اخر الاخبار

أجبرت النزاعات العشائرية، تدريسيا في جامعة البصرة، على تزوير هويته، هرباً من محاولة قتله على اثر نزاع عشائري، حول أرض زراعية، ليدفع غرامة الى القضاء مقدارها مليون دينار، مع وضع علامة قيد جنائي في سجله المدني.

وتنشب نزاعات عشائرية منذ سنوات شمال مدينة البصرة بسبب فرص التوظيف التي توفّرها شركات النفط، أو على التعويضات التي تقدمها تلك الشركات الى ملاك الاراضي التي تمر عبرها مشاريع النفط.

ويقول معنيون، إنّ هذه النزاعات تغذيها صراعات الكتل السياسية المتنفذة والميليشيات، التي تستخدم فيها أسلحة متوسطة وثقيلة.

ويعاقب القانون العراقي مستخدمي السلاح في النزاعات وفقاً للمادة 4 من قانون ارهاب، الذي يفرض عقوبات شديدة، ولكن مراكز الشرطة لا تنفذ اوامر القاء القبض على مرتكبي هذه الجرائم، كون ان المنتسبين والضباط هم من نفس هذه البيئة، وفي احياناً اخرى يخضعون لضغوطات العشائر نفسها بحسب بعض الناشطين.

قيد جنائي

ويقول التدريسي في جامعة البصرة، احمد يونس، (اسم مستعار) لـ”طريق الشعب”، إنه عاش واحدة من تلك المآسي التي تسببها النزاعات العشائرية، قائلا ان “نزاعا نشب على أرض زراعية، ذات مكان استراتيجي في البصرة، وهذه الارض الزراعية هي ملك لعائلتي وحاولت العشيرة الاخرى الحصول عليها مستعينةً بالميليشيات، وأن الخصوم لهم علاقات نافذة داخل الدولة، فضلاً عن أن جزءا كبيرا منهم ينتمي للميليشيات”.

ويضيف احمد، أن الصدامات أخذت “طابعاً مسلحاً بين العشيرتين، وكنت بعيداً جداً عنها”، مبيناً انه علم في وقت لاحق أن الخصوم اخذوا بنصب “سيطرات وهمية بزي عسكري”، على طرق عدة بحثاً عن اي واحد منا لتصفيته. وأكمل حديثه: “اضطررت الى تزوير جنسيتي ووضعت اسم ولقبا ثانيا كي امر من سيطرتهم بسلام، وانا عائد من الجامعة للمنزل، لانهم لا يعرفون شكلي، كوني بعيدا جداً عن التجمعات الشعائرية”. وعند السؤال عن كيفية وقوعه في قبضة القانون، بدأ صوته يتغير وهو يقول: “في احدى المرات وانا ذاهب الى بغداد طلبت احدى السيطرات هويتي وانا افتح المحفظة لمح الشرطي انها تحتوي على هويتين!”. وبينّ التدريسي، انه “بعد اجراءات وصلت اوراقي للمحكمة وعند المحاكمة تفهمت المحكمة موقفي، لكنها لم تعفُ عني، وكانت عقوبتي “غرامة قدرها مليون دينار”، مشيراً الى ان “الغرامة في القانون تعني بشكل من اشكال العقوبة اي انها قيد جنائي، وبذلك اصبحت مقيدا من عدة امور اهمها اكمال دراسة الدكتوراه والسفر، فضلاً عن انني بصدد خسارة وظيفتي في الجامعة”. وذكر انه “فقد والده نتيجة لتلك النزاعات”.

أسباب كثيرة

الشيخ محمد المالكي، يؤكد لـ”طريق الشعب”، ان قضية النزاعات في البصرة تنشأ لعدة اسباب أهمها “تخص موضوع العمالة في الشركات النفطية وبعض العشائر تتنازع لتوظيف اكبر عدد من ابناء في شركات النفط”.

ويضيف أن “بعض الشعائر تدعي ملكية بعض الاراضي الزراعية، من اجل الحصول على تعويضات من قبل الشركات النفطية”.

ويشير الى انه “عندما يعلم المالك بعد فترة ان هناك من اخذ تعويضاً نيابةً عنه، يحدث صدام عنيف بينهم”.

ويوضح أن “بعض العشائر التي تسيطر على رقعة جغرافية توجد فيها شركات نفطية، تلزم هذه الشركات بالقوة على تعيين ابنائها فقط، حتى اصبح الامر عرفاً”.

ويشير الى ان “الشركات النفطية تعتمد على مبدأ الشهود حيث اذا ادعى شخص ان هذه الارض تعود اليه، فعليه أن يجلب شاهدين اثنين من نفس المنطقة، ليتم صرف التعويض له، من قبل لجنة ارضائية تحت اشراف شركة نفط الجنوب”.

ويلفت الى أن “الخصومات السياسية تلعب دورا بارزا في النزاعات العشائرية؛ فالبصرة تشهد نزاعاً عشائرياً بين سياسيين، ينتمي كل منهما الى كتله سياسية معينة وعشيرة مختلفة”، مؤكدا ان “كل الاطراف عجزت عن وضع حد لهذا النزاع”. 

صراع على النفط

وفي سياق الموضوع، ذكر مستشار محافظة البصرة لشؤون العشائر، محمد الزيداوي، في لقاء تلفزيوني تابعته “طريق الشعب”، أن الكثير من النزاعات العشائرية سببها صراع على النفط، وبعضها بدوافع سياسية.

وقال إن “النزاع العشائري الذي نشب مؤخرا في منطقة الهارثة استمر اكثر من ساعة، واستخدمت فيه كافة الاسلحة القتالية”، لافتا إلى أن “القوات الامنية الموجودة غير كافية للتعامل مع النزاعات”.

واشار الى أن الكثير من “الدكات العشائرية كيدية ومدفوعة الثمن” وبعض النزاعات سببها “التعويضات النفطية على الاراضي التي توجد فيها آبار نفط”.

وتابع الزيداوي، ان “بعض النزاعات سببها رغبات في الاستيلاء على الشركات النفطية ومعداتها”، بحسب تعبيره.

6 نزاعات عشائرية

من جانبه، يقول ضابط في شرطة البصرة، رفض الكشف عن هويته، إنّ المحافظة سجّلت، خلال الفترة القليلة الماضية، “6 نزاعات عشائرية”، في شمال ووسط المحافظة، خاصة بمناطق السكك والهارثة والكرمة، مبيناً أنّ “بعض النزاعات يعود “لخلافات عشائرية لم تُحسم”، قبل حظر التجوّل، وبعضها نتيجة لخلافات اندلعت أخيرا.

وأكد أن “القوات الأمنية اعتقلت عدداً من أبناء تلك العشائر، لكنها لم تستطع منع تلك النزاعات حتى الآن”.

وتشير بعض التقارير الى ان عدد القتلى نتيجة هذه النزاعات في عام 2018، وصل الى 133 شخصا في البصرة فقط. ولم تجب معظم المصادر الامنية الرسمية في المحافظة على مكالمات مراسل “طريق الشعب”، للحديث عن خطط القوات الامنية، في مواجهة هذه النزاعات.    

عرض مقالات: