اخر الاخبار

شعر الشاب عمار حسين (23 سنة) بآلام مفاجئة في بطنه، فتوجه فورا إلى أحد المستشفيات القريبة، وهناك وجه الطبيب بعد الاطلاع على وضعه الصحي، بإدخاله مباشرة إلى صالة العمليات، كي تجرى له عملية إزالة الزائدة الدودية. لكن الشاب لم يدر أن هذا الأمر سيحوّل حياته إلى جحيم!

يقول عمار في حديث صحفي: «كانت الجراحة ناجحة حسبما أبلغني الطبيب، لكنني عانيت فترة طويلة بعد العملية، مضاعفات اضطرتني إلى العودة مجدداً إلى المستشفى. فقد راجعت طبيبا آخر، وطلب مني إجراء فحوص جديدة، لأتفاجأ بعدها بأن الطبيب الذي أجرى لي العملية نسي إحدى أدوات التشريح داخل جسدي»!

ويتكرر في العراق بين فترة وأخرى تسجيل حالات وفاة جراء أخطاء طبية خلال العمليات الجراحية بشكل عام، أو بفعل مضاعفات جراحات تجميلية.

يأتي ذلك وسط تصاعد دعوات المواطنين للارتقاء بالقطاع الصحي المتهالك، وتغليظ العقوبات على مرتكبي الأخطاء الطبية، وتشديد الرقابة على المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة.

خطأ يحرم شابة من الإنجاب!

الشابة سلوى جبار (25 سنة)، هي الأخرى ضحية خطأ طبي تسبب في منعها من الحمل طوال حياتها.

تقول في حديث صحفي: «كنت حاملاً بتوأم، وأثناء عملية الولادة كدت أفقد حياتي لأن الطبيبة التي أجرت العملية تسببت في خطأ طبي نتج عنه شلل في الأطراف السفلية لأحد الطفلين، إضافة الى جروح عميقة في الرحم فاضطررت لاحقاً إلى إزالته، لأحرم من الإنجاب طوال حياتي».

ولا تقتصر نتائج الأخطاء الطبية التي يتعرض لها المرضى على العاهات المستديمة، بل إن حالات كثيرة تنتهي بالموت. ورغم عدم وجود إحصائية رسمية لأعداد الأخطاء الطبية في العراق، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي تضج بين فترة وأخرى بوقائع تدفع روادها إلى التضامن مع الضحايا، وتعيد فتح ملف الأخطاء الطبية في المؤسسات الصحية، والمطالبات بمحاسبة مرتكبيها.

أكبر مصادر الفساد!

في حديث لوكالة أنباء «العربي الجديد»، يعزو جرّاح يعمل في «مستشفى الشهيد غازي الحريري»، أحد أهم مستشفيات جراحة القلب في بغداد، أسباب الأخطاء الطبية إلى كون القطاع الصحي في العراق «من بين أكبر مصادر الفساد، لما يوفره من عقود ومناقصات حكومية، تفتح شهية القوى الحاكمة إلى التدافع للسيطرة على وزارة الصحة، بهدف الحصول على الصفقات».

ويوضح الطبيب الذي حجبت وكالة الأنباء أسمه، أن «الجهات المسيطرة على الوزارة من أحزاب وقوى سياسية متنفذة أثرت على تراخيص المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة، وحتى مراكز التجميل، والتي باتت تمنح من دون الخضوع للمعايير القانونية والصحية، الأمر الذي نتج عنه ضعف البنية التحتية الصحية وتزايد الأخطاء الطبية».

انتحال صفة طبيب!

من جانبه، يرى الطبيب محمد كاظم، أن أسباباً كثيرة تقف وراء تكرار الأخطاء الطبية في العراق خلال السنوات الأخيرة، من بينها وجود أشخاص ينتحلون صفة الطبيب!

ويضيف قائلا في حديث صحفي أنه «من خلال متابعة البيانات التي تصدر عن وزارتي الصحة والداخلية، نجد أن هناك أعدادا غير قليلة من الأشخاص الذين ينتحلون صفة الطبيب، ويمارسون المهنة في المستشفيات العامة والخاصة، وهذا الأمر يتسبب في كوارث صحية تطاول أعدادا كبيرة من الناس. لذا ينبغي محاسبة هؤلاء المنتحلين عبر إنزال أشد العقوبات بحقهم».

الصحة: مبالغة وتهويل!

في المقابل، يرى المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أن «هناك مبالغة وتهويلاً في قضية الأخطاء الطبية في العراق، في حين أن الخطأ الطبي أمر وارد دائماً، وقد يحدث في أكبر المؤسسات الطبية حول العالم».

ويقول في حديث صحفي أن «الوزارة لديها قسم للمسؤولية الطبية، تقع على عاتقه مسؤولية متابعة الأخطاء الطبية بالتعاون مع الجهات الأمنية والقضائية، وأي مواطن لديه الحق في تقديم شكوى ضد أي جهة صحية يعتقد أنها ارتكبت أخطاء طبية، وفي حال ثبت وجود الخطأ فإن الوزارة لديها إجراءات عديدة لمحاسبة المقصرين».

ويضيف البدر أن «عقوبات الأطباء المقصرين تكون مبنية على ثبوت الخطأ، وخطورته، وما إذا كان مقصوداً، وعلى ضوء ذلك تتخذ الإجراءات، وقد تصل العقوبة إلى الفصل، أو إلى السجن. هناك مئات القضايا الخاصة بالأخطاء الطبية التي تتابعها الوزارة، لكن حسمها يكون وفق توقيت زمني وقانوني، كما هو الأمر في بقية القضايا، وأي مقصر يثبت تقصيره بالدليل القاطع ينال جزاءه العادل».

عقوبة الخطأ الطبي

وفقا للخبير القانوني محمد السامرائي، فإن الأخطاء الطبية تتمثل حسب القانون العراقي في الإهمال والرعونة أو عدم الاهتمام أو عدم أخذ الحيطة والحذر.

ويوضح في حديث صحفي أنه «إذا ما لحق ضرر بالمريض أو توفي، نتيجة استشارات خاطئة أو صرف علاجات غير صحية، أو إجراء عمليات جراحية خاطئة، فإن الطبيب أو مقدم الخدمة الصحية يقع تحت طائلة المسؤولية القانونية»، مبينا أنه «في حال حصول وفاة عن طريق الخطأ الطبي، فإن الطبيب يعاقب وفق المادة 411 من قانون العقوبات العراقي، بالحبس لمدة تتراوح ما بين سنة إلى 5 سنوات».