اخر الاخبار

لا تزال جهود إزالة ملايين المقذوفات الحربية غير المنفلقة عن الأراضي العراقية، بانتظار التخصيصات المالية، لكنها قد تنفجر على عراقي ان رفعها، وبالتالي فان بقاءها في العديد من المحافظات، لا سيما، يشكل تهديدا كبيرا على حياة المواطنين.

ويصف خبراء امنيون إجراءات الحكومة ضمن هذا الملف بأنها “غير جادة ومتأخرة جدا”، فيما بررت وزارة البيئة ان سبب التأخير يعود الى قلة التخصيصات المالية في الموازنات المتعاقبة. 

وتنتشر الألغام ومخلفات الحروب في العراق منذ غزو الكويت عام 1990، واحداث عام 2003، وسيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من شمال وشمال غرب البلاد بين عامي 2014 و2017.

وبحسب مرصد الألغام الأرضية (لاند مين مونتور)، فإن العراق يعد من أكثر دول العالم تلوثاً من حيث مساحة المنطقة الملغومة، بالإضافة إلى التلوث بالذخائر العنقودية ومخلفات حربية أخرى.

الاستراتيجية وتحدياتها

مدير اعلام دائرة الألغام التابعة الى وزارة البيئة، مصطفى حميد مجيد، يقول: ان الدائرة مسؤولة عن المتابعة والاشراف؛ اذ تشرف على جهود وزارتي الدفاع والداخلية في ما يخص موضوع انتشال الألغام بشكل مباشر، وتشرف أيضا على تلك التي تنتشل من قبل المنظمات والشركات الدولية والمحلية منها.

ويضيف مجيد في حديث لـ”طريق الشعب”، ان هناك مساحات عديدة ملوثة بالألغام، لافتا الى إعداد وزارة البيئة خطة استراتيجية “في لمساتها الأخيرة، تتضمن برامج كاملة ستساهم في تنظيف الأراضي الملوثة، وسقفها الزمني بين عامي (2022-2028)”.

وبالحديث عن التحديات التي تتوقعها الوزارة بشأن خطتها الاستراتيجية، يقول المتحدث ان “التخصيصات المالية خلال الحكومات السابقة ليست بالمستوى المطلوب”، مؤكدا “تضمين الموازنة الحالية تخصيصات لهذا الملف بانتظار إقرارها”.

ويشير الى ان المانح الاخر لهذا الملف هو “المنظمات الدولية، التي تمول المنظمات المحلية المختصة في رفع الألغام”، مشيرا الى ان العراق في الوقت الحالي فقد اهتمام الدول المانحة، التي وجهت دعمها الى أوكرانيا.

العراق جزء من 3 اتفاقيات

ولدى العراق ثلاث اتفاقيات دولية خاصة بانتشال الألغام: الأولى اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة (اوتاوا)، ملزم العراق ضمن هذه الاتفاقية التخلص من الألغام نهائيا بحلول عام 2028، بحسب ما بين المتحدث الذي اشار الى إمكانية تمديد السقف الزمني بسبب قلة التخصيصات المالية.

أما الاتفاقية الأخرى فإنها متخصصة بالألغام العنقودية (CCN)، كالألغام التي تتواجد في بادية المثنى والبصرة، اما الاتفاقية الأخيرة فمختصة بالتخلص من العبوات الناسفة والأسلحة الثقيلة (CCW)، وهذه تتواجد في الغالب بالمناطق المتحررة.

لا جدية لدى الحكومات

ويعتبر الخبير الأمني مخلد الدرب، ان “موضوع الألغام مساءلة معقدة في العراق، حيث تعود هذه الألغام الى حقبة الثمانينات، اذ زرعت الأراضي بالعديد من الألغام اثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية وحرب الخليج، واعطيت خسائر كثيرة بسببها”.

ووفق قوله لـ”طريق الشعب”، فان العديد من الضحايا وقعوا بسبب تواجد الألغام في المناطق الزراعية والسكنية”. وكشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في وقت سابق عن وجود 8.5 مليون عراقي يعيشون وسط الألغام والمخلفات الحربية المميتة. ويجد الدرب ان الحكومات المتعاقبة لم تعط ملف الألغام أهمية حقيقية، اما عن المنظمات الدولية التي ساهمت في انتشال جزء من الألغام بمساعدة وزارت عراقية، فيعتبر عملها بطيئا جدا ومتلكئا، كونها لا تملك ميزانية تغطي الحاجة.

ويرى ان “الحكومات المتعاقبة لم تبادر الى تخصيص ميزانيات خاصة ولا تملك إرادة حقيقية، اذ أصبح الاعتماد على منظمات دولية، كالأمم المتحدة واليونيسيف واليونسكو، التي عملت على تدريب الكثير من العراقيين على رفع الألغام”.

ويقترح الدرب ان “تخصص الدولة ميزانية تكون كفيلة بوضع استراتيجية كاملة لملف انتشال الألغام، وتشكيل فرق مدربة ومجهزة بكافة المستلزمات المطلوبة، لغرض العمل على تنظيف الأراضي الملوثة”.

مطالبات بتخصيصات مالية

وفي ذات السياق، يؤكد الخبير الأمني، عدنان الكناني، ان هناك اتفاقيات وقع عليها العراق مع منظمات دولية معنية بإزالة الالغام واستحصل عن طريقها على مبالغ كبيرة لأجل التعاقد مع شركات محلية، مردفا بان هناك من استغل هذه الأموال لصالحه الشخصي.

ويبين الكناني في حديث مع “طريق الشعب”، ان “بعض الجهات تتعمد وضع الغام من نوع معين في بعض المناطق، لتعطي انطباعا ان هذه المنطقة غير آمنة وتحوي مخلفات حرب”.

ويستدرك بالقول: ان “ملف الالغام يتطلب مبالغ مالية كثيرة خاصة بعد دخوله في جودة التراخيص، حيث يتم التعاقد مع شركات معنية بالألغام وتقديم تقارير تشير الى خلو هذه المناطق من الألغام”.

وتمنى الكناني ان يأخذ ملف الألغام جانبا كبيرا من اهتمام المعنيين، وان يناقش في البرلمان بحضور وزارة البيئة وبقية الوزارات المعنية.

وفي ختام حديثه يذكر الكناني أنواع الألغام التي تحتضنها الحدود العراقية، حيث الاول يتمثل بحقول الالغام، والثاني الذخائر العنقودية، والثالث العبوات الناسفة، والرابع اراضي المواجهات العسكرية، والخامس المخلفات الحربية.

وذكرت وزارة البيئة خلال العام الماضي أن “العراق مصنف ضمن أكثر الدول في العالم تلوثا بالألغام، وأعداد ضحاياها تزداد يوميا”.

وأشارت في وقتها الى أن “الأراضي الملغمة والملوثة بالعبوات الناسفة تصل إلى أكثر من 6000 كيلو متر والوزارة تعمل بجهود كبيرة من خلال دائرة شؤون الألغام والتركيز على الدعم الدولي من خلال الدول والمنظمات والتي بذلت جهوداً جدية في دعم الجانب الانساني لأن الدعم في الموازنة قليل جدا”.

عرض مقالات: