اخر الاخبار

 بغداد ـ طريق الشعب

صادف يوم الجمعة الماضي، اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة، فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ونظرا لما مر به العراق من قضايا وجرائم ومجازر لم يتم الكشف عن حقائقها حتى يومنا هذا، آخرها مجازر انتفاضة تشرين التي ارتكبت، بينما فلّ الجناة من العدالة، وهذا ما اعتبره معنيون انحداراً وتراجعاً في ملف حقوق الإنسان والديمقراطية في البلاد.

نظام قضائي ضعيف

وتقول المدافعة عن حقوق الإنسان هناء أدور، أنهُ من المؤسف: أننا على مدى عقدين من الزمن لم نستطع أن نضع حداً لقضية الإفلات من العقاب، بل على العكس تطورت أكثر واستفحلت، حيث شهدنا اغتيالات عديدة للكفاءات والناشطين، ولكن لم يتم الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم، وسجلت القضايا ضد مجهول.

ومن هذه القضايا، تقول أدور “قضية هادي المهدي، وكامل شياع، وانتفاضة تشرين، وأخيراً هشام الهاشمي، وتأجيل محاكمة الجاني لأكثر من 10 مرات، وفي بعض القضايا التي تم تشخيص القتلة فيها تصدر الأحكام غيابياً حيث لم يستلم القضاء العراقي هؤلاء القتلة”.

وتجد الناشطة في حديثها لـ“طريق الشعب”، أن هذا يدل على “أن النظام العراقي فشل في تحقيق العدالة وطموح الناس بالحماية التي أكد عليها الدستور، وهذه الحماية مفقودة اليوم، ونرى أن باقي الحقوق، مثل: حق حرية التعبير، والحصول على المعلومة، وتكافؤ الفرص، أصبحت حبراً على ورق ليس أكثر من ذلك”.

وتلفت أيضاً إلى أن العائق أمام كشف الحقائق، هو أن “النظام القضائي في العراق ضعيف جداً، وجهاز إنفاذ القانون لا يستطيع مواجهة المتنفذين في السلطة، بينما المصلحة الوطنية لم تعد هي الأساس، بل أصبحت المصالح المتشابكة الداخلية والخارجية، وهذه مسالة تثير القلق والمخاطر على تآكل الدولة، ونظام حماية المواطنين، وحقوقهم وحرياتهم”.

وتختم هناء أدور حديثها بقولها، أنهُ “على الرغم من هذا الوضع المؤسف، فإنّ التعويل اليوم هو على الوعي الذي يتغلغل بين صفوف الشباب أكثر من شيء آخر، والذي بدا يتحول لعمل مثابر، وهذا يصب في مصلحة الناس أخيراً، ونحن نتحدث هنا عن جيلٍ جديدٍ يتطلع إلى بناء البلد”.

ملفات معلقة منذ 2006

وفي هذا الصدد، يجد رئيس مؤسسة حق لحقوق الإنسان عمر العلواني، أنهُ لا يوجد أي اهتمام بهذه المناسبة في العراق، حيث لا تزال المطالب بدون استجابة، والجرائم تتزايد بمرور الوقت ولا يوجد أي كشف لأي تفاصيل، ابتداءً من جرائم 2006، وحتى يومنا هذا، مع وجود نمط للإفلات من العقاب.

ويشير العلواني في حديثهِ مع “طريق الشعب”، إلى أن المعنيين “غير جادين في التعاطي مع هذا الملف، حيث لم يتم إنصاف الضحايا أو تحقيق جبر الضرر لهم، وبعض مرتكبي هذه الجرائم يتبؤون مناصب أمنية وسياسية، وهذا مؤشر على مكافأة منتهكي حقوق الإنسان في العراق”.

وينبه رئيس منظمة حق لحقوق الإنسان، في السياق إلى أننا “في حالة تراجع و انحدار بملف حقوق الإنسان والديمقراطية، على الرغم من أننا كنا نتأمل أن يتم الإنصاف للضحايا، وكشف الحقائق، لكن لم يتحقق ذلك”، لافتاً إلى أن “القوى المتنفذة  تحاول ممارسة نمط الأحزاب الديكتاتورية والشمولية، بمواجهة هذه القضايا، بدل الاستماع للمطالب أو العمل على معالجة الخلل الكبير، وسط الرفض الشعبي الواسع”.

ويذكر العلواني، الجرائم التي لم تكشف حقائقها، والتي من أهمها “المجازر التي حدثت في انتفاضة تشرين وما بعدها، و منها: مجزرة ساحة الصدرين في النجف، والزيتون في ذي قار، وجسر السنك في بغداد، فضلاً عن جريمة الفرحاتية في صلاح الدين، التي راح ضحيتها أكثر من 14 شخصاً، قتلَ منهم 8 أشخاص، وعلى الرغم من الوعود الحكومية في هذه القضايا، لكن لم يتحقق شيء”.

تجدر الإشارة إلى أن مجزرة الفرحاتية حدثت في غرب قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، وسط شمال العراق، يوم 17 تشرين الأول سنة 2020، حيث اختطف مسلحون مجهولون 12 شخصاً من قرية الفرحاتية، وأُعدمَ 8 أشخاص في نفس اليوم، وعثر على جثثهم، وأما الأربعة الأخرين فلا يزالون مفقودين، ولا دليل على وفاتهم.

وبالعودة إلى عمر العلواني، فقد تمنى في ختام حديثه، أن يكون هنالك “التفات من المعنيين للضحايا والعمل على انصافهم، وتعويضهم، ورد الاعتبار لهم في المجتمع، وأن لا نرى توسع هذا النمط”، مؤكداً على أنه “وفق المعطيات ومؤشراتنا، نرى أن السلطة لا تنوي فتح هذه الملفات بجدية، وكشف الحقائق وتصفيتها بشكل قانوني، بل ابقائها معلقة كما في جريمة سبايكر، حيث لم تتوصل اللجان لحقيقة معينة، ولم تتم محاسبة الجناة الحقيقيين”.