اخر الاخبار

أنعشت السياسات الحكومية في مختلف القطاعات ظاهرة التسول، التي لا يكاد يخلو منها أيّ تقاطع مروري أو شارع تجاري في العاصمة بغداد وبقية المحافظات، الامر الذي حوّلها الى مهنة تمتهنها مافيات تعمل على استغلال الفقراء في كسب المال بطرق مختلفة.

مستشارة رئيس الوزراء للرعاية الاجتماعية، سناء الموسوي، كشفت عن توجه حكومي لشمول المتسوّلين برواتب الرعاية الاجتماعية.

وقالت الموسوي في لقاء متلفز، الشهر الجاري، إن “رئيس الوزراء يولي ملف الرعاية الاجتماعية اهتماما بالغا، إذ تم تقديم مقترح بشمول المتسولين برواتب الرعاية”.

واضافت أن “عدد المشمولين بالرعاية يزداد شهريا، بينما حدد قانون الرعاية المشمولين بالرواتب، حيث يتم قطع الراتب عن الأسرة التي تصبح فوق خط الفقر، لكن حجب رواتب الرعاية عن القادرين على العمل غير مطروح حاليا”.

واشارت إلى أن “الحكومة وضعت في موازنتها مبالغ مناسبة لوزارة العمل، تتضمن تخصيصات للمبادرات الإقراضية لحل مشكلة البطالة، وأموال لتثبيت أصحاب العقود”.

وبحسب التصريحات الرسمية فإن 6.5 مليون شخص يتسلمون رواتب الرعاية الاجتماعية، وقد تم استبعاد ما يقارب 181 ألف متجاوز منهم حتى الان.

قروض

ويبين المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل، نجم العقابي، أن “قانون الحماية الاجتماعية يشمل اي عائلة او شخص لا يملك مصدر دخل”.

ويقول العقابي في حديث خصّ به “طريق الشعب”، إن “هناك أموالا خصصت ضمن الموازنة الثلاثية لأجل معالجة مشكلة البطالة والفقر”، لافتاً الى وجود قروض للشباب ضمن مشاريع مدرة للدخل، كما سيتم توفير رأس مال لمدة 3 سنوات، بقيمة مالية تقدر بترليون و400 مليار دينار عراقي”.

ويؤكد، أن “المشروع سيستمر 3 سنوات: كل عام سيتم منح قرض بقيمة تتراوح بين 20 - 50 مليون دينار عراقي، شريطة ان يمنح المال لأشخاص يملكون مشاريع حقيقية”.

ويضيف المتحدث باسم وزارة العمل أن “تلك المشاريع تتم متابعتها من قبل لجان خاصة”.

“ليس حلاً”

وتعقيبا على حديث العقابي، يرى معنيون، أن هذه الآلية “لن تكون قادرة على معالجة مشكلة التسول المتفاقمة، بل قد تزيد من تعقيد الوضع”، لافتين الى ان حلول الوزارة لا تكافح الظاهرة، انما يمكن للمتسولين أن يستفيدوا من رواتب الرعايا الاجتماعية، ويمارسون التسول سراً.

حلول غير منطقية 

وتقول الناشطة في مجال حقوق الانسان سارة جاسم، إن مسألة شمول المتسولين برواتب الرعاية الاجتماعية “ليست حلا جذريا أو منطقيا لظاهرة التسول”، مشيرة الى أن بعض المتسولين يتم استغلالهم من قبل عصابات منظمة، تستهدف الفئات الاجتماعية الهشة”.

وتجد الناشطة في حديثها لـ “طريق الشعب”، أن من الضروري ان تتم “مكافحة عصابات التسول التي تستغل الأطفال والفتيات وكبار السن، قبل تبني حلولٍ جزئية”.

وتشير جاسم الى أن “بعض المتسولين يحصلون على مبالغ كبيرة من التسول يوميا، وبالتالي فان هؤلاء لا يقتنعون براتب الرعاية الاجتماعية، الذي يحصلون عليه خلال تسول ليوم واحد”، مقترحة ان تجري ملاحقة العصابات التي تقف وراء الظاهرة، وتقوم باستغلال الناس بالتسول”.

وتوصي جاسم بـ”تأهيل وإرشاد المتسولين، ومنحهم قروضا تساعدهم على تجاوز هذا المرض”، مشددة على ضرورة “عزل الأطفال عن هذه الممارسات، وتمكينهم من وضعهم التربوي والتعليمي”.

وتختتم جاسم حديثها بالتأكيد على وضع قانون صارم يعاقب أولئك الذين يعودون لممارسة التسول، بعد الاستفادة من مبادرات الحكومة.

معالجات

ويعتبر التسول ظاهرة اجتماعية سلبية وخطرة، كما أنه يعد جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لعام 1969.

ويوضح القانوني مرتضى الحسني، أن “المادة 390 من قانون العقوبات العراقي، اعتبرت التسول جريمة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد، ولا تزيد على ثلاثة أشهر، بالنسبة للبالغين، اما من وجد يمارس التسول وهو دون سن 18 عاما، فيتم ايداعه بدور الايواء والتشغيل”.

ويتفق الحسني مع رأي الناشطة سارة جاسم، بالتأكيد على ان شمول المتسولين بامتيازات الرعاية الاجتماعية، يشكل “حلا جزئيا للمشكلة المتجذرة اجتماعيا”.

ويقول الحسني خلال حديثه مع “طريق الشعب”: إن “المتسولين أو من يستثمر فيهم يمثلون مافيات يحققون ارباحا هائلة تتجاوز بكثير ما يمكن أن يحصلوا عليه من رواتب الرعاية الاجتماعية”.

وعن الحلول التي يقترحها، يشدد على “فرض عقوبات على ممارسي التسول، ولا سيما التسول المنظم من قبل العصابات والمافيات الإجرامية”، حاثا على “تطوير وإيجاد برامج إصلاح وتأهيل وتوظيف تتوافق مع المعايير الدولية والقيم الإنسانية، كما ينبغي زيادة الوعي بخطورة جريمة التسوّل على الصعيدين الاجتماعي والشخصي”.

ويزيد بالقول: “يجب إتاحة فرص العمل والتوظيف أمام المشردين البالغين، وزجهم في مشاريع صغيرة”، كما يوصي بـ”مناقشة سبل معالجة هذه الظاهرة مع الخبراء في مجال البحث الاجتماعي والمختصين في شؤون المجتمع وممثلي المنظمات المدنية، من أجل إيجاد حلول فعالة، للحد من انتشار هذه الظاهرة”.

تجدر الإشارة الى غياب الأرقام الدقيقة عن عدد المتسولين في العراق، لكن تقارير وتقديرات المنظمات المدنية تشير لوجود عشرات الآلاف منهم، ينتشرون في العاصمة بغداد ومراكز المحافظات.

عرض مقالات: