اخر الاخبار

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الايام القليلة الماضية بإقدام أب على بيع ابنته القاصر البالغة العمر 12 عاما، في منطقة الزعفرانية مقابل دراجة نارية (تُك تُك).

وأعلنت قيادة شرطة بغداد إلقاء القبض عليه بعد تقديم الشكوى عليه من قبل زوجته.

وعد متابعون وناشطون سلوك الأب بـ “الظاهرة المستفحلة مجتمعا” بسبب ارتفاع شدة الفقر في المجتمع، ومشيرين إلى أن النساء ضحية المجتمع في كافة الظروف.

وتقول الناشطة وداد الفرطوسي لـ”طريق الشعب” إن “هناك الكثير من النساء والأطفال ضحية الظروف والضغوط المجتمعية”، محملة في ذلك الجهات الحكومة مسؤولة الفوضى المجتمعية التي أوصلت الكثير من العوائل إلى التخلي عن أبنائهم.

ظاهرة مجتمعية

وتفيد الفرطوسي إلى أن بيع البنات والتخلي عن رعايتهن “هي ظاهرة منتشرة مجتمعيا بل وحتى هناك سلوكيات عشائرية تشجع على ذلك كمنح المرأة فصلية”، مشددة إلى “أن خبر بيع الأب لابنته ليس الأول فهي ظاهرة تتكرر باستمرار جراء الثقافات التي انتشرت مجتمعيا على هذا النحو”.

وتقول “كما أن هناك الكثير من الآباء يتخلون عن أطفالهم حديثي الولادة في المستشفى بعد الاتفاق مع القابلة ليتم بيعها فيما بعد مقابل مبالغ كبيرة لعوائل أخرى وإبلاغ والدتها أن طفلتها توفيت اثناء الولادة”.

وتنبه الفرطوسي إلى أن “جرائم وسلوكيات التخلي عن رعاية البنات متنوعة ومختلفة، وان العقوبات القانونية إزاء السلوكيات غير الإنسانية هذه ضعيفة وليس بالمستوى المطلوب”.

أغلب الضحايا نساء

في السياق، تفيد المحامية والناشطة سماح الطائي لـ”طريق الشعب” أن “أغلب قضايا التخلي عن رعاية الأبناء والتي تتوافد إلى دور القضاء تكون ضحيتها النساء والبنات الشابات وترد في العادة إلى مراكز الشرطة بعد تقديم الشكوى من قبل الزوجة أو أحد الأقارب”.

وتقول إن “التخلي عن رعاية الأبناء وبيعهم يعد جريمة وفق قانون الاتجار بالبشر فيعاقب الجاني وفق المادة (6) بالسجن المؤبد وغرامة مالية لا تقل عن 15 مليون دينارا ولا تزيد 25 مليون دينارا”.

وعن أسباب استفحال هذه الظاهرة مجتمعيا على الرغم من العقوبة القانونية الشديدة تذكر الطائي أن “المجتمع يعاني من فوضى كبيرة وهناك الكثير من الانتهاكات القانونية التي نتجت جراء ضعف الرقابة، كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت الكثير من العوائل شديدي الفقر والعوز يرتكبون سلوكيات غير مسؤولة اتجاه أسرهم”.

من جانبها تشير الباحثة في الشأن الاجتماعي د. ندى الزاملي إلى أن “هناك الكثير من جرائم التخلي عن رعاية البنات وبيعهم، بل تعدى واقع الحال إلى ارتكاب جرائم بيع أعضاء النساء من قبل ذويهن مقابل مبالغ مالية كبيرة”.

وترى الزاملي خلال حديثها لـ”طريق الشعب” أن “المشاكل والضغوط المجتمعية تعدت حاجتها إلى قانون يلزم العقوبة بل أن هناك حاجة إلى قوى تعمل على تنفيذ القانون”.

الفقر الشديد

وعن الأسباب التي تدفع بعض العوائل إلى ارتكاب جرائم غير إنسانية اتجاه أبنائهم تجد الزاملي “إن التخلي عن رعاية البنات وبيعهن لم تظهر من فراغ فهناك الكثير من العوائل يعانون الفقر الشديد”، مضيفة “كما أن الخدمات الحكومية التي تقدم إلى المواطنين ليس بالمستوى المطلوب، الأمر الذي يولد ضغوطا نفسية أثرت سلبا على أوضاع العائلة”.

وترى الزاملي أن “الفقر والعوز الشديدين يحولان الإنسان إلى مجرم أو يتصرف بلا وعي”، وتقول “وهنا لست بصدد التبرير للسلوكيات الفردية غير المسؤولة لكن هناك واقع مرير يعيشه المجتمع العراقي في ظل حكومة الفساد التي أخفقت باحتواء المواطن ومنع تدهور حالته المادية”.