العامة وبمنهج وآليات ادارة الدولة ونظام المحاصصة الطائفية، ما افقدها الكثير من مزاياها وخصائصها، وأضعف قدرتها على لعب دورٍ في ادارة مؤسسات الدولة، وفي اداء مهامها، لا سيما تلك المرتبطة بحياة الناس مباشرة وبتقديم الخدمات لهم، او التي لها صلة بضمان الأمن والاستقرار، وانطلاق عملية البناء والاعمار.

ويقول ناشطون، ان المحاصصة والفساد يشكلان الركن الاساسي في عمل القوى الفاسدة، وهي تستقوي بهما لادامة وجودها بالسلطة.

فيما يؤكد قانوني ان الكتل التي تحقق فوزا في الانتخابات لا يعني بالضرورة ان تحتكر المناصب الحكومية لها، وان هذا العرف لا أساس دستوريا له.

ركن أساسي في النظام

وقال الناشط المدني حسن محمد لـ”طريق الشعب”، ان “فلسفة النظام السياسي في العراق قائمة على نهج المحاصصة الطائفية، ويضاف لها الفساد. وهما أهم اركان هذا النظام، وبالتالي فإن اي محاولة لزعزعة اركان النظام السياسي، تواجه بالرفض من قبلهم”. 

وأضاف ان “الاحزاب المتنفذة والماسكة بدفة الحكم تعتبر مؤسسات الدولة بابا من ابواب تمويلها”.

وأوضح قائلاً ان “شباب تشرين زعزعوا هذه المنهج، وعليهم مواصلة الحركة الاحتجاجية لاجل انهاء هذه الفكرة”.

وأشار الى ان “هذه النهج قائم، ولا علاقة له بوجود شخوص معينين على راس السلطة فانتخابات 2018 غيرت حوالي 230 نائبا، ولكن الحكومة التي تشكلت فيما بعد كان تشكيلها بنفس الطريقة، التي تشكلت بها الحكومات السابقة”.

وذكر ان “هذه النهج هو ضمان بقاء هذه الكتل السياسية على راس الحكم في البلاد، ومن الصعب ان تتنازل عنه وتقبل بتسليم المناصب الحساسة والمهمة”.

تفعيل مجلس الخدمة

وعن دور مجلس الخدمة الاتحادي في انهاء وجود المحاصصة، اكد المياحي ان “المجلس هو احد مطالب انتفاضة تشرين، ولو اتيح للمجلس العمل بحرية بإمكانه ان ينهي هذا النهج”، مبيناً ان “منذ عام 2003 الى الان، هناك الكثير من التشريعات والاعراف التي تؤسس لمبدأ التكنوقراط غضت الكتل السياسية النظر عنها”.

وتابع بقوله ان “مجلس الخدمة الاتحادية هو اسير لإرادة الكتل السياسية، لكن بإمكانه ان يقلل الحلقات الروتينية في التعيينات، وايضاً ان يقضي على الفاسدين الصغار فقط”.

قرار دستوري ملزم.. ولكن؟

وفي تقرير صحفي نشر في عدد “طريق الشعب” السابق، تحدث المحامي والتدريسي الدكتور شهاب عبدالله النعيمي، عن نتيجة الطعن الذي قدمه الى المحكمة الاتحادية قبل اندلاع انتفاضة تشرين، لنقض قرار مجلس النواب. وأيّدت المحكمة حينها الطعن، واصدرت قرارها بتاريخ 28 /10 /2019 في الغاء الفقرة (6) من القرار التشريعي رقم  (44) لسنة 2008.

وقال النعيمي، ان “القرار وضع حداً لمسعى الكتل  السياسية المتنفذة في الاستحواذ على الدرجات العليا، وحرمان افراد الشعب الذين تنطبق عليهم شروط الكفاءة والنزاهة منها”.

واضاف ان “المحسوبية والمنسوبية والعلاقات هي التي تتحكم في توزيع الدرجات الخاصة رغم قرار المحكمة الاتحادية والمواد الدستورية التي تلزم الحكومة ومجلس النواب بتوزيع هذه الدرجات بصورة متساوية على جميع ابناء الشعب العراق وحسب الكفاءة والامكانية”.

وشدد على ان مجلسي الوزراء والنواب امام مسؤولية قانونية، وعليهما الخضوع لقرار المحكمة الاتحادية.

وبين المحامي الدكتور شهاب التميمي، ان “نظام المحاصصة السياسية عطل جميع مؤسسات الدولة، وانهارت الدولة امامه، وفشلت مؤسساتها في اداء مهامها”، مضيفاً بالقول “للأسف وصل الحال بالمواطن عند مراجعته لأي وزارة أو دائرة حكومية يسأل عن الحزب الذي ينتمي اليه الوزير او المسؤول الحكومي، لغرض التوسط لانجاز معاملته، والأخطر من ذلك أن القيادات العسكرية والأمنية شملتها المحاصصة”.

وقدم المحامي شكره للجهود التي ساندته خلال الترافع في القضية امام المحكمة الاتحادية خصوصا المحامي شوكت النعيمي، داعياً وسائل الاعلام لتسليط الضوء على هذا القرار من اجل اثارة الرأي العام

التفاف على الدستور

من جانبه، اكد القانوني احمد الكيم لـ”طريق الشعب”، ان “الدستور العراقي لم ينص بشكل واضح على ان تكون المناصب الكبيرة في الدولة من نصيب الكتل التي لها وجود في البرلمان، اي ان الكتل التي تحقق فوزا في الانتخابات لا يعني بالضرورة ان تحتكر المناصب الحكومية لها”.

وأضاف ان “الدستور اعطى البرلمان صلاحية التصويت على الحكومة، ولا يعني ذلك ان تقوم الكتل السياسية بالالتفاف لأجل ان تأخذ المناصب الحكومية لها”.

وذكر ان “لكل وزارة ومؤسسة قانونا وعرفا يحدد وفقاً له آلية تعيين الموظفين في المناصب الكبرى، داخل المؤسسات”.

واستدرك بقوله انه “بالأساس يوجد قانون الخدمة المدنية، الذي يقر التدرج الوظيفي، لكن الكتل السياسية تترك كل الاعراف والقوانين جانباً وتوظف من تراه مناسبا لها في المناصب الكبيرة في الدولة”.

شاهد على المحاصصة

وترشحت عشرات الاسماء الى الحكومة الحالية، جزء كبير منهم يمتازون بـ”الكفاءة والنزاهة”، ومن بينهم مرشح وزارة الثقافة، لكنهم لم يمرروا بسبب تزمت القوى المتنفذة بنهج المحاصصة.

وقال المرشح لوزارة الثقافة فارس حرام، في منشور على صفحته في “فيس بوك”، بعد التصويت على الكابينة الحكومية، انه “بعد لقائي بالكاظمي الذي اعطاني اشارة الحرية بالعمل من دون قيود من اجل مكافحة الفساد، اتصلت بي احدى الكتل السياسية عن طريق شخص وقالت لي إنني لن أمرّ ما لم أجلس معهم و(أرتب) الموضوع”.

ويؤكد ان “الكتلة السياسية بدأت تشيع بنفسها قضية عدم قبولي الجلوس معها، وكانت تردني اتصالات من أناس مختلفين ينقلون عن بعض شخصياتها أنني رفضت الجلوس معهم”.

وأشار الى ان “عند الاعلان عن اسماء الوزراء لم اجد نفسي من ضمنهم رغم أن رئيس الوزراء فاوض بشكل عنيد وقوي من أجل تمريري”، مؤكداً انه تلقى “اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء، شرح فيه معاناته في مواجهة الرفض الذي كان موجهاً ضدّي”.

عرض مقالات: