اخر الاخبار

يشكو الكثير من النساء في المناطق الشعبية الفقيرة مرّ الشكوى، من الكذب عليهن من طرف المرشحين والمرشحات للانتخابات سابقا، وإغراقهن بالوعود المضللة سواء بتعيين أبنائهن وبناتهن، وتوفير الخدمات، وصولا الى التعهد الزائف بتمليك الاراضي لساكنيها من المتجاوزين.

حدث هذا مرات في السنين الماضية ويحدث حاليا من جديد مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات. فرغم ان الحملة الانتخابية لم تبدأ حتى الآن، باشرت مرشحات عديدات نشاطات دعائية في بعض المناطق الشعبية، مستغلات في بعض الأحيان مجالس العزاء الحسينية، وساعيات منذ الآن الى كسب أصوات النساء المشاركات فيها.

تذكر المواطنة نضال فلاح وهي خياطة للألبسة النسائية، متحدثة  لـ”طريق الشعب” أنه في أحد مجالس العزاء قبل الانتخابات الماضية، استغلت إحدى المرشحات التي هي اليوم نائبة في البرلمان تجمع النساء وبدأت بالترويج الانتخابي لنفسها عبر إطلاق وعود بتوفير الخدمات وفرص العمل. وتقول انها “بعد الوعود الكثيرة التي قدمتها، استمعت إلى مطالب النساء الحاضرات في مجلس العزاء، وقامت بتسجيل أسماء النساء الراغبات بالحصول على عمل في القطاع الحكومي”. وتضيف قائلة: “إلا أنها وحال الانتهاء من فرز الأصوات وإعلان النتائج، لم يشاهدها احد ممن اغرقتهم بالوعود، وذهبت جميع تعهداتها هباء”.

وتفيد المواطنة نضال انه “اليوم يعاد نفس مشهد الوعود الكاذبة عبر مشاركة العديد من المرشحين والمرشحات في مجالس العزاء الحسينية، وترغيب النساء الحاضرات بالتصويت لصالحهن في الانتخابات القادمة”. وتستطرد بالقول: “إلا أن كثيرا من النساء ومن جميع الفئات العمرية أصبحن واعيات ومدركات لما وراء الدعايات الانتخابية المزيفة هذه”.

وتذكر في ختام حديثها أن “اغلب المرشحات والمرشحين للانتخابات في الدورات السابقة لم يخرجوا بشيء لصالح المرأة، التي تعاني مع عائلتها ظروف الحياة الصعبة، خاصة في ما يتعلق بتوفير فرص العمل”.

وتقول المواطنة حسبية عبد الله (62 عاما) وهي بائعة للملابس في أحد الأسواق الشعبية لـ”طريق الشعب: “ أسكن مع عائلتي في بيت عملت على تشييده مع أبنائي على ارض تجاوز غير رسمية، بسبب عدم قدرتنا على دفع الإيجارات التي يفرضها المؤجرون في غياب الرقابة القانونية، والتي وصلت حتى في مناطق تعاني من نقص الخدمات إلى اكثر من 500 الف دينار شهريا”. وتضيف “خلال الحملات الانتخابية السابقة وعدتني أحدى المرشحات بتمليكي الارض التي شيدت عليها البيت اذا فازت في الانتخابات وطلبت مني التصويت لها مع عائلتي، وقد قمنا بالتصويت لها فعلا، إلا أن وعدها لي لم يتحقق منه شيء”.

وتقول المواطنة حسبية انها لن تذهب الى مراكز الاقتراع الانتخابية هذه المرة معتقدة ان “جميع المرشحين غايتهم كسب المقاعد على حساب حاجة المواطنين” حسب قولها.

ولا تقتصر الوعود طبعا على توفير السكن وتمليك قطع الاراضي بل تشمل حتى التعيينات في القطاع الحكومي، الذي يفضله أغلب الشباب العاطلين عن العمل، لما فيه من الضمانات المستقبلية التي يفتقر اليها عمال القطاع الخاص، على الرغم من قانون الضمان النافذ ولكن غير المعمول به.

وفي السياق تقول الباحثة في الشأن الاجتماعي د. ايمان رشيد الجوراني أن “النساء المهمشات والأكثر مظلومية وحاجة لأبسط متطلبات الحياة هن الاكثر تعرضا للاستغلال في الحملات الانتخابية”، التي وصفتها الباحثة بـ “الرخيصة”.

وتقول الجوراني إن “ظروف الحياة الصعبة التي تمر بها النساء مع عوائلهن، سواء في مجال الحصول على عمل أو على سكن، أجبرت الكثير منهن على تصديق وعود غير حقيقية، رغم تبوء شخصيات من بينهم نساء لمراكز مسؤولة في الحكومة، لكنهم لم يتمكنوا من معالجة قضايا المرأة والحد من معاناتها”.

ولفتت إلى أن “ رفع الوعي الانتخابي للنساء بات ضرورة ملحة للارتقاء بواقعهن”، ودعت منظمات المجتمع المدني الى “تحمل المسؤولية وشن حملات توعية أوسع، خاصة وان الانتخابات والمشاركة فيها هي مفتاح الحل المتاح للتغير”.

وعن عزوف بعض النساء عن المشاركة تقول الجوراني “إنها رغبة غير واعية وتؤكد على وجود تخلف كبير في هذا الاتجاه في وسط النساء، وأن المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني للتصدي إلى هذه التوجهات والتي هي غالبا رد فعل متوقعة، بسبب عدم تحقيق الوعود السابقة التي أطلقها المسؤولون خلال حملاتهم الانتخابية السابقة”.

وتؤكد الجوراني “وجود الكثير من المسؤولين ومن كلا الجنسين استغلوا أوضاع المواطنين المعيشية القاسية واحتياجاتهم الملحة، للكسب الانتخابي، وبعد الفوز لم يتحقق شيئ من وعودهم  للمواطنين”.