اخر الاخبار

انطلقت في بغداد، يوم امس، فعاليات مؤتمر بغداد الثالث للمياه، بحضور دولي واقليمي، للبحث في قضية الجفاف والتغير المناخي.

ومع تراجع مستويات الخزين المائي في العراق الى حدود لم يسبق تسجيلها، دعا خبراء ومعنيون في الشأن المائي الى العمل على تأمين حصول العراق على حصصه المائية من الدول المتشاطئة معه بشكل منصف وعادل، وتطوير اليات الزراعة والكف عن استخدام طرق ري تتسبب بهدر كبير للمياه.

أزمة متوارثة

وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في كلمة امام المؤتمر، إن “خطر أزمة المياه بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان من أسبابها السلوك العدائي للنظام الدكتاتوري وعدم تنظيم الوضع المائي مع دول الجوار”.

وأضاف: “ورثنا، بعد سقوط النظام، مشاكل مائيةَ مع دول المنبع، ونظامًا متخلفًا في الإدارة المائية لم يتم تحديثه، إلى أن وصلنا إلى هذه اللحظة الحساسة، التي رافقتها التحولات المناخية”. وبلغت نسبة الإيرادات المائية مع المعدل العام الحد الأدنى منذ 100 عام في العراق، وفق تصريحات رسمية في تموز الماضي.

وعن أزمة قطع المياه من قبل الدول المجاورة للعراق، قال السوداني إن “مباحثاتنا مع دول الجوار تركزت على لغة الحوار البناء والمثمر لمعالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة متساوية”، مشيرًا إلى أن “انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات يستدعي تدخلا دوليا عاجلا”، وكذلك “لا بد من الوقوف على المشاكل مع دول المنبع”.

أما عن الحلول، فأوضح أن “الحكومة عازمة على الذهاب إلى تحلية مياه البحر”، مبينًا أن “شح المياه يعد تهديدًا لثقافة وحضارة العراق”.

تعزيز العلاقات الدولية

وخلال المؤتمر، أكد وزير الموارد المائية، عون ذياب، ضرورة تعزيز العلاقات الدولية لتطوير التعاون ووضع الحلول لازمة المياه، فيما أشار الى أن مؤتمر المياه يسعى لإيجاد حلول تخفف من الازمة.

وقال ذياب إن “المياه مورد من موارد الحياة الحيوية المعرضة للمخاطر في الوقت الحاضر”، لافتاً الى أن “العمل الجاد والتخطيط السليم يمكن ان يكون الحل لهذه الأزمة”.

وأضاف، أن “الحكومة العراقية أولت اهتماماً كبيراً للملف من خلال قرارات أعطت الأولوية لمواجهة التغيرات المناخية”، مبينا أن “مؤتمر المياه يعتبر فرصة لمناقشة التحديات التي تواجه الموارد المائية وإيجاد الحلول المبنية على اسس التعاون على المستوى الدولي والإقليمي”.

وتابع وزير الموارد المائية، “من الضروري تعزيز العلاقات الدولية لتطوير التعاون وانشاء منصة تعاون كبيرة تعنى بوضع الحلول لازمة المياه”، مؤكدا أن “مؤتمر المياه يسعى لإيجاد حلول من شأنها تخفيف الازمة وايجاد مصادر للاستهلاك الرشيد للمياه”.

وحضر المؤتمر وفد برئاسة وزير الطاقة الإيراني يرافقه وفد فني رفيع المستوى، ووزير الري السوري وكادر متقدم في الوزارة. أما تركيا فقد اقتصر حضورها على كادر متقدم من وزارة الزراعة بعد اعتذار الوزير التركي.

المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، اكد ان المؤتمر الدولي للمياه المنعقد في بغداد يومي 6ـ 7 أيار الجاري يشهد مشاركة رسمية بالإضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والمهنية والعلمية ومنظمات المجتمع ونواب ورؤساء جامعات وكوادر وزارات الزراعة والموارد المائية في بغداد والإقليم.

وأضاف شمال في حديث لـ”طريق الشعب”، ان هدف المؤتمر تسليط الضوء على مشاكل العراق والمنطقة وخصوصا َ موضوعة الجفاف ومنهجية التعامل مع المياه والتقاسم المشترك فيما يخص الأنهار المشتركة ومفهوم الحقوق التاريخية للعراق في نهري دجلة والفرات.

نقص المياه والتغير المناخي

خبير الزراعة والموارد المائية، تحسين الموسوي، أشار الى ان العراق بحاجة ماسة الى عقد مثل هذه المؤتمرات للكشف عن الحقيقة وتسليط الضوء على الآثار السلبية لنقص المياه والتغير المناخي.

وأضاف الموسوي في حديث لـ”طريق الشعب”، ان المؤسف في الامر ان المؤتمر الأول لم يعط نتائج إيجابية ملموسة حيث وصلت نسبة الجفاف الى مستويات خطيرة ووصلت الخزانات المائية الى مرحلة حرجة، ولو لم يكن هناك امطار لتعذر إتمام الخطة الزراعية.

 وبيّن الخبير، ان المخزون المائي للبلاد وصل الى 9 مليارات متر مكعب، وهذا الانخفاض المخيف في ظل التوسع السكاني يضع العراق في مرحلة حرجة في الصيف المقبل، محذرا من نقص في مياه الشرب وتفشي الأوبئة والهجرة نحو المدن في حال استمرار الوضع الحالي.

واكد الموسوي ان العراق امام كارثة حقيقية، تحتاج لمعالجات سريعة لا تستطيع الحكومة تنفيذها في ظل استمرار المشاكل السياسية وتأخر إقرار الموازنة، وعدم تبني رؤية استصلاحية في هذا الملف، مشددا على ضرورة مطالبة العراق بتقاسم الضرر بشكل عادل بين الدول المتشاطئة من خلال تشكيل لجان تقصي حقائق.

ويعتقد الخبير ان دول المنبع اصابت العراق بضرر كبير جراء حرمانه من حصته العادلة، ولا بد من موقف حازم لاسترداد هذه الحقوق.

ماذا تحقق؟

بدوره، يتساءل الخبير المائي عادل المختار، عن منجزات المؤتمرين السابقين المنعقدين في بغداد للمياه؟ وعما تحقق من مؤتمر البصرة كذلك؟

وقال المختار: “نسمع دائما بوجود مؤتمرات للمياه وفي حقيقة الامر نحن لسنا بالضد منها، لكن هذه المؤتمرات غير قادرة على معالجة الازمة الطارئة التي تواجه العراق”.

وأشار الى ان حديث وزير الموارد المائية عن عدم كفاية الخزين المائي لغاية نهاية العام هو مؤشر خطير خاصة اذا ما جاء الشتاء القادم جافا، متسائلا عما سيكون مصير مياه الشرب والزراعة اذا لم تهطل السماء أمطارها؟

وانتقد الخبير استمرار الاعتماد على اليات زراعية قديمة تسهم في هدر المياه، مؤكدا ضرورة معرفة حجم الإيرادات من نهري دجلة والفرات ووضع الخطط الزراعية وفقا لها.