اخر الاخبار

حذر فنيون ومختصون محليون، من تلكؤ الجهات الحكومية في تنفيذ عمليات الصيانة التي تحتاجها الطرق والجسور في مختلف المدن، لاسيما العاصمة بغداد. وفيما أشاروا إلى افتقار أغلب الشركات المنفذة لتأهيل المشاريع الخدمية لـ”ثقافة السلامة المهنية”، أكدوا أن نصف الطرق في العراق غير صالح لسير العجلات.

وعلى الرغم من هذه التحذيرات، أكدت مديرية الطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات، سعيها إلى اعتماد نظام مروري يقلل من حجم الحوادث في الشوارع العامة، مشيرةً إلى وضعها خطة عمل لصيانة جميع الطرق في المستقبل القريب.  

وتعاني أغلب الطرق المرورية في العراق، من تردي خدماتها، الأمر الذي يربك النظام المروري في البلاد، ويؤدي دائماً إلى وقوع مئات الحوادث المرورية خلال الشهر الواحد، وهو ما يسفر عن عدة وفيات وإصابات بين المواطنين.

وسبق أن سجلت مديرية المرور العامة، خلال النصف الأول من العام الماضي، 3854 حادثاً مرورياً، تمثلت بأربع أنواع من الحوادث: وهي حادث المركب، وحادث الدهس وحادث الانقلاب وحادث الاصطدام. ويعد عام 2021 من أكثر الأعوام الذي شهد ارتفاعاً بالحوادث المرورية التي تفتك بأرواح العراقيين، إذ سجل 8286 حادثاً مرورياً، وصلت الوفيات فيه لـ 2152 شخصاً.

“نصف الطرق غير صالح”

ليث علي، وهو مهندس في الطرق، قال إن “ما يقارب 50 في المائة من الطرق في العراق، لا تصلح لسير المركبات بسبب سوء التنفيذ وقدمها وعدم صيانتها، إضافة إلى ضيقها وعدم استيعابها لكثافة السيارات، تحديداً في الطرق الخارجية التي تشهد أعلى نسبة حوادث مرورية”.

ويضيف لدى حديثهِ لـ “طريق الشعب”، أن “هناك بعض الطرق أصبحت معروفة بحوادثها المرورية، سميت بطرق الموت، وأن قسماً منها لا يمكن تسميتهُ بطريق؛ كون كل مادة الاسفلت مقلوعة، وتحتوي العديد من المطبات”، لافتاً إلى أنهُ “بعيد جداً عن تسمية طريق”.

وطالب المختص في هندسة الطرق، وزارة الإعمار والإسكان والبلديات، وكافة الجهات المعنية بـ”إنشاء شبكة طرق حديثة، بمواصفات عالمية، واستحداث طرق حولية في كافة المدن ذات سعة عالية”، مشدداً على ضرورة “إنشاء طرق خاصة لسيارات الحمل بعيدة عن المدن، مع تحديد الأحمال، فضلاً عن تزويد هذه الطرق بمتطلبات السلامة وعلامات الدلالة والكاميرات”.

الافتقار لثقافة السلامة المهنية

وفي السياقٍ ذاته، يؤشر مختصون معماريون، على حالة الإهمال الواضح في تنفيذ أغلب المشاريع الخدمية المُقامة من قبل شركات القطاع العام، مؤكدين أن الكثير من الشركات المنفذة للمشاريع، تفتقد إلى ثقافة السلامة المهنية، لذا الأخيرة تغيب عند التطبيق.

ويقول مهندس الخطط المعمارية، سلوان الأغا، إن “سلامة الطرق هو علم خاص ومهم، إذ يرتبط بأعمال التأثيث وتخطيط الطرق وإعادة تأهيلها واكسائها”، مضيفاً أنه “يكون بأشكال وتصاميم مختلفة، وبمواصفات عالمية وعراقية، كالإنارة وعلامات التحذير لمناطق العبور والأنشطة، إذ كل رمز يدلُ على حالة معينة تنقل إلى سالك الطريق”.

ويشير إلى أن “أغلب محافظات العراق، تفتقدُ لإجراءات السلامة المهنية، وأن ما متواجد اليوم من لوائح بسيطة، يوضع ضمن درج الكماليات فقط، إذ يتم السعي إلى تقليلها باعتبارها أشياء غير مهمة أو ضرورية”، موضحاً أن “الطرق تكمن أهميتها في طريقة استخدامها من خلال تضمينها بكافة اجراءات السلامة التي تسهل على المواطن التنقل بأمان من جهة إلى أخرى”.

وأكد لـ”طريق الشعب”، أن “موضوع السلامة المهنية في عموم العراق، وفي جميع مفاصل الأعمال، تشهد اهمالاً كبيراً، يلاحظ في المشاريع التي تقام من قبل الدولة”، لافتاً إلى أن “السلامة المهنية مرتبطة بشكل كبير مع الثقافة التي تتبناها الشركات في تطبيق وتنفيذ المشاريع”.

و أوضح أن “الشركات الأجنبية في العراق، تعمل بعكس نظيرها المحلي، إذ تسعى دائماً إلى تطبيق إجراءات السلامة المهنية بشكل أساسي وبأعلى المعايير”، مطالباً بـ “إعطاء اهتمام أكبر لهذا الجانب، وأن تعد اللجان والجهات المهنية كشوفات للطرق التي تشهد حوادث بشكل مستمر، وتعيد النظر بالآليات التي تتبعها، وأن تعمل وفق معايير السلامة”.

تطمينات حكومية

بدورها، أقرّت مديرية الطرق والجسور في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات، بحاجة الطرق العامة إلى التأهيل والتطوير، منعاً لتكرار الحوادث المرورية، فيما طمأنت بشأن الصيانة الدورية التي تحتاجها تلك الطرق، من خلال الخطط التي وضعتها المديرية مستقبلاً.

وصرّح المهندس في المديرية ناهض البياتي، لـ”طريق الشعب”، أن “هناك مشاريع قيد التنفيذ والصيانة، ستشمل القيام بأعمال التحويلات المرورية النظامية المؤقتة خلال فترة العمل”، مضيفاً أن “المشاريع ستؤمن جميع متطلبات انشاء التحويلات، من العلامات التحذيرية والتنظيمية، والعلامات الإرشادية، و المصدات البلاستيكية والكونكريتية، والأشرطة والسلاسل التحذيرية، وادامتها طيلة فترة العمل”.

وأكد البياتي أن “طرق العاصمة بغداد الحالية بحاجة إلى صيانة دورية، عبر تبديل الأسيجة الأمنية الوقائية بشكل مستمر، التي تمنع عبور المشاة والحيوانات على الطريق، فضلاً عن دورها في التقليل من ضرر حوادث اصطدام المركبات المرورية ومنع عبورها الى الاتجاه المغاير”.

وشدد على ضرورة “تثبيت علامات ارشادية وتنظيمية وتحذيرية في كل الطرق، للفت انتباه السائق بشكل فوري إلى اتجاهات الطرق ووجهاتها، فضلاً عن الاماكن والمسافات، دون الحاجة إلى التوقف والسؤال بصورةٍ مستمرة”.

وأشار إلى أن “نصب محطات وزن على مداخل العاصمة بغداد، للسيطرة على الأحمال الثقيلة المارة، سوف يضمن عدم تضرر الطرق بسبب الأحمال غير المسيطر عليها، بوصفها السبب الرئيسي في تضرر كل طرق العاصمة”.

عرض مقالات: