اخر الاخبار

يشكو مواطنون في بغداد، من جشع أصحاب مولدات أهلية، يفرضون عليهم تسعيرة أعلى من المقررة حكوميا، مؤكدين أن “لا أحد يراقب هؤلاء الجشعين ويحاسبهم”.

وفيما يلفت عدد من المواطنين إلى ان هناك اتفاقات تحصل بين أصحاب مولدات وموظفين حكوميين في دوائر الكهرباء والمجالس المحلية، يكون ضحيتها المواطن، ومنها كشف هوية من يشتكي على صاحب مولدة مخالف. ويدافع أصحاب المولدات عن الأسعار التي يفرضونها ويؤكدون أنهم مضطرون إلى شراء الوقود من السوق السوداء، ويتكبدون خسائر كبيرة في حال عطلت مولداتهم.

أسعار غير مقبولة

عادة ما تستقر الطاقة الكهربائية في شهور فصلي الربيع والخريف، لكن الملاحظ أن أصحاب المولدات يواصلون جباية أجور الاشتراك وفق التسعيرة نفسها التي يفرضونها في فترات تدهور الكهرباء – وفق ما يؤكده مواطنون بغداديون في حديث صحفي.

ويوضح المواطنون أن التسعيرة التي يفرضها أصحاب المولدات “غير مقبولة”، تصل إلى 20 ألف دينار عن الأمبير الواحد، خاصة في مناطق الدورة والكرادة والحرية والمنصور وغيرها.

ويدور كلام بين المواطنين، وحتى بين مسؤولين حكوميين، عن اتفاقات يبرمها أصحاب مولدات مع موظفين في محطات الكهرباء الفرعية، من أجل إطفاء الطاقة الكهربائية في فترات معينة، وبالتالي توفير عذر لأصحاب المولدات كي يزيدوا من التسعيرة!

مجالس محلية ضد المواطنين!

اشترك المواطن سامر، في ما يُعرف بـ”الخط الذهبي” الذي يمنحه التيار الكهربائي طيلة 24 ساعة، متى ما انقطعت الكهرباء الوطنية. بينما لم تستطع المواطنة أم محمد تأمين المبلغ اللازم للاشتراك في هذا الخط، لذلك اكتفت بالاشتراك الاعتيادي. وفي كل الأحوال، يتعين على الاثنين الخضوع لتسعيرة صاحب المولدة وشروطه!

يقول سامر في حديث صحفي، أن “أصحاب المولدات يتحكمون في الأسعار وأوقات التشغيل”، مضيفا قوله: “أكاد أجزم أن هناك اتفاقا بين أصحاب المولدات والمجالس المحلية حول التسعيرة، مقابل أموال تتقاضاها الأخيرة لغض النظر عن المخالفات”.

ويشير إلى أنه “ليس هناك رادع لأصحاب المولدات عندما يفرضون تسعيرتهم التي تصل إلى 20 ألف دينار عن الأمبير الواحد، والتي تستمر حتى خلال الشهور التي تستقر فيها الكهرباء الوطنية”، مؤكدا أن “من يعترض على التسعيرة سيهدده صاحب المولدة بقطع خط الكهرباء عنه خلال الصيف، ما يضطره إلى القبول بالأمر”!

أما أم محمد، فتلفت إلى أن “الشكاوى التي يقدمها المواطنون للمجالس المحلية ضد أصحاب المولدات المخالفين، لا تلقى صدى أو محاسبة”، منوهة إلى أن “الأدهى من ذلك، هو حينما يتلقى صاحب المولدة من موظفين في المجالس المحلية، معلومات عن الشخص الذي اشتكى عليه، والذي من المفترض أن يكون اسمه سريا، فيقدم صاحب المولدة مباشرة على معاقبة المشتكي عبر قطع خط اشتراكه”!

وتمضي قائلة أن “فرض تسعيرة 20 ألف دينار في هذه الشهور التي تشهد استقرارا في الكهرباء الوطنية، يدل على عدم وجود من يتابع المولدات ويحاسب أصحابها في حال خالفوا”، مطالبة رئيس الوزراء ووزارة الكهرباء والجهات الرقابية المعنية، بمنع الجشعين من استغلال المواطن في هذه الظروف الصعبة.

إشراف حكومي

من جهته، يطالب الاختصاصي في الشأن الاقتصادي ضرغام محمد علي، باستحداث مؤسسة خاصة بالإشراف الحكومي على عمل المولدات الأهلية، تتولى إصدار رخص تشغيلية لها وتراقب عملها.

ويوضح في حديث صحفي، أن “عمل المولدات ضمن دائرة ليست ذات اختصاص، وهي المجالس البلدية، جعل الفوضى سيدة الموقف، وأعاق قدرة الدولة الرقابية، ما فسح المجال أمام أصحاب المولدات لاستغلال المواطن”.

بين الأعطال والكاز

تنقل وكالة أنباء “شفق نيوز” عن صاحب مولدة في منطقة الكرادة، قوله أن “تشغيل المولدات في الصيف لفترات طويلة، يعرضها لأعطال كثيرة”، مبينا أن “تصليح الأعطال يتطلب إنفاق ملايين الدنانير، وبالتالي فإننا نتعرض لخسارة في الصيف”.

ويضيف قائلا أن أصحاب المولدات يضطرون إلى شراء الكاز من السوق السوداء، والذي يصل سعر اللتر الواحد منه في بعض المواسم إلى ألف دينار”.

رئيس الوزراء يتدخل

رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، زار في 23 نيسان الفائت مركز السيطرة الوطني للكهرباء الواقع في منطقة الأمين جنوب شرقي بغداد، والذي يُعنى بتوزيع حصص إنتاج التيار الكهربائي على مناطق العاصمة والمحافظات”. وخلال الزيارة شدد السوداني على “أهمية الوقوف على أسباب الظاهرة التي يشتكي منها المواطنون، والمتمثلة في قطع التيار الكهربائي بداية ونهاية كل شهر، وذلك بتوضيح مواقع الخلل ومحاسبة الأشخاص الذين يقفون خلفه”. كما وجّه بتقديم تقرير شهري عن ساعات التجهيز في بداية الشهر ونهايته.

ويتفق بعض العاملين في مراكز السيطرة، مع أصحاب المولدات، على إطفاء الكهرباء بداية كل شهر لإشعار المواطن بأن هناك تدهور في الطاقة، وبالتالي سيضطر إلى الموافقة على التسعيرة المرتفعة التي يفرضها صاحب المولدة.

وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني، ان “هناك اتفاقات تحدث بين بعض مراكز السيطرة وأصحاب المولدات، وهناك مافيات تدير ملف الكهرباء طيلة السنوات السابقة”، مشيرا إلى أن “على الحكومة وضع ملف الكهرباء ضمن أولويات مهامها، لما له من أهمية كبيرة في تطوير الاقتصاد”.

وكان الأمين العام لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، قد ذكر خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير النفط الاسبق ثامر الغضبان، في نيسان 2019، أن “ما تقاضاه اصحاب المولدات الاهلية في العراق خلال عام 2018 بلغ 4 مليارات دولار، وهو اكبر من موازنة وزارة الكهرباء بمرة ونصف”!

وأكد أن “الاجور التي يتقاضاها أصحاب المولدات الاهلية كبيرة جدا، وأكبر بـ 4 مرات مما يدفعه المواطن في ألمانيا للحصول على الطاقة الكهربائية”!