اخر الاخبار

تتواصل أزمة ندرة المياه في مختلف محافظات البلاد، لكنها أصابت هذه المرة العاصمة بغداد؛ إذ رصدت “طريق الشعب” انحسارا لمياه الإسالة في عدة مناطق سكنية، إذ تحدث مواطنوها عن صعوبات بالغة يواجهونها في مهمة الحصول على المياه عبر أنابيب الإسالة.

وتداول ناشطون في الأيام الأخيرة مقاطع فيديو، توثق انحسار مياه نهر دجلة وسط بغداد، مع وجود شباب وصبية يسيرون وسط النهر، فيما تناقل آخرون صوراً تبين النقص الشديد في مياه النهر بالقرب من شارع أبي نؤاس وجسري السنك والجمهورية، وكذلك قرب الاعظمية.

وحاولت “طريق الشعب” التواصل مع المكتب الإعلامي لأمانة بغداد، لبيان أسباب هذه الانقطاعات، ولمعرفة ما إذا كانت المشكلة مرتبطة بشح المياه التي تعاني منها البلاد، أو تعود لأسباب فنية، لكنها لم تحصل على الرد.

وأجرى مراسلو الجريدة، جولة استطلاعية في عدة مناطق بغدادية، لمتابعة أزمة مياه الاسالة والوقوف على معاناة الناس من جراء ذلك.

مناطق الرصافة

مراسل “طريق الشعب” في جانب الرصافة، أكد أن “ازمة مياه الاسالة تخنق عددا كبيرا من المناطق”، ملاحظا أن “الازمة تفاقمت في الآونة الاخيرة بشكل يثير القلق”.

وقال، إن “مدة انقطاع مياه الاسالة في كثير من المناطق تصل الى ثماني أو عشر ساعات يومياً”، مضيفا ان هذه المشكلة تختلف من منطقة الى أخرى؛ ففي مناطق الاعظمية والكسرة والوزيرية وشارع المغرب تنقطع مياه الاسالة من الساعة الثامنة ليلاَ وحتى الرابعة فجراً”.

واضاف، ان “بعض المناطق وبالرغم توفر المياه بواسطة المضخات، الا انها لم تكن متاحة في كثير من الأحيان، ما يضطر العديد من المواطنين الى السهر، لأجل الحصول على المياه وملء خزانات منازلهم عبر (الماطور)”.  كما شملت جولة مراسلينا مناطق الشعب وحي اور والقاهرة، إذ نقلوا عن سكانها القول بأن “الانقطاع يصل لساعات قليلة. وان المياه يمكن توفيرها باستخدام مضخة المياه المنزلية”.

شكاوى دون جدوى

وحاول العديد من مواطني الاحياء التي تعاني من خلل في كميات المياه المتدفقة الى منازلهم، تقديم شكاوى عديدة إلى دوائر المياه في الرصافة، وقدموا طلبات مهمشة من مئات المواطنين لكن دون جدوى.

وتعاني منطقة الصحفيين في البلديات من شح في المياه وانقطاع مستمر وتلوث المياه، بسبب التجاوزات على شبكات المياه من قبل الأحياء السكنية الزراعية المجاورة.

وينقل مراسلنا عن مواطن يدعى اسعد قاسم قوله: إن “مياه الإسالة غير صالحة للاستهلاك البشري، وهذا ما يدفع أهالي المنطقة الى الاعتماد بشكل كلي على مياه “RO”، والتي اضافت حملاً اقتصاديا على كاهل الفئات الفقيرة”.

وتحدث المواطن مهدي جواد قائلا انه يتوجب عليه السهر ليلًا بغية ملء خزان المياه في المنزل، مطالبا الحكومة والجهات المعنية بضرورة رفع التجاوزات عن شبكة المياه كون المياه التي تصل الى منازلهم محملة بالأطيان وروائح كريهة في بعض الأحيان.

اما المواطن عبد الله ليث، فيتساءل: “هل من المعقول ان تكون الدولة عاجزة عن توصيل المياه الصالحة للشرب الى منازل المواطنين، ونحن في عام 2023؟”.

ويشير الى ان “الحكومة تملك وسائل وطرقا كثيرة بإمكانها اتباعها لأجل توفير مياه نظيفة وصالحة لاستخدام المواطنين”.

مناطق الكرخ

اما في جانب الكرخ من العاصمة بغداد، فينقل مراسلنا معاناة المواطنين بالقول: إنه “عند ارتفاع درجات الحرارة صيفاً تزداد الحاجة الى مياه الاسالة، لأغراض الشرب أو الاستخدام اليومي”.

والتقى مراسلنا بالمواطنة علياء سعدي من منطقة الرحمانية، ونقل عنها القول إن “موضوع انقطاع المياه صار معتاداً؛ اذ نضطر الى ملء قناني المياه ليلاً لتجنب شحته في صباح اليوم التالي”.

وبحسب الاستطلاع الذي اجراه مراسلنا، فان ساعات الانقطاع في أحياء اسيا والصحة والاثوريين والمعلمين والميكانيك وابودشير، تتجاوز أغلب ساعات النهار.

يشير المواطن أبو غازي، من أهالي منطقة ابودشير الى انه “حين تتوفر مياه الاسالة فهي غير صالحة للاستهلاك البشري، ونضطر لتخزين المياه عن طريق المضخات”.

اما في المحلات السكنية (٨٢١ و٨٢٣ و٨٢٥ و٨٢٧) في منطقة السيدية، فوضع الأهالي لا يختلف كثيرا.

تحدث مراسلنا لعدد من أهالي تلك المحلات، الذين اشروا ضعفا في تدفق المياه الواصلة لمنازلهم، بحسب ما ذكر المواطن امير علي من محلة 827.

ويضيف: ان هناك تجاوزات على شبكة المياه، وبالتالي فان زيادة الطلب عليها تضعف من قوة الدفع.

حتى المضخة لا تشفع!

اما المواطن سعيد القريشي الذي يسكن في محلة ٨٤٧ ـ حي التراث، فيقول لمراسل “طريق الشعب”، إن “اغلب ساعات اليوم تشهد انقطاعا للماء حتى عند استخدام مضخة مياه منزلية”.

ولا تختلف معاناة المواطن انور سامي رشيد عمّا طرحه بقية المواطنين، حيث قال إن “انقطاع الماء في محلة ٨٦٣ ـ منطقة الدوانم وتل اسود يستمر لفترات طويلة”، مشيرا الى انه ينقطع تماماً عند وجود الكهرباء الوطنية، عازيا السبب الى “تشغيل مضخات المياه في اغلب المنازل، ما يجعل من المياه منعدمة ونادرة”.

والحال يبدو أصعب في مناطق المحمودية والرشيد واليوسفية واللطيفية؛ حيث يقول المواطن أبو مفيد، إن “مسألة شح مياه الاسالة أزلية. عانينا منها منذ فترة طويلة، وصارت امرا اعتياديا”، لافتا الى ان “الدوائر المعنية بالشأن لم تأخذ بالحسبان موضوع الزيادة السكانية التي حصلت في القضاء ونواحيه، لغرض اجراء المعالجات التي تتناسب مع ذلك”.

المواطنة سلمى المعيني تتحدث عن معاناة حي القضاة، اذ تقول انه يعاني من “ضعف المياه الواصلة للمنازل، ويتعذر وصولها الى خزانات المياه في الطابق العلوي، الا في استخدام مضخة مياه، واحيانا لا تفي بالغرض”. وبينت ان “اهالي المحلات في منطقتي القضاة وحطين يعانون من هذه المشكلة، وينتظرون ان تجد الحكومة وامانة بغداد حلولا سريعة لإنهاء هذه المعاناة”.

المواطن أبو ناهض، قال لمراسلنا إن “المعاناة ذاتها تنطبق على مناطق البياع وحي العامل والجهاد. قدمنا طلبات وشكاوى عديدة الى وحدة الرشيد، لكن لم تتم اي معالجة او حل لهذه المشكلة”.

وفي الغزالية

وينقل مراسلنا في الغزالية عن المواطنين قولهم: ان “مياه الشرب تنقطع في هذه المنطقة في فترات طويلة”.

المواطنة ام انيس من سكنة محلة 446 ـ غزالية، تقول ان “منطقتنا (حي العقداء) تعاني من شح في مياه الاسالة، حيث تصل ساعات قطع الماء لثماني ساعات بصورة متقطعة خلال اليوم. وهناك صعوبة في ملء الخزانات الا باستخدام المضخات الكهربائية، بعد ان كانت تُملأ بدون ذلك خلال السنة الماضية، اضافة الى عدم امكانية استخدام مياه الاسالة للشرب بعد ان تم فحصه من قبل بعض الشركات الجوالة والمجازة من قبل الحكومة، ما يضطر المواطن لشراء الماء من المنظومات الاهلية RO”.

وتناشد المواطنة ام انيس الجهات المعنية “توفير الماء وتحسين نوعيته لتتمكن العوائل من استخدامه للشرب وانهاء معاناتهم”.

واكد المواطن محمد حسن، ان شح ماء الاسالة في محلة 446 زادت من معاناتهم، بعد ان كانت تملأ الخزانات دون الحاجة الى مضخات، مضيفا “اننا نعلم ان من اسباب شح المياه ما هو مرتبط بانخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات، الا ان من واجب الحكومة توفير المياه للمواطنين وعدم التعكز على تلك الاسباب، وخاصة ان كمية المياه ونوعيتها مرتبطة بصحة الانسان.

مناطق أخرى تشتكي

ومن المناطق الأخرى التي استطاعت “طريق الشعب” التواصل مع مواطنيها، حي العدل، القاهرة، الكريعات، كرادة داخل، الرحمانية، الاعلام، المعالف، حي الشباب، اذ لا تختلف معاناتهم عن بقية المناطق في العاصمة، حيث يقاسي سكانها انقطاعات مستمرة لمياه الاسالة.