اخر الاخبار

إزاء الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة واللامبالاة الحكومية، تعيش الحيوانات الأليفة وغير الأليفة وضعا مأساويا في الحدائق والمتنزهات التابعة لدوائر البلديات؛ إذ أن بعضها قضى، والبعض الآخر تم إنقاذه بتسفيره الى محميات طبيعية في دول الجوار.

ويقول علماء المناخ، إن الأرض الآن أكثر دفئًا بنحو 1.1 درجة مئوية (2 درجة فهرنهايت)، مما كانت عليه في القرن التاسع عشر، وبناءً على التوقعات الحالية فإن درجات الحرارة العالمية سترتفع بمقدار 2.7 درجة مئوية (4.8 درجة فهرنهايت) بحلول نهاية القرن.

ومن المستحيل التنبؤ بالضبط بمدى تأثير التغيرات طويلة المدى في درجات الحرارة وأنماط الطقس على النظام البيئي الهش في عموم بلدان العالم.

وتتعرض حيوانات المتنزهات والحدائق العامة لسوء التغذية وتقاسي الإهمال. وحاولت مراسلة “طريق الشعب” التواصل مع دائرة المتنزهات في أمانة بغداد، إلا أنها لم تتمكن من محاورة المسؤولين المعنيين، انما طلب منها التواصل بشكل مباشر مع إدارة متنزه الزوراء، التي بدورها رفضت التصريح لأنها غير مخولة بذلك من قبل أمانة بغداد.

إهمال

يقول بندر العكيلي، الذي يعمل في الحراسة بأحد المتنزهات الصغيرة في محافظة الموصل، إن “المدينة في السابق كانت تحتضن حديقة حيوانات نموذجية وكبيرة، وتلقى اهتماماً جيداً كما كانت تضم أكثر من 75 نوعاً من الحيوانات، الا أنه بسبب الحرب وما لحق بها من إهمال وتجويع، قتلت معظم الحيوانات، أو هربت بسبب الجوع، في حين سرقت أعداد أخرى منها، بخاصة الحيوانات الأليفة، ولم يبق إلا أسد ودب، وقد تم تسفيرهما إلى محمية طبيعية في الأردن.

ويضيف في حديثه لـ “طريق الشعب”، أن جميع الأقفاص أضحت خاوية، وأخرى أمست قبورا للحيوانات النافقة، مردفا بأنه ظهرت مؤخرا حدائق صغيرة بإمكانيات بسيطة، لا تتعدى احتواء الحيوانات التقليدية والمتعارف عليها، لافتاً إلى أنها تفتقد الاهتمام، فحتى العناية بها تتم بشكل غير صحيح، كما أن حرارة الصيف قد أهلكت الحيوانات.

وخلص الى القول ان هناك “محاولات تطوعية شبابية للعناية بالحيوانات والمتنزهات”.

محميات خاصة

صالح المرشدي (50 عاما)، مدير محمية طبيعية في قضاء الزبير، يعمل منذ أكثر من 30 عاماً في تربية الحيوانات البرية، وكان أبرزها تربية وترويض الأسود.

وكانت المحاولة الأولى للمرشدي في تربية الحيوانات النادرة عام 1992، حيث كان يملك في حينها 22 غزالا وحيوانات أخرى. وفي نهاية 2003 اشترى لبؤتين وشبلا بعمر 75 يوما، ومن هناك بدأت رحلته مع تربية الأسود، فعمل على تأسيس محمية صغيرة في قضاء الزبير بمحافظة البصرة، ووفر ظروفا ملائمة لحياتها.

ويمتلك المرشدي 7 من الأسود ومثلها من اللبؤات، وكل لبوة تلد اثنين و3 أشبال في العام، فيتوفر له بالعام نحو 15 شبلا يقوم ببيعها، ما يحقق مردودا يستخدم أغلب أمواله في تطوير محميته.

ويأسف المرشدي خلال حديثه مع “طريق الشعب”، لعدم تلقيه أي دعم سواء من جانب الحكومة أم المنظمات المهتمة بالحيوانات البرية، مبينا أن “اغلب المتنزهات الاهلية تعود لإدارة البلدية، فيما يجري استثمارها بعقود سنوية”.

ويضيف أن “كلفة الدخول للمحمية رمزية”، لافتاً الى ان الحكومة لا تراقب تلك المحميات للاطلاع على وضع الحيوانات فيها”.

وفي ما يخص تكلفة المواد الغذائية، أوضح المرشدي أن هناك جمعيات فلاحية كانت في السابق تمنح الاعلاف بأسعار رمزية لمربي المواشي لاستمرار الثورة الحيوانية، اما الان فلا يوجد ذلك، حيث أسعار الاعلاف للغزلان والخيول أصبحت غالية.

ويقول المتحدث، ان محميته لم يزرها مسؤول حكومي منذ اكثر من 20 عاما، لكنها شهدت زيارات متكررة لصحفيين وناشطين.

تهديد عمره الافتراضي

الطبيب البيطري زكريا يحيى، يقول إن تربية الأسود والذئاب خطوة إيجابية لأنها ستشكل بالنتيجة محميات طبيعية بمرور الوقت يمكنها جذب أكبر عدد من السائحين وخصوصا إذا كانت برعاية حكومية، لكن بذات الوقت يتطلب الامر عناية صحية ومتابعة من قبل الجهات المعنية، والعمل على توفير بيئة ملائمة لعيش الحيوان.

ويبين خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “التعامل مع الحيوانات المفترسة بحاجة لأشخاص ذوي خبرة علمية ودراسة نمط معيشتها وسلوكها”.

ويلفت يحيى الى إن “ارتفاع درجات الحرارة يجعل الحيوانات في المتنزهات الحالية تعيش حياة بائسة، في ظل الاهمال الذي تتعامل به إدارات حدائق الحيوان معها”، مضيفا ان “هذا الإهمال يجعل من عمر الحيوان الافتراضي مهددا بالانخفاض”.

ويشير الى ان الحيوانات في متنزه الزوراء، مثلا، بالكاد تلتقط أنفاسها وتعيش في أقفاص صغيرة وقديمة وصدئة، تجعلها عاجزة عن الحركة.

ويردف كلامه قائلاً: إنّ “الأقفاص الموجودة مختلفة جداً عمّا موجود بالحدائق التي يمكن للسائح مشاهدتها في بلدان أخرى”.

ويلفت الى أهمية ان تكون هناك متابعة طبية وفحص مستمر، كما يجب توفير مبردات كهربائية، مشددا على ضرورة وضع إدارات متخصصة وكفوءة في ملف المتنزهات الحيوانية.

ويحث زكريا على ضرورة الاطلاع والاستفادة من تجارب البلدان ذات البيئة المشابهة، والتي نجحت في إقامة محميات طبيعية وحدائق للحيوانات.

يشار الى حديقة الحيوانات في متنزه الزوراء تضم نحو 900 حيوان، وتبلغ مساحتها 55 دونماً (55 ألف متر مربع)، بينها أسود وطيور جارحة، ودببة وقرود.