اخر الاخبار

لا يزال العراق معزولاً عن النظام المالي العالمي، كما أن العراقيين معزولون عن أنظمة الدفع الإلكترونية، التي تعتبرها معظم الشركات في جميع أنحاء العالم أمراً مُسلماً به. وفقا لتقرير نشره موقع “ريست اوف ذا وورلد”.

ورغم امتلاك اغلب التجار للهواتف الذكية لكنهم لا يستخدمون تلك التكنولوجيا في التعاملات الالكترونية، فما يزال النقد هو الشائع في العراق، رغم ان هناك منصات للدفع الإلكتروني متاحة للمستهلكين العراقيين؛ إذ أصدر البنك المركزي العراقي تراخيص لـ 17 شركة لتشغيل محفظات إلكترونية، أبرزها: آسيا حوالة، وزين كاش، وناس واليت، وفاستبي، بالإضافة إلى إصدار 15 ترخيصاً آخر للخدمات المتعلقة بالمدفوعات الإلكترونية.

لايفهمون بالعملة الالكترونية

ورغم ذلك، يواجه رجال الأعمال وأصحاب الأعمال تحدياً مزدوجاً: المستهلكون المحليون يترددون في تبني منصات الدفع الإلكتروني المتاحة محلياً من جهة، والعراقيون معزولون عن أنظمة الدفع الإلكترونية التي تعتبرها معظم الشركات في جميع أنحاء العالم أمراً مُسلماً به من جهة أخرى.

“الناس هنا لا يفهمون العملة الإلكترونية”، كما قال أنس فاضل، محلل بيانات السوق الذي يعمل في البازار في السليمانية، لموقع “ريست اوف ذا وورلد”.

وأكمل قائلاً: “اعتاد الجميع على النقد وثقتهم فيه أكبر من المدفوعات الإلكترونية، لكن أنا وزملائي نحتاجها بالتأكيد إذا أردنا إرسال الأموال إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، ولكن القيام بذلك ليس سهلاً”.

ووفقاً للبنك الدولي، الغالبية العظمى من العراقيين لا يستخدمون بطاقات الائتمان أو بطاقات السحب الآلي، فإن أقل من خمسهم لديهم الحساب المصرفي المطلوب، كما أن مقدمي خدمات الدفع العالمية مثل PayPal، وApple Pay، وStripe غير متوفرين في البلد.

ووفقاً لتحليل أطلقه البنك الدولي، فإن ثلثي البالغين على مستوى العالم يقومون الآن بإجراء أو تلقي مدفوعات إلكترونية. ارتفع هذا العدد من 35 ٪ في عام 2014 إلى 57 ٪ في عام 2021 في البلدان النامية، ويتجلى هذا التحول بشكل خاص في مناطق مثل أفريقيا وآسيا.

أمر غير سهل

وقال ضياء ستار، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الخدمات المهنية الناشئة “سبع صنايع”، ومقرها بغداد، لموقع “ريست أوف ذا وورلد”: “إن زيادة الوصول إلى المدفوعات الإلكترونية من شأنه أن يساعد في خلق فرص لرجال الأعمال، والنساء، والعمال العاطلين عن العمل. وبدلاً من إبقائهم معتمدين على التعيينات الحكومية وأنظمة المحسوبية السياسية، فإن ذلك سيسهل عليهم العمل لأنفسهم”.

وبسبب محدودية الوصول إلى الخدمات المالية الإلكترونية التي يعاني منها العراق، فإن إدارة أعمال ستار كانت سلسلة من التعقيدات، حيث أضاف أن: “الأمر استغرقني أكثر من خمسة أشهر لإيجاد طريقة للدفع وتسجيل التطبيق على متجر تطبيقات أبل لأنه لم يكن لديَّ وسيلة لإجراء المعاملة بنفسي، إذ أن بطاقة فيزا المرتبطة بحسابي المصرفي العراقي تعمل فقط داخل البلد ولا يمكنني ربطها بحساب أبل”.

وتابع الحديث مؤكداً: “هذا الشيء البسيط يشكل تحديًا كبيرًا للشركات الناشئة الجديدة، وهو ما يجعل من عملية نمو وتوسع الشركات الناشئة أمرا غير سهل”. وفي نهاية المطاف، أقنع ستار مطوراً يعيش في الخارج بتسديد المبلغ نيابةً عنه، لكنه أقر: “إن ذلك لم يكن آمناً ولا احترافياً”.

قد يرغب أصحاب الأعمال في جميع أنحاء العراق، من التجار العاديين في البازار إلى رواد الأعمال الذين يستخدمون التكنولوجيا، في استخدام المدفوعات الإلكترونية، لكن سيواجهون مشكلة بأن معظم عملائهم غير راغبين في استخدام أي شيء آخر غير النقد. على سبيل المثال، في منصة التجارة الإلكترونية العراقية، تشكّل عمليات الدفع الإلكتروني، في متجر التسوق الإلكتروني “مسواق”، 2٪ فقط من إجمالي المعاملات. حيث أكد علي الحلي، رئيس التسويق والاتصالات في “مسواق”، لموقع “ذا ريست أوف ذا وورلد”: “إن في المائة 98 المتبقية دفعت نقداً عند التسليم”.

إن المعاملات الإلكترونية الأكثر شيوعاً في البلاد، هي سحب الموظفين العموميين والمتقاعدين العراقيين رواتبهم الشهرية من البطاقات مسبقة الدفع في بورصات العملات والبنوك وأجهزة الصراف الآلي. وبعد ذلك، يقومون باستخدام النقد للمعاملات اليومية والادخار وإجراء عمليات الشراء الكبيرة.

يمكن الدفع نقداً

وعن سبب عدم استخدامها لعمليات الدفع الإلكتروني، أجابت جوانا أبو بكر، مالكة لأحد المشروعات الصغيرة في السليمانية: “واللهِ ماذا أقول؟ أنا لست بحاجة إلى المدفوعات الإلكترونية. كل ما أريد شراءه، يمكنني دفع ثمنه نقداً. لهذا السبب لا أفكر في استخدامها (طرق الدفع الإلكترونية)”.

وعلى الجانب الآخر، يتوق البعض إلى استخدام المدفوعات الإلكترونية، لكنهم يزعمون أن المنصات المحلية يمكن أن تكون غير موثوقة.

وأكد علي زلزلة، وهو مهندس يعيش في بغداد، لـموقع “ريست أوف ذا وورلد”:” إن المدفوعات الإلكترونية أسهل وأسرع من النقد”، لكنه اعترف:” هناك احتمال ألا تعمل أو تتعرض إلى الانقطاع، وهو ما بحدث في كثير من الأحيان”.

ويرغب أصحاب الأعمال ورجال الأعمال العراقيون، ممن يتوقون إلى زيادة ارتباطهم بالاقتصاد العالمي، في الاستفادة من المدفوعات الإلكترونية للحصول على الخدمات والإمدادات من الخارج عبر مزودي خدمات الدفع الإلكتروني مثل PayPal وApple Pay وغيرها. قال آدم حسن، مختص بتطوير المشاريع في مساحة العمل المشتركة في “المحطة” والتي يقع مقرها في بغداد، لموقع “ريست أوف ذا وورلد”:” هناك طلب من أصحاب الأعمال ورجال الأعمال العراقيين لمنصات الدفع مثل PayPal، ولكن لسوء الحظ، لا تدعم هذه المنصات رسمياً الحسابات التي تم إنشاؤها في العراق”.

تتطلب اصلاحاً

إن التحقيق الكامل لإمكانات الدفع الإلكتروني في العراق، سيتطلب إصلاحات تنظيمية كبيرة من قبل الحكومة في بغداد، لتسهيل عمل مقدمي خدمات الدفع المحليين والعالميين، إلى جانب تغيير عقلية المستهلكين لإبعادهم عن الاعتماد على المعاملات النقدية.

حيث أكد ستار، رجل أعمال من بغداد:” إن هذا التحول المزدوج من شأنه أن يقدم دفعة، العراقيون في أمس الحاجة إليها، خاصةً الذين يكافحون من أجل إيجاد مستقبل في اقتصاد البلاد المختل. كما أن تفعيل المدفوعات الإلكترونية في العراق لن يساعد الشركات الناشئة والشركات فحسب، بل سيخلق العديد من فرص العمل للعاطلين عن العمل في العراق”.