اخر الاخبار

تحت اشعة الشمس الحارقة، يواصل المئات من الحمالين في سوق الشورجة من مختلف الاعمار، عملهم في جرّ العربات ومنهم من اتخذ ظهره وسيلة لنقل البضائع، شاكين من  ان “قضايا العمال وكل ما يواجهونه تصبح حديث المسؤولين في ايام الانتخابات فقط، لمن اجل كسب الاصوات لا اكثر”، مضيفين ان ظروف الحياة الصعبة وقلة فرص العمل دفعت الكثير منهم، خاصة من فئة الخريجين الى الاستمرار بالعمل في هذه المهنة الشاقة، على الرغم من الاجور الزهيدة التي يتقاضونها.

ويذكر قاسم حمود (57 عاما) انه يعمل حمالا في سوق الشورجة مند 8 سنوات: “اجلس منذ الساعات الاولى من الصباح على حافة عربتي مع مجموعة كبيرة من الحمالين بمختلف الإعمار في انتظار طلبات الزبائن او اصحاب المحال الراغبين بنقل بضاعتهم”.

يقول حمود لـ”طريق الشعب”: “لم اتمكن من الدراسة وتعلم القراءة والكتابة بسبب حاجة عائلتي الى من يعيلهم خاصة وانه أب لاربع بنات وشابين، جميعهم تلاميذ مدرسة باستثناء بنتين اكملتا دراستهما الجامعية.

ويعوّل هذا الاب الكادح “على ابنائي بعد اكمال دراستهم في تحمل المسؤولية، اذا ما عجزت عن العمل”، مشيرا الى “ان فرص العمل قليلة وان هناك الكثير من الشباب الخريجين بمختلف التخصصات يعملون حمالين في سوق الشورجة، ومنذ عقود”.

وحول وارده المالي يذكر “لا يتجاوز في احسن الاحوال 25 الف دينار في اليوم، وهناك ايام كثيرة حصلت فيها على مبلغ 5 آلاف دينار فقد”.

وبخصوص الضمان الاجتماعي للعمال، لا يعلم حمود شيئا عن ذلك، مشيرا الى ان “هناك الكثير من الشخصيات يزورون السوق في ايام الحملات الانتخابية ويعدونا خيرا ثم يختفون بعد ذلك”.

اما العامل ماجد علي (30 عاما) فيقول: اكملت دراستي في معهد الفنون الجميلة - قسم السيراميك قبل 5 اعوام، ولم اتمكن من الحصول على اي فرصة عمل على الرغم من المحاولات المتكررة، ووعود المسؤولين”، مشيرا الى ان “هناك محاولات دفع مقابلها مبالغ مالية ولم يحصل على اي فرصة عمل مضمونة، ولم يتمكن من استرجاع أمواله”.

وعن طبيعة عمله في سوق الشورجة يفيد بانه يعتمد على قوة جسده في نقل بضائع الزبائن واصحاب المحال التجارية، فعربات الحمل في بعض الايام يمنع دخولها الى السوق”.

وعن عمله كحمال في السوق يقول: “اكملت دراستي وانا اعمل حمال. بحثت عن العمل سعيا للحصول على راتب ثابت، الا اني لم افلح وعدت اعمل حمالا ثم تزوجت ورزقت بطفلة وما زلت اعمل”، موضحا ان “الوارد المالي من عملي كحمال استطيع من خلاله سد بعض من متطلبات الحياة اليومية لعائلتي، الا انها لا تمكنني من تطوير نفسي وتحقيق طموحي، على الاقل بضمان عيش كريم لاسرتي وابنتي وابني الذي لا يزال جنينا”.

ولا يختلف منظر عمل الحمالين الاطفال عن الكبار في العمر، فهم يتنافسون في ما بينهم للحصول على الزبائن، ومنهم من يحاول اقناع المارة بحمل بضاعته، وتسيطر على ملامحهم اعراض التعب والاعياء الشديد بسبب الجو الحار والجهد الشديد، فهم يكدحون من الصباح الباكر حتى ما بعد الظهر.

تاج الدين، الذي لا يتجاوز عمره 12 عاما، يحرص على نقل انواع البضائع في عربته وهو يتوسل المارة بالسماح له بحمل البضاعة بالنيابة عنهم. ويقول بلهجته البسيطة لـ”طريق الشعب” ان “الناس في السوق عبالهم اني صغير وما اكدر اشيل البضاعة”.

وينوه الى انه لم يدخل المدرسة ويعمل مع اخيه الاكبر حمالين في سوق الشورجة بالتناوب بين الصباح والمساء.

ويذكر ان “العربة التي يجرها تعود لاخيه، وانه يعمل في الشفت الصباحي لان اخاه يعمل عامل خدمة توصيل في احد المطاعم وعند انتهاء عمله هناك، يأتي الى هنا لتسلم العربة والعمل حمالا في السوق”.

تاج الدين، يقول “احصل من عملي هذا على مبلغ لا يتجاوز 20 الف دينار يوميا، وعند الانتهاء اذهب الى البيت واسلم دخلي الى والدتي التي تعاني مرض السكر بعد فقدان اخي الاكبر في مرض كورونا وترك عائلة تتكون من طفلين وارملة”.