اخر الاخبار

مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم توجهت معظم الدول نحو التعامل الإلكتروني في مختلف المجالات، بينما لا يزال العراق يحبو بخطوات بطيئة ومتأخرة حتى عن جيرانه.

وطبقاً لمختصين ومهتمين، فإن بطاقة الدفع الالكتروني يقتصر استخدامها على استلام الرواتب فقط، فحتى مؤسسات الدولة لا تتعامل بالدفع الالكتروني، وهو ما يؤخر عملية التحول التي يُطمح اليها، مشددين على ضرورة “تطوير ثقافة التعامل بوسائل الدفع الالكتروني”.

ويوجد في عموم العراق 1048 صرافا آليا تابعة لـ 78 مصرفا، لكنها لا تتناسب مع حجم السكان وانتشارهم وتوزيعهم.

قرار حكومي

وقد أصدر مجلس الوزراء، خلال الفترة الماضية، قراراً بشأن تفعيل الدفع الالكتروني.

وذكر بيان حكومي، ان مجلس الوزراء “أقر توصية المجلس الوزاري للاقتصاد التي تضمنت قيام البنك المركزي العراقي بتسهيل إجراءات منح رخص تحصيل البطاقات المصرفية باستخدام نقاط البيع (POS)، وتقليل العمولات على المصارف والجهات التي تستخدم تلك الأجهزة”.كما الزم “جميع الدوائر الحكومية وغير الحكومية والمختلطة والنقابات والجمعيات وجميع المراكز التي يتم فيها تحصيل المبالغ، بفتح حسابات مصرفية وتوفير أجهزة نقاط البيع الخاصة بالدفع الإلكتروني والدفع بواسطة البطاقات المصرفية”.

وتحدث البيان أيضا عن “إلزام جميع المراكز والمحال التجارية بأنواعها والمطاعم والصيدليات والعيادات الطبية الخاصة والمذاخر وجميع منافذ التسويق بالجملة والمفرد والخدمات المرخصة، بفتح حسابات مصرفية وتوفير أجهزة نقاط البيع الخاصة بالدفع الإلكتروني (POS) والدفع بواسطة البطاقات المصرفية، لتحصيل الأموال ولتمكين الراغبين من المراجعين بالدفع بالبطاقات، مع الإبقاء على الاستلام النقدي جنباً إلى جنب، مع ربط تجديد رخص عمل ومنح إجازات ممارسة المهنة من خلال توفر تلك الأجهزة”.

ونوه البيان، إلى “إعفاء التعاقدات واستيراد أجهزة الدفع والتحصيل الإلكتروني (أجهزة نقاط البيع (POS)، وأجهزة الصرافات الآلية (ATM)، الخاصة بأنظمة الدفع والتحصيل بالبطاقات المصرفية من رسوم الكمارك والضرائب بأشكالها كافة، ويضمّن ذلك في الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2023، مع إعفاء جميع التعاملات بالدفع الإلكتروني (POS) من الضرائب”.

مسؤولية مشتركة

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي د. عبد الرحمن المشهداني، ان “هذا الموضوع اهتم به البنك المركزي في العام 2017 وعقد مؤتمرا للمصارف بالتعاون مع رابطة المصارف العربية، ووجدنا اهتماما كبيرا من المصارف بهذا الموضوع، وتلا ذلك إصدار قرار توطين الرواتب، وعلى الرغم من أن الهدف منه كان حماية رواتب الموظفين من السرقة لكنه جزء من التحوّل نحو النظام الإلكتروني”.

وأضاف في حديثه لـ”طريق الشعب”، الى انه كان يتوقع “قبل جائحة كورونا  ان يتحول العراق إلى نظام الدفع الإلكتروني عام 2022 او 2023”. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

وعن أسباب تخلفنا في هذا المجال، أوضح الخبير قائلا: “إننا بحاجة الى توعية وثقافة مصرفية فهناك عدم ثقة بالمصارف، فلا يلجأ المواطن لهذا الخيار الا للضرورة القصوى، والأمر الآخر يتعلق بإجراءات البنك المركزي طيلة الـ 20 سنة الماضية، والتي تعتبر إجراءات طاردة”.

ويعتقد المشهداني ان “الكل يشترك في جزئية التخلف، لكن البنك المركزي يتحمل الوزر الاكبر، لأنه كان يفترض ان يقوم بحملة توعية كبيرة كما فعل في حملة توطين الرواتب”، معتقدا أن هناك حاجة “الى سنتين أو ثلاث للتقدم اكثر في هذا المجال؛ فالجيل الجديد يميل الى التعامل مع اجهزة الدفع الإلكتروني، واعتقد ان هذا التحول من الممكن ان يكون سريعا”.

التعامل بالدفع الإلكتروني

وفي هذا الشأن، أكد نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد خلف، في تصريح رسمي، أن” قرار مجلس الوزراء بتفعيل الدفع الإلكتروني بجميع المفاصل، يهدف إلى التقليل من استخدام النقود وزيادة التعامل بالأموال إلكترونيا عبر استخدام البطاقات، وهو تكملة مهمة لمشروع توطين الرواتب الذي بدأ تطبيقه منذ سنوات”.

ولفت خلف إلى ان “القرار سيمكن البنك من تطبيق آلية تمكن الموظفين من استلام رواتبهم، عبر بطاقات الدفع المستخدمة حاليا كماستركارد وفيزا، وتعبأ في رصيدهم المصرفي دون الحاجة إلى استلام الأموال نقدا”، موضحا ان “بطاقات الدفع ستمكن العراقيين من شراء الدولار بسعر 1465 دينارا من المنافذ التي وفرها البنك المركزي، وهو أفضل من شرائه نقدا بسعر أعلى”.

وشدد أيضا على أن “البنك المركزي سيكثف جهوده لزيادة استخدام بطاقات الدفع في الأسواق والمحلات التجارية، خاصة وأن القرار سيلزم المؤسسات الحكومية وكل وحدات الإنفاق في القطاعين العام والخاص بإيجاد أجهزة الدفع الإلكترونية في تعاملاتها”.

تعقيدات عديدة

من جانبه، يجد الخبير في مجال التكنلوجيا علي انور ان “التجربة متأخرة في البلاد، وتحتاج الى الكثير من التنظيمات والتنسيق مع مؤسسات الدولة الاخرى التي لها علاقة بالقطاع المصرفي؛ فتوطين الرواتب ساعد على إيجاد بطاقات، واليوم لدينا ما يقارب 15 الى 20 مليون بطاقة الكترونية”، مؤكدا ان “هذا غير كاف لأن ثقافة الدفع الالكتروني ما زالت حديثة علينا، واقتصرت البطاقة الموجودة على سحب الراتب فقط، ولا يوجد اي تعامل اخر بها”.

وعن المعوقات التي نواجهها قال لـ”طريق الشعب”، انها “تتعلق بتوفير اجهزة الدفع pus في نقاط البيع؛ فصاحب المتجر حتى يحصل على جهاز pus لاستقبال بطاقات الدفع الإلكترونية من الناس، يجب ان يسجل المتجر ويحاسب ضريبيا وهناك معاملات كثيرة وروتينية معقدة، لذلك يجب ان تكون هناك مبادرات لتسهيل هذه الاجراءات من المصارف والجهات المعنية”.

وذكر أنور أن العراق يعاني من “العقوبات الدولية؛ فبعض الخدمات الدولية لا تعمل في البلاد، ونحن بحاجة كبيرة الى التعاون مع المؤسسات الدولية مثل فيزا وماستر، والبنك المركزي حقق خطوات كبيرة معهم حيث قدم لهم تسهيلات وادخلهم للعراق”.

وخلص إلى انه يجب ان يكون التعامل والدفع الالكتروني “الزاميا، فمثلا صاحب المطعم لا يتم تجديد اجازته اذا لم يكن لديه جهاز pus ويقبل الدفع الالكتروني، وذات الامر ينطبق على المولات وغيرها، ففي كل دول العالم الامر إلزاميا، وليس خيارا، وفي ذات الوقت الدولة يجب ان تسهل اجراءات الحصول على هذا الجهاز، فالمقصر الاكبر هي الحكومة لأنها بالأساس غير ملتزمة بعمليات التعامل والدفع الالكتروني في مؤسساتها”.

عرض مقالات: