اخر الاخبار

اصدرت وكالة «فيتش سوليوشنز» الدولية، تصنيفا جديدا حلّ العراق فيه بالمركز الثالث بين الدول العربية للأسر ذات دخل أقل من 5000 دولار سنوياً بحسب تصنيف وكالة لعام 2023.

ومؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني هي شركة فرعية مملوكة بالكامل لشركة هيرست، وهي إحدى ثلاث شركات تصنيف كبرى إلى جانب ستاندرد آند بورز و موديز.

وبحسب معلومات التصنيف الذي تابعته “طريق الشعب”، فإن مصر حلت في المرتبة الأولى تليها المغرب وثم العراق بين 11 دولة عربية شملها تصنيف الوكالة الدولية.

ووضع العراق في هذا التنصيف لم يستغربه اصحاب الاختصاص المهتمين بالشأن الاقتصادي، فطبقا لما افصحوا به فهو يعود الى غياب العدالة في توزيع الثروات وسوء الادارة وغياب الرؤية الاقتصادية.

انعدام الرؤية الاقتصادية

وتعليقا على ذلك عزت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم ذلك الى “سوء الادارة الاقتصادية في البلاد، كونها بلا هدف، وبالتالي يكون الانفاق عشوائيا، وفي جانب اخر ليس هناك اي ضمان او حماية اجتماعية او ما يسمى ـ الأمن الاجتماعي  للمواطن ـ اي ان المواطن العراقي دائماً مهدد في الكهرباء والماء الصالح للشرب والسكن والصحة والتعليم، وهذا التهديد يستنزف دخله لتأمين هذه المتطلبات”.

ونوهت في حديثها لـ”طريق الشعب”، بأن “الاسكوا أصدرت قبل سنة من الان كشفا عن الفقر متعدد الجوانب والأبعاد، والعراق كان من بين الدول الأربع الاولى في الفقر متعدد الجوانب؛ فالفقر اليوم اصبح لا يقاس بالدخل النقدي وكميته فقط، وانما يقاس بمدى حصول الفرد على مستلزمات حياته من سكن ودواء وماء.. والخ”.

وللإيضاح فان أسكوا هي لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا United Nations Economic and Social Commission for Western Asia)‏ وتعرف باسم إسكوا نسبة للاختصار بالإنجليزية ( ESCWA)‏ وهي واحدة من خمس لجان إقليمية أسسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة عام 1973 ومقرها الرئيسي في بيروت، لبنان.

وتهدف الى تحفيز عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان المنطقة، وتعزيز التعاون في ما بين بلدان المنطقة، وتحقيق التفاعل بين بلدان المنطقة وتبادل المعلومات حول التجارب والممارسات الجيدة والدروس المكتسبة، والتكامل الإقليمي بين البلدان الأعضاء، إضافة الى تحقيق التفاعل بين منطقة غربي آسيا وسائر مناطق العالم.

وبالعودة الى سميسم أشارت الى ان سوء مراكز العراق في التصنيفات الدولية المختلفة يعود الى “سوء الإدارة وانعدام الرؤية الاقتصادية لصانعي القرار في العراق، وهذا التخبط الذي نراه اليوم هو نتيجة لغياب الرؤية، فنحن لا نملك رؤية نظرا لغياب البرنامج الفكري، فالموازنة على سبيل المثال تكشف عن نوع السلطة التي تحكم، لأنها ترجمة لسياسة الدولة وفكرها بأرقام”.

وتابعت قائلة ان “الموازنة عندما تُعد وتهتم بالتعليم والكهرباء والمستشفيات والأدوية، فهذا يعني ان الغاية منها هي التنمية البشرية، لكن عندما تكون الموازنة عبارة عن انفاق وخمسها يذهب الى الدفاع والأمن منذ عام 2004 وحتى الآن فهذا يعني ان الموازنة معسكرة، بينما لا شيء يُذكر من ناحية الاهتمام بالتعليم والصحة والأبحاث، وما يتبقى منها هو عبارة عن رواتب ونثريات، والدليل شاخص أمام العيان فنحن بلا مدارس ولا مستشفيات حديثة ولا طرق معبدة ومشكلة الكهرباء مستمرة”.

وخلصت الى انه لا يمكن “تحقيق التنمية في ظل الفساد والنهج المحاصصاتي القائم، خصوصا اليوم عندما تعمق الصراع بعد تثبيت المكتسبات الاقتصادية، ليتحول الى صراع على الزعامات، بينما العراقيون هم من يدفعون الثمن”.

دولة بلا استراتيجية

وعلى صعيد متصل، اكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي، ان هذا التصنيف واقعي في بلد “معدل الفقر فيه مرتفع ووصل الى اكثر من 25 في المائة، بينما يعتبر ناتجه المحلي بحسب تقارير البنك الدولي بحدود 230 مليار دولار سنوياً، وهو الاعلى بين دول المنطقة ومستويات الفقر فيه مرتفعة، فهذا التقييم متوقع وصحيح”.

واردف في حديثه لـ”طريق الشعب” بالقول ان “هذا واقع مؤسف، فالناتج المحلي في البلاد مرتفع لكن توزيع الثروات غير عادل، بالتالي فأن النسبة الاكبر من الثروات تذهب الى قلة قليلة، بينما هنالك غالبية كبيرة لا تصلها نسبة من هذه الثروات”، مبينا انه عندما تكون كل المعايير والارقام “تشير الى ان العراق في المراكز الاخيرة في التصنيفات الجيدة ويحتل المراتب الاولى في التصنيفات السيئة فهذا دليل دامغ على سوء ادارة البلد، فالقوى السياسية غير قادرة على ادارة البلد بصورة صحيحة وتوفر بيئة معيشة افضل، لا نقول عنها ممتازة، لكن تكون قريبة من الدول الاخرى”.

واكد على ان الأساس في اي قيادة الدولة هو توفر الإرادة والإدارة: “اليوم لا تتوفر ارادة لدى الدولة والحكومة لتحقيق شيء ما، لذلك سنبقى نتذيل التصنيفات والقوائم، لان الدولة بكل بساطة تسير بلا استراتيجية لتحسين معايير محددة، فسياسة الحكومات المتعاقبة خلال السنوات السابقة هي فقط رد فعل للأحداث والازمات، لا حكومات تنفيذ استراتيجيات وأهداف، وبغياب الاستراتيجيات لن نحقق ما نطمح له ابداً”.

ولفت العبيدي الى ان الخلل يكمن بالأساس في ان “العراق تعددت فيه الاقطاب وضاعت المسؤولية بين كافة الجهات، ما ادى الى ان يكون هناك عدم تحمل للمسؤولية لهذه الاخطاء، فالدول التي تبنت ديمقراطية توافقية متعددة الاقطاب، لم تستطع ابداً تحقيق معدلات نمو، بينما الدول التي يكون فيها قطبان: قطب يحكم وآخر يعارض ويصحح المسار، ويقف على الاخطاء، لتحقيق نجاحات كثيرة”.

عرض مقالات: