اخر الاخبار

في الوقت الذي يحتفي فيه العالم باليوم الدولي للديمقراطية (15 ايلول من كل عام)، والذي بدأت الامم المتحدة الاحتفال به منذ العام 2007، بهدف تعزيز الديمقراطية ومبادئها، يؤشر مراقبون تراجعا ملموسا في ممارسة الديمقراطية بالعراق، في ظل التطورات الأخيرة خصوصاً تلك المتعقلة بالتضييق على الحريات المدنية ومسودات القوانين التي تحد من حرية التعبير في طياتها.

وعلى ما يبدو ان خنق حرية التعبير وانتهاكات حقوق الإنسان أصبحت سلوكا لدى منظومة المحاصصة والفساد ، بينما تعد حرية الصحافة أحد المجالات الأكثر تأثراً، حيث الانتهاكات الواسعة في ظل غياب التشريع القانوني الذي يحمي الصحفيين.

ترسيخها من مسؤولية القوى المدنية

وفي هذا الصدد، قالت عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيقة بشرى جعفر ابو العيس، ان “الديمقراطية لها اركان وهي حرية التعبير وحقوق الإنسان وإقامة انتخابات نزيهة باقتراع عام والاهم من ذلك تطبيق قيم العدالة الاجتماعية. وعلى المستوى السياسي هناك قضم وثغرات لهذه الاركان، برغم انها مكفولة في الدستور العراقي”.

وشخّصت أبو العيس في سياق حديثها مع “طريق الشعب”، وجود “مساع من القوى الماسكة بالسلطة لتأويل العديد من المواد الدستورية التي تضمن حرية المواطن وحقوقه، وجرى قضم الكثير من الحقوق المدنية والسياسية، فما حصل من قمع في انتفاضة تشرين دل على عدم تقبل القوى المتنفذة لمبدأ الديمقراطية”.

وتابعت أبو العيس قائلة: ان “تقييم طريقة تعاطي الأحزاب الماسكة بالسلطة مع الديمقراطية يكون بالنظر الى كيفية تعاملها مع الحركة الاحتجاجية التي زادت وتيرتها في تشرين 2019، والى سوء إدارة الدولة والفساد والتمايز والفجوة الكبيرة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، وكيف تعاملت مع قوى الاحتجاج، اذ وصل العنف حد القتل، والذي يعد تعدياً على قيم الديمقراطية”.

ولفتت الرفيقة إلى أن “القوى الماسكة بالسلطة تشرع قوانين الانتخابات وفق مقاسات تضمن لها البقاء في السلطة”.

وذكرت أن “تلك الإجراءات تبين مدى إمكانية الحديث عن ديمقراطية رصينة، إذ أن الأحزاب الماسكة بالسلطة لا تريد تطبيق اركان الديمقراطية الاساسية، بل تشتغل على العكس من ذلك، بما يخدم مصالحها”.

وأكدت الرفيقة بشرى، أنّ القوى المدنية تسعى لضمان إجراء انتخابات نزيهة، وتعمل على لمواجهة هذه التحديات بزيادة الوعي لدى المواطن، على اقل تقدير بالحفاظ على صوته وحقه في ممارسته للديمقراطية، مشددة على ضرورة “مد  الجسور بين القوى الديمقراطية والمدنية والوطنية، وإشاعة أجواء ثقة متبادلة، فهذه القوى اثبتت بالممارسة انحيازها للناس وعملها الدؤوب الى تحقيق تطلعاتهم”.

تابوهات لا يمكن المساس بها

من جهته، قال المحلل السياسي عصام فيلي، ان الكثير من المبادئ التي نادى بها الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة الأمريكية وودرو ويلسون، والتي تشمل حق تقرير المصير وحق الحياة بكرامة، والمطالبة بالديمقراطية، وكذلك الثورات التي حصلت في الصين ومبادئ الثورة البلشفية عام 1917، يبدو ان الكثير من هذه المفاهيم لم تتحقق ولسبب بسيط جدا هو ان القائمين على الديمقراطية في دول العالم الثالث يقولونها، ولا يؤمنون بها.

وأضاف قائلا لـ”طريق الشعب”، أنّ هذا يعطي انطباعا بان “المفهوم المثالي للديمقراطية لا يدوم امام تجربة السلطة. والديمقراطية عندما نريد ان ننشئها علينا ان نساهم اولا في تغيير البنية الاجتماعية، اضافة الى ان اي مجتمع لا يقوم على اسس دولة مدنية، لا يمكن له ان يسمي نفسه دولة ديمقراطية، بل ان المجتمعات الثيوقراطية هي مرتكزات لأنظمة دكتاتورية لا تؤمن بحرية الرأي والرأي الاخر حتى وصلت الى ان كل من يختلف معها تذهب باتجاه معاداته”.