اخر الاخبار

“لو كررتي هالحچاية أكسر راسج”.. هذا الرد الذي تلقته فاطمة عندما وقفت أمام والدها لتخبره بأنها لا تريد الزواج من رجل يكبرها بعشرين عاماً!

تزوجت فاطمة (اسم مستعار) في عامها السادس عشر. واليوم مرت ١٥ عاماً وشهران على ذكرى زوجها، الذي لا تزال تصفه بـ”التعيس”.

تقول فاطمة (٣٢ عاماً) لـ”طريق الشعب”، انه “عندما تقدم الرجل لخطبتي لم استطع الرفض، كنت خائفة من ردود الفعل، وعندما انهرت بالبكاء امام انظار ابي، وانا اخبره اني لا اريد الزواج لم يفعل شيئًا سوى انه هددني اذا لم اتزوج من الرجل المتقدم سيضربني حتى الموت”.

وتضيف، ان “والدتي لم تفعل شيئاً، انما كانت تمارس الضغط عليّ أيضا، كون الرجل الذي تقدم لخطبتي يكون ابن اختها، ولا تريد ان تحرجها برفضي ابنها… وهذا الاحراج كلفني طفولتي، وتفاصيل حياتي!”.

لم تستطع فاطمة اكمال دراستها بعد الزواج، وتحولت بين ليلة وضحاها من طفلة اكثر ما يشغل بالها عدم اكمال فروضها الدراسية، الى امراة متزوجة مسؤولة عن عائلة.

واختتمت فاطمة الحديث بالقول: “خضت تجربة مريرة وصعبة جداً، سأحرص على أن امنح اطفالي حق الاختيار، وأن يكونوا في عمر ووعي كاف لهذا القرار، الذي حرمت منه بوقت سابق”.

يعد الزواج المبكر أو ما يسمى بزواج الأطفال او زواج القاصرات، ظاهرة ليست بالجديدة، لكن ما يلفت الانتباه اليوم، هو بروز تداعياتها السلبية، وبالرغم من أن القانون العراقي يحظر الزواج دون سن الثامنة عشرة، إلا أن تلك الزيجات تحدث بعيداً عن المحاكم، حيث يعقد القران عبر الاستعانة بأي شيخ.

الاكتفاء بـ «عقد سيد»

الحقوقي كامل الربيعي، يقول إن “القانون العراقي يسمح بالزواج اذا توفر شرطان؛ الأهلية الكاملة ويقصد بها رجاحة العقل للطرفين. والشرط الآخر إتمام سن الـ١٨عاماً، وفقا لما تنص عليه المادة ٧ من قانون الأحوال الشخصية”.

ويردف كلامه لـ”طريق الشعب”، قائلاً إن الزواج المخالف للشروط القانونية، يتم خارج المحاكم العراقية عادة، وذلك عن طريق الاستعانة بولي أمر الفتاة ورجل دين وشهود اثنين، ويطلق عليه (عقد سيد)”.

وبعد ان يتم الزوجان سن الثامنة عشرة، يتجهان للمحكمة لتصديق الزواج قانونياً، ما يجبر القاضي على الموافقة، حتى وإن كان غير مقتنع، وتغريم الزوج مبلغا ماليا بسيط، بحسب الربيعي. ويتحدث الربيعي عن وجود محاولات عديدة لأجل تعديل قانون الأحوال الشخصية، تحديدا المادة ١٠ منه، والمطالبة بصياغتها بشكل حقوقي، ويمنع تزويج الشخص القاصر عن طريق فرض عقوبات لولي الأمر ولرجال الدين الذين يسمحون بهذا الفعل.

ويؤكد أن ارتفاع نسب البطالة وسوء الوضع الاقتصادي وبروز مشاكل اجتماعية كثيرة كزيادة نسب العنف الأسري، سبب رئيسي للجوء الى التزويج المبكر.

يهدد مستقبل الفتيات والأطفال

ولم تذهب الناشطة في مجال حقوق المرأة، رحمة وميض، بعيداً عما أكده الربيعي من أسباب تدفع إلى تزويج القاصرات.

وتعرف وميض لـ”طريق الشعب”، زواج القاصرات بأنه “أي زواج يتم دون بلوغ احد الطرفين او كلاهما السن القانوني، وعادةً ما يتم خارج نطاق القانون”.

وتجد أن “هذا النوع من الزواجات، يحرم الفتيات من طفولتهن ويهدد مستقبلهن وصحتهن”، مشيرةً إلى أن “الفتيات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن ١٨ عاماً يكونن أكثر عرضة للعنف المنزلي، ويقل احتمال بقائهن في المدرسة”.

ولا يقتصر الضرر على الزوجة فقط، انما ينتقل في النهاية إلى أطفالهن، بسبب عدم نشأتهم في بيئة صحية وسليمة.

وتتابع الحديث في هذا الصدد، قائلة إن “نسب الطلاق ترتفع بسبب هذا النوع من الزيجات، والذي يسبب ضياعاً لحقوق المرأة والأطفال اذا ما وجدوا”، مشيرةً إلى وجود العديد من الأطفال الذين اصبحوا عرضة للتشرد والاستغلال بسبب عدم امتلاكهم هويات تعريفية، لعدم تصديق زواج والديهم قانونياً”. وتؤكد أن “نسب الامية تزداد عند الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكر، خاصةً في القرى والأرياف”.

وتطالب المتحدثة الجهات المعنية بتشديد القوانين والتشريعات التي تنظم زواج الأطفال وتحمي حقوق الفتيات، وتحث السلطات على تطبيق القوانين الخاصة بذلك.