اخر الاخبار

 بغداد ـ طريق الشعب

 بعد تراجع نسب طلبات لجوء المواطنين العرب لدى دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في العام 2020، شهد العام 2022 الماضي تصاعدا جديداً، طبقاً لأحدث البيانات التي أصدرتها وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء.

 وحل العراق ثانيا في قائمة أكثر طلبات اللجوء العربية في الاتحاد الأوروبي برقم يتجاوز 26 ألفا و900 طلب، لكن معدل قبول اللجوء لم يتجاوز 30%، حيث يعتبر اقل من متوسط المعدل الأوروبي، لكنه مع ذلك أفضل بكثير من معدل دول شمال أفريقيا المصنفة على انها آمنة.

فيما بلغ عدد طلبات اللجوء المعلقة أكثر من 17 ألف طلب، خاصة أن ذروة طلبات اللجوء العراقية سجلت في 2015 نحو 126 ألف طلب، في فترة حرجة كانت الأجزاء الشمالية الغربية من البلاد تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي.

وعزا خبراء اقتصاديون تصاعد طلبات اللجوء، الى انعدام فرص العمل وتردي الواقع المعيشي والاقتصادي في البلاد، اضافة الى غياب الحلول الناجعة والواقعية للازمات من القوى السياسية، التي وصفوها بأنها “اس الازمات”، وهذا ما يدفع بالعراقيين الى مغادرة البلاد على امل عيش حياة كريمة ومستقرة بعيدا عن كوابيس تلك القوى.

 بحثاً عن واقع افضل

في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي: ان الهجرة تكثر في عموم بلدان الشرق الاوسط نحو اوروبا، والعراق بالذات لأن المعيشة فيه اصبحت صعبة فحتى بغداد باعتبارها العاصمة، باتت تحتل مقدمة تنصيف المدن السيئة للعيش،  من حيث الخدمات والعمل والامن وغيرها، فما بالك بباقي المحافظات.

ورهن الخبير دوافع هذه الهجرة بعاملين اساسيين هما: “الأول، ان الشاب يحاول ان يغير من واقعه الاقتصادي ويبحث عن فرصة وبصيص امل، وان كان بسيطاً في ان يعيش حياة يسودها الراحة والاستقرار، لان الحكومة اغلقت جميع الفرص بوجه الشباب، بسبب عدم امتلاكها اي خطط لانعاش السوق العراقية. بينما الدولة تعالج البطالة دائماً من خلال ايجاد وظائف وهذا هو الخطأ”.

واكد الخبير ان الحكومة “تفكر في ايجاد وظيفة بعيدا عن تكوين اقتصاد حقيقي قادر على خلق فرص عمل ويستثمر رؤوس الاموال الصغيرة والمتوسطة، كي يستطيع ان يتطور”.

ويواصل الهماشي حديثه، أن “العمل الثاني يتعلق بالخدمات، وفي هذا الاطار يعد العراق واحدا من أسوأ بلدان العالم. وهنا نتحدث عن كهرباء وبنية تحتية وحقوق انسان وخدمات حكومية. وبالتالي فعند اطلاع الشباب على واقع البلدان الأخرى وملاحظة الفوارق الكبيرة بين بلده وبين تلك البلدان، يصبح أمام خيار واحد وهو الهجرة”.

ولفت الهماشي الى ان الحكومات المتعاقبة ومنها حكومة السوداني “لم تضع حتى الآن خططا او أفكارا للحفاظ على الشباب وتطوير البلاد قياسا ـ على اقل تقدير ـ بالدول المجاورة”، مشيرا الى ان “جوهر المشكلة يكمن في الطبقة السياسية التي تتحكم بالبلاد وصناعة القرار، كونها لا تملك رؤية او حلولا؛ فمن المفترض ان يوجهوا الدولة بكل مؤسساتها لحل المشاكل والازمات، لكنهم يعقدون المشاكل ويفاقمونها يوما بعد اخر”.

وخلص الخبير الاقتصادي الى ان القوى السياسية: “لا تنفك عن شعاراتها التخديرية، وانها في الحقيقة بلا اهداف لبناء الوطن او خطط لبناء مؤسسات رصينة تقدم خدمات فاعلة، وتطور الاقتصاد والبلاد، انما جل ما يهم هذه القوى هو المكتسبات والمصالح السياسية فقط وتوسيع النفوذ والبقاء في السلطة وتعظيم الثروات لديها”.

 البطالة وندرة فرص العمل

وعلى صعيد متصل، تجد الدكتورة سلام سميسم، ان ارتفاع معدلات البطالة وانعدام فرص الاصلاح الاقتصادي، اهم الاسباب التي تدفع المواطن الى الهجرة.

وتشير سميسم في حديثها مع “طريق الشعب”، الى ان الشباب “ليس لديهم فرص حتى للحلم في ظل غياب فرص العمل والعدالة الاجتماعية”، مشيرة الى ان “الاصلاح الاقتصادي وتوسيع قاعدة الاستثمار يفزر فرص عمل حقيقية للشباب ويضمن حقوقهم في العمل”.

ولفتت سميسم الى ان “الشباب يبحثون عن فرص عمل تمكنهم من تحقيق طموحاتهم واحلامهم وتكوين عائلة اسوة بباقي الشباب في مختلف البلدان، اضافة لبحثهم عن العيش الكريم الذي هو حق من الحقوق الاساسية للإنسان، وهذا لا يتحقق سوى بفتح الباب امام الاستثمارات التي تنعش الاقتصاد وتوفر فرص عمل كبيرة للشباب”.

وفي الوقت الذي يعاني فيه الشباب العراقي من غياب فرص العمل، يتواجد في البلاد أكثر من مليون عامل أجنبي يمارسون مهنا في مختلف الاختصاصات، والاغلب منهم بلا سند قانوني.

وتجدر الاشارة الى ان المادة (30) من قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 تنص على حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة، فيما تنص المادة 31 من القانون على منع وحظر التحاق العامل الأجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل من جانبه.

وبالعودة الى الخبير الاقتصادي سلام سميسم فان “السياسة الاقتصادية الحالية لا تسير وفق متطلبات الواقع الذي يعيشه البلد، فهذه الايادي العاملة الكبيرة والفائضة، يمكن الاستفادة منها، لكن في الحقيقة هم يفكرون باستقدام العمالة الاجنبية من البلدان الاسيوية للتربح كونها رخيصة”.