اخر الاخبار

في مطلع كل شهر، تضع محافظة بغداد والإدارات المحلية في بقية المحافظات، تسعيرة محددة لأمبير الكهرباء بالنسبة للمولدات الأهلية. وتعتمد هذه التسعيرة على معايير معينة، من بينها عدد ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية، وسعر الكاز في السوق، فضلا عن كمية الكاز الذي توفره الحكومة لأصحاب المولدات بالسعر المدعوم.

لكن موضوع التسعيرة هذا، بات مثيرا للسخرية بين المواطنين – حسب العديد منهم - لأنهم يرونه «على الورق فقط»، نظرا لعدم التزام أصحاب المولدات به. إذ تحوّل الأمر إلى «نكتة» يتناقلها الناس في مجالسهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. فالمواطنون والإدارات المحلية يعلمون جميعهم بأن ما يصدر من قرارات وإعمامات في شأن عمل المولدات الأهلية وتسعيرة الاشتراك فيها، لا يتم تطبيقه، فيكون السعر الفعلي ضعف السعر المحدد وفترات التشغيل أقصر من المقرر!

وكانت محافظة بغداد قد حددت تسعيرة للأمبير لشهر نيسان الجاري. إذ حددت السعر بالنسبة للتشغيل من الساعة 12 ظهرًا حتى 1 ليلًا، بـ 5 آلاف دينار. أما سعر الأمبير بالنسبة للتشغيل الليلي، الذي يبدأ من الساعة 12 ليلا حتى السادسة صباحا، فحددته المحافظة بـ 7 آلاف دينار. فيما حددت السعر بالنسبة للخط الذهبي (التشغيل 24 ساعة)، بـ 10 آلاف دينار.

ومنحت المحافظة وفق بيان أصدرته، مسؤولي الوحدات الإدارية صلاحية تحديد سعر الأمبير (تقليل السعر) بما يتلاءم مع ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية في المنطقة، بشرط ألا يتعدى السعر ما تم تحديده من قبل المحافظة.

لكن المتابع، ولمجرد إطلاعه بشكل سريع على الصفحات الرسمية وغير الرسمية التي تنشر مثل هذا الإعمام، سيقرأ تعليقات ساخرة من قبل الناس، الذين يطالب بعضهم المسؤولين بتنظيم جولات ميدانية على المولدات الأهلية، لمعرفة مدى التزام أصحابها بالتسعيرة المحددة. فيما يتحدى بعض آخر المسؤولين أن يتخذوا إجراءات عقابية بحق أصحاب المولدات المخالفين!

أصحاب مولدات: لم نتسلم حصصنا من الكاز!

بالرغم من أنّ تجهيز الكهرباء الوطنية كان جيدا خلال الشهور الأخيرة، إلا أن سعر الأمبير في غالبية مناطق العاصمة بالنسبة للخط الذهبي، لم يكن أقل من 20 ألف دينار، أي ضعف التسعيرة المحددة من قبل المحافظة – حسب ما يذكره مواطنون في حديث صحفي.

ويضيف المواطنون، أنه «في شهر آذار الفائت، لم يتم تشغيل المولدات كحد أقصى، أكثر من 72 ساعة، بسبب تحسن الكهرباء الوطنية، وبالرغم من ذلك لم ينخفض سعر الأمبير». 

لكن العديد من أصحاب المولدات يؤكدون أن الدولة لم تجهزهم بحصصهم من الكاز بالسعر المدعوم، كون مولداتهم غير مسجلة لدى المحافظة، ما يضطرهم إلى شرائه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي سيرفعون سعر الأمبير على المشتركين لتعويض نفقات الكاز.

وبحسب ما يذكره في حديث صحفي أحد مشغلي المولدات في منطقة البياع، فإن «هذه الشهور من شباط حتى أيار، تكون موسما للربح. إذ يواصل أصحاب المولدات فرض تسعيرتهم، رغم عدم تشغيل مولداتهم ساعات طويلة. لأنه حينما يأتي الصيف سيشغلون ساعات أطول وبتسعيرة محددة لا تتجاوز 25 ألف دينار للأمبير الواحد».

 أمر مثير للسخرية!

يرى مواطنون عديدون أن سعر الأمبير الذي تحدده الحكومة، لا يفضي إلى شيء، ولا يلتزم به أصحاب المولدات، ولا تجري محاسبتهم إذا ما خالفوه!

ويذكر أحدهم في حديث صحفي، أن «دعوة الإدارات المحلية المواطنين إلى التبليغ عن المولدات المخالفة، أمر مثير للسخرية والحنق في الوقت ذاته. فمعظم أصحاب المولدات لديهم علاقات مع مسؤولين إداريين في مناطقهم، وأي عملية تفتيش تنتهي بدفع رشوة متعارف عليها، وباعتراف أصحاب المولدات أنفسهم، الذين يقولونها بملء الفم عند أي اعتراض، ويهددون بقطع سلك السحب لأي مواطن يعترض على التسعيرة»!

المولدات تحد من غضب المواطن على الحكومة!

لعلّ أهم أسباب غياب المحاسبة عن أصحاب المولدات المخالفين، هو عدم وجود مادة قانونية تنظّم عملهم، وتتم محاسبتهم قضائيًا على أساسها في حال خالفوا - حسب إيضاح سابق لمحافظة بغداد.

وهناك سبب آخر لعدم محاسبة المخالفين من أصحاب المولدات، وهو يكمن – حسب الأكاديمي إسماعيل ناصر – في «العبارة التي ترددها المنظومة الحكومية دائما، وهي أن أصحاب المولدات هم الذراع الساند لمؤسسات الدولة».

ويوضح في حديث صحفي، أن «المولدات لا تسند الدولة في توفير خدمة التيار الكهربائي للمواطنين وحسب، إنما تساهم في درء غضبهم (المواطنين) عن الحكومة، في حال تراجع اداء المنظومة الكهربائية»، مشيرا إلى أن «تراجع خدمة الكهرباء دائما ما يشكل سببا أساسيا للتظاهر في فصل الصيف. لذلك تحرص الحكومة على عدم الدخول في خلافات مع أصحاب المولدات، لكونهم يخففون من غضب المواطن»!