اخر الاخبار

تفشت خلال السنوات الأخيرة في المدن العراقية، خاصة في المناطق التجارية، ظاهرة سلبية تتمثل في استيلاء بعض أصحاب المحال على الأرصفة والشوارع المقابلة لهم، ما يضيف تشوها آخر إلى التشوّه البصري الذي يتجلى في عدم نظامية المباني، والتلوّث السمعي الصادر عن ضوضاء السيارات المزدحمة، فضلا عن التلوّث البيئي الذي يتصاعد يوما بعد آخر.

ويبالغ العديد من أصحاب المحال التجارية والمطاعم المنتشرة في بغداد، بأنانيتهم المفرطة، كلما تعلق الأمر بمكاسبهم. فهناك من يتصور أن الرصيف والشارع المقابلين لمحله من أملاكه الخاصة، فيتجاوز عليهما. وآخر يعلم بتجاوزه وفعلته الخاطئة، لكنه يستمر بالرغم من ذلك. وهناك أيضا من ينعدم فيه حس المسؤولية تجاه بلده، فكلما جادله أحدهم على أن هذا الشارع ملك للدولة، يجيبه بسخرية “هيّه وينها الدولة اللي تحجي بيها؟!”.

أما الآخرون، فهؤلاء يتعكزون على بعض المتنفذين في الحكومة، ليمنعوا المواطن مثلا من ركن سيارته أمام محالهم. إذ يستولون على الشوارع والأرصفة بحجة أنهم أخذوا الأذن من الجهة الحكومية الفلانية. وبين هذا وذاك، من يخلص المواطن من هذه الظواهر السيئة المستحدثة؟!

طلّع سيارتك صديقي!

المواطن تحسين الشمري، يقول في حديث صحفي: “كنت في أحد الأيام ماراً بمنطقة الكرادة داخل، واقتضى الأمر أن أركن عجلتي أمام أحد المطاعم في الشارع الرئيس، قاصداً محلاً للصيرفة في الجهة المعاكسة من الشارع.

ولأن الاستدارة بعيدة جداً، قررت العبور مشياً وتركت سيارتي أمام المطعم. إلا أنني فوجئت بأحدهم يصرخ بي: طلع سيارتك صديقي، ممنوع الوقوف هنا”!

ويضيف قائلا: “أجبته بأنني لن أتأخر سوى دقيقتين، ليجيبني بمبرراتهم المعهودة: أخي، هذا المكان مخصص فقط لزبائن المطعم، وإذا أتى أحدهم ولم يجد مكاناً خاصاً لعجلته سوف يذهب إلى مطعم آخر، وبهذا أخسر زبائني، حاول أن تجد مكاناً آخر تركن فيه عجلتك”!

ويتابع الشمري قوله: “ابتسمت، وأجبت الرجل بأن حديثك دام أكثر من دقيقتين.. لن اهتم له، افعل بسيارتي ما شئت!”، لافتا إلى أنه ركن عجلته في “ملك الشعب” وذهب نحو مقصده دون أن يكترث لعامل المطعم!

أناشيد الغضب!

تحسين الشمري كان محظوظا فوجد مكانا أمام المطعم يركن فيه سيارته، أما آية محمود، المغلوبة على أمرها، فقد واجهت نوعا آخر من مفتعلي هذه الظاهرة السلبية، ولكن بتطور واحترافية أكبر مما معهود منهم! فما أن خففت سرعة عجلتها لتجد مكانا تركنها فيه، حتى انطلقت أبواق السيارات لتعزف أناشيد الغضب! فهي لم تتمكن من ركن عجلتها بسبب العلامات التحذيرية التي يوزعها أصحاب المحال على جانب الشارع المقابل لمحالهم.

تقول آية في حديث صحفي: “زادت العلامات التحذيرية من معاناة المواطن العراقي، فوق معاناته مع أزمة الزحام. فصاحب المحل هذا نصب علامة كتب عليها (الوقوف ممنوع)، وآخر كتب (موقف خاص). أما بعضهم فقد اكتفى بكتابة اسم المحل أو المطعم على لافتة ووضعها على الرصيف أو على جانب الشارع. فإلى أين نذهب؟! هل الحكومة راضية عن هذه الظاهرة؟ لا بد من محاسبة كل من يقوم بذلك، فأرض الوطن للجميع وليست ملكا لأحد!”.

الوقوف ممنوع!

من جانبه، يروي ماجد الموسوي واقعة حدثت معه. إذ يقول أن “الشارع بات مليئا بالوحوش أكثر من البشر! فهناك من يريد أن يسبقك عند التقاطعات، وآخر يحاول أن يأخذ مكانك كلما أردت أن تركن عجلتك. هذا ما أعانيه كل يوم عند خروجي بالسيارة”.

ويوضح في حديث صحفي أنه “في أحد الأيام أدهشني ما رأيت، فعندما أردت أن أركن سيارتي أمام أحد محال بيع المستلزمات الرياضية وسط بغداد، وجدته قد وضع على الشارع المقابل له براميل نفط مليئة بالرمل. لذا ركنت سيارتي في مكان آخر، وتوجهت إلى صاحب المحل بالسؤال: (أخي.. لماذا تضع براميل مليئة بالرمل على الشارع؟ كيف بي أن أركن سيارتي أمام محلك لأشتري منك مثلا؟) فأجابني: (إذا ركنت سيارتك مقابل محلي فمن سيراه حينها، سوف أجازف وأبيع لمن يأتي إلى المحل ماشياً على قدميه فقط)”!

عشرة أمتار!

ينقسم تخطيط الشوارع في بغداد إلى أنواع عدة، فمنها ذو العشرين متراً، وآخر ذو الثلاثين، لكن هناك نوعاً آخر من الشوارع لا يحبه كل شخص يسكن العاصمة ويمتلك عجلة، وهو الشارع الذي يكون بعرض عشرة أمتار.

والأصعب من ذلك هو حينما يكون هذا النوع من الشوارع رئيساً وتجارياً.

وفي هذا الصدد يتحدث شرطي مرور عن معاناته مع أصحاب المحال التجارية في “شارع المشاتل” ذي العشرة أمتار، في منطقة الأعظمية.

ويؤكد أن “أصحاب المحال في هذا الشارع يرفضون التعاون معنا عندما يتعلق الأمر بمنع العجلات من الوقوف أمام محالهم.

لذلك أن الزحام لا يفارق الشارع.

وبرغم العقوبات والغرامات التي نفرضها على هؤلاء، إلا أنهم يستمرون في نفس الفعل كل مرة”!