اخر الاخبار

نهاية العام الماضي، أحصت وزارة البيئة كميات المخلفات البلدية المنتجة بشكل يومي في بغداد، وفيما حددت حجم المخلفات العضوية منها، كشفت عن مقترح لاستثمار الأخيرة في إنتاج غذاء للحيوانات، وعن سعيها إلى إطلاق مشروع لإعادة تدوير تلك النفايات.

وقالت الوزارة في تصريح صحفي، أن “بغداد تنتج يوميا قرابة 8 إلى 10 آلاف طن من المخلفات، أكثر من 40 في المائة منها عضوية وتتمثل في بقايا الطعام”.

يأتي ذلك وسط شكاوى من المكبّات ومواقع الطمر المنتشرة في أماكن قريبة من المناطق السكنية، والتي تخنق السكان وتضر بصحتهم.

ففي جميع المحافظات توجد مساحات واسعة مخصصة لرمي النفايات وطمرها، معظمها قريبة من المناطق السكنية، وبسبب ما تخلفه تلك النفايات من روائح كريهة خانقة وجراثيم وأوبئة، يضطر السكان إلى حرقها، ما يزيد الأمر سوءا بعد أن تتصاعد أعمدة الدخان الملوثة وتخيم على الأجواء، وبالتالي تخنق الناس.

هذه المشكلة الخطيرة دفعت الكثيرين من المواطنين إلى تقديم شكاوى لوزارة البيئة، لتخليصهم من مواقع الطمر الصحي، بنقلها إلى أماكن أخرى بعيدة عن منازلهم.

 كيلوغرامان من كل فرد!

مدير عام الشؤون الفنية في وزارة البيئة، عيسى الفياض، أفاد بأن “أكثر من كيلوغرامَين من النفايات هو المعدّل اليومي لما يخلفه كل فرد عراقي، ليصل المجموع في عموم العراق إلى نحو 20 مليون طن يومياً”، مشيراً إلى أن الوزارة بصدد “مفاتحة أمانة بغداد والبلديات لإطلاق مشروع (صفر نفايات)، الذي يتضمن إعادة تدويرها”.

وأوضح في حديث صحفي، أن “هذا المشروع يحتاج إلى وقت لتنفيذه، وبالتالي هو بعيد المدى، لكنه سوف يحقّق نتائج إيجابية”، مؤكدا أن “الوزارة تسعى إلى تنفيذ المشروع في المجمعات السكينة لإنهاء عمليات الطمر فيها”.

وأضاف قائلا أن “بغداد تطمر في الوقت الحالي قرابة 10 آلاف طن من النفايات يوميا”، لافتا إلى أن رئاسة الوزراء وجّهت وزارة البيئة بإعداد قانون جديد لمعالجة النفايات في البلاد، يشمل تدويرها وفرزها بشكل علمي بما يواكب التطوّر العالمي في هذا الشأن.

وتابع الفياض قائلا أن “الوزارة وضعت بعض النقاط في إعداد هذا القانون، من بينها شراء الطاقة التي تنتج عن عملية تدوير النفايات بأسعار مدعومة”، مشيرا إلى أن “المشروع يشمل أيضا إعادة استخدام النفايات من خلال الإفادة من المواد العضوية الموجودة فيها، والتي يمكن استخدامها كطعام للحيوانات بعد إضافة بعض الفيتامينات إليها، كما يمكن توظيفها في صناعة الأسمدة”.

ونوّه إلى أن “نسبة بقايا الطعام من إجمالي كميات النفايات تصل إلى 43 في المائة”.

وفي آذار العام الماضي، أعلنت وزارة البيئة أنها اقتربت من الانتهاء من إعداد مشروع قانون خاص بإدارة النفايات، في محاولة لمعالجة التلكّؤ الحاصل في مجال الطمر الصحي، والذي تسبب في مشكلات بيئية وصحية.

تلوّث بيئي خطير 

من جهته، قال الخبير البيئي ماجد السلامي أن “مكبات ومواقع الطمر الصحي تتسبّب في تلوّث بيئي خطر. إذ سُجّلت المئات من حالات الاختناق بين السكان في العام الماضي، بعد أن اضطر هؤلاء إلى حرق النفايات”.

وأوضح في حديث صحفي أنّ “الأهالي تقدّموا بمئات الشكاوى إلى وزارة البيئة في شأن هذه المشكلة، وطالبوا بإيجاد حلّ لموضوع مكبات النفايات، إلا أنّهم لم يصلوا إلى أيّ نتيجة تذكر، الأمر الذي يضطرهم إلى التخلص من الأزبال بالحرق”.

ولفت السلامي إلى أنّ “الغازات والأبخرة والروائح المتصاعدة من تلك المكبّات، خطرة جداً على الصحة، وأنّ حرقها يكون أشدّ خطورة. لكنّ عدم حرقها يتسبّب في تراكم كبير للنفايات لا يمكن للمناطق السكنية التخلّص منه”، مشددا على أهمية أن تعمل وزارة البيئة على إبعاد تلك المكبّات ومواقع الطمر عن المناطق السكنية، وأن تعالجها حرقاً بشكل منظم إلى حين إطلاق مشروع التدوير.

البحث عن لقمة العيش في النفايات!

بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يشهدها العراق، بات الكثيرون من الفقراء والمعدمين يبحثون عن قوتهم في النفايات سواء المودعة في الحاويات أم في مواقع الطمر الصحي. واتسعت خلال السنوات الأخيرة مهنة “النبّاشة”، التي يبحث ممتهنوها في أكوام الازبال عن مواد معدنية أو بلاستيكية قابلة للبيع.

ويعمد هؤلاء إلى حرق النفايات لتسهيل عملية الحصول على المعادن، وبذلك تتصاعد أعمدة الدخان وتخيّم على المناطق السكنية القريبة من المطامر الصحية.

في هذا الصدد أفاد المواطن سيف علي كطوف، من سكان جنوبي بغداد، أن هناك مطمرا صحيا واسعا يقع على الطريق الخارجي الرابط بين بغداد والكوت، تجاوره مناطق مأهولة بالسكان، مبينا في حديث لـ “طريق الشعب”، أن “النبّاشة” يأتون باستمرار إلى هذا المطمر بحثا عن مواد معدنية و”سكراب”، ويقدمون على حرق النفايات للحصول على تلك المواد بسهولة، الأمر الذي يخنق السكان.

وأكد كطوف أن الدخان غالبا ما يخيم على مناطقهم، وأن هذه المشكلة أضرت كثيرا بصحة المواطنين، وتسببت في إصابة العديد منهم بأمراض تنفسية.