اخر الاخبار

بات الاعتداء على الكوادر الطبية في العراق، من قبل ذوي المرضى، ظاهرة متفشية لا يردعها رادع ولا قانون. فبعد يومين من تسجيل اعتداء في مستشفى البنوك الأهلي ببغداد، الأسبوع قبل الماضي، وقع حادث آخر مماثل في مستشفى ابن الخطيب وسط العاصمة.

وجاء الاعتداءان الأخيران ضمن سلسلة اعتداءات تطال باستمرار الكوادر الطبية والموظفين الآخرين وحتى عناصر الأمن الخاصة بحماية المؤسسات الصحية.

وتسببت هذه الاعتداءات التي تتكرر منذ سنوات، في هجرة الكثير من الكوادر الطبية، الأمر الذي يهدد المؤسسة الصحية بالانهيار، وسط مطالبات بتحمّل الجهات المعنية مسؤولياتها إزاء حماية الأطباء.

ولا تقتصر هذه الاعتداءات على الكوادر الطبية فقط، إنما تطال أيضا كوادر تدريسية وعناصر أمنية وموظفين في مختلف دوائر الدولة. ويرى مراقبون ان تكرار هذه الممارسات، يؤكد غياب القوانين الحقيقية الرادعة، والتي إن وجدت لا تطبق بشكل فعلي على الجميع، خاصة الذين لديهم ارتباطات مع جهات نافذة ويعتبرون أنفسهم فوق القانون! 

اعتداءات يومية

المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أكد في حديث صحفي أن “الاعتداء على المؤسسات الصحية ومنتسبيها بمختلف عناوينهم، يكاد يكون يوميا”، مشيراً إلى أن “بعض هذه الاعتداءات يؤدي إلى الوفاة أو وقوع إصابات بليغة. كما ان الاعتداءات تعد حافزاً لهجرة الكفاءات”.

ووفقًا لإحصاءات رسمية، فإن 72 ألف طبيب عراقي ما زالوا خارج البلاد. إذ دفعت بهم الظروف الأمنية والاعتداءات والتهديدات التي تعرضوا لها إلى الهجرة.

وأرجع البدر تكرار حوادث الاعتداء إلى “تحريض بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي ضد الكوادر الطبية، فضلاً عن نشر معلومات غير دقيقة عن المؤسسات الصحية ومنتسبيها”.

أما عن الحادثين الأخيرين، فقال أن “وزارة الصحة اتخذت الاجراءات القانونية بحق المعتدين”، مبيناً أن “الصحة وزارة خدمية، فيما مسؤولية حماية المؤسسات الصحية ومنتسبيها فتقع على عاتق الجهات الأمنية والقضائية”.

نقابة الأطباء تعقد مؤتمرا

من جانبها، طالبت نقابة الأطباء العراقيين، الخميس الماضي، السلطات الأمنية بنقل مديرية حماية المنشآت والشخصيات على ملاك وزارة الصحة.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده نقيب الأطباء د. عقيل شاكر محمود مع مجموعة من رؤساء النقابات الصحية في بغداد، على إثر وفاة الطبيب حمزة كريم قاسم قبل أيام في ميسان، في ظروف غامضة، والذي عُثر على جثته في نهر بقضاء الكحلاء.

ودعا نقيب الأطباء خلال المؤتمر إلى توفير بيئة عمل صالحة للاطباء، ومحاسبة المقصرين من الجهات المكلفة بحمايتهم، مشددا على “ضرورة إجراء اصلاح جذري شامل للنظام الصحي في البلاد”.

وقال أيضا إنه “يجب العمل الفوري على منع التأجيج المستمر ضد الأطباء من قبل بعض وسائل الإعلام”، مضيفا قوله: “لقد حان الوقت لربط حماية المنشآت ونقلها من وزارة الداخلية الى وزارة الصحة وجعلها تحت إمرة المستشفيات وإداراتها”. وتابع قائلا أن “نقابة الأطباء تحذّر من تسويف هذه المطالب العادلة. فالخاسر الوحيد من قتل الاطباء او هجرتهم هم المرضى من أبناء الشعب”، مؤكدا أن “النقابة ستتابع تنفيذ هذه المطالب، وستضطر للتصعيد في حال تم تسويفها”. وفي حديث صحفي، لفت د. محمود إلى أن “بعض الأطباء لا يبلغون عند وقوع اعتداء عليهم سواء في داخل عياداتهم الخاصة أم في المؤسسات الصحية، لذلك لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد حالات الاعتداء”، مشيراً إلى أن “الجيش الأبيض يدفع ضريبة الخلل المتراكم في النظام الصحي العراقي”.

وطالب النقيب بـ “تفعيل قانون حماية الأطباء رقم 26 لسنة 2013، من خلال تنسيق العمل بين وزارتي الصحة والداخلية”.

عقوبة الاعتداء

يعاقب قانون العقوبات العراقي في المادة 229 و230 و231، كذلك المادة 6 من قانون حماية الأطباء، كل من يعتدي على موظف أو كادر طبي بالحبس من 3 إلى 5 سنوات، وغرامة مالية بين 200 ألف دينار ومليون دينار – حسب الخبير القانوني علي التميمي، الذي أضاف أن “العقوبة قد تصل إلى السجن 15 سنة إذا أدى الفعل إلى إحداث عاهة، وفق المادة 412 من قانون العقوبات. أما إذا أدى الفعل إلى موت الطبيب، فستكون العقوبة إعداما، حسب المادة 406 من القانون”.

وأشار التميمي إلى أن “قانون حماية الأطباء لم يشدد العقوبة لتحقيق الردع، بل اعتبرها مثل عقوبة الاعتداء على الموظف، وكان من المفترض تشديدها كما حصل في الدكة العشائرية التي اعتبرت جريمة إرهابية. لذلك على مجلس القضاء الأعلى اعطاء التعليمات بتشديد العقوبة”.