تدفع الحاجة إلى دخل شهري ثابت الكثير من النساء إلى العمل في القطاع الخاص على رغم التمييز في الأجور وساعات العمل، وما يمكن ان يتعرضن له من تصرفات ابتزازية ومساومات لااخلاقية
تمييز في الاجور
تقول نبراس محمد (32 عاما) التي تعمل في قسم العلاقات العامة في أحد الفنادق الأهلية ان من أبرز التحديات التي تواجهها في القسم “فرض سلوكيات غير لائقة لكسب الزبائن، الأمر الذي يضطر الكثير من النساء العاملات في القسم الى ترك العمل، والبحث عن فرص عمل في ميادين اخرى”.
وتطمح نبراس مثل زميلاتها إلى ترك العمل فورا، ألا أن قلة فرص العمل وحاجتها هي إلى الأجر الشهري فرضتا عليها المواصلة والتحمل، إلى حين إيجاد العمل البديل.
وتذكر لـ”طريق الشعب” أن “تحديات العمل لا تقتصر على ما ذكرت، وإنما هناك ايضا تمييز كبير في أجور العمل بين الرجل والمرأة، إضافة إلى ساعات العمل، خاصة وأن إدارة الفندق تفضل العمل المسائي للنساء”.
ولا تتجلى معاناة النساء في العمل لدى القطاع الخاص على التمييز والابتزاز، وانما تتجاوزهما الى الاستغناء عن العمل تعسفا بعد خدمة عمل طويلة
ليس هناك من يدافع عنها
وتقول مواطنة فضلت عدم ذكر اسمها لـ”طريق الشعب” كانت تعمل في مصرف الخليج الأهلي إن “المصرف أصدر قرار الاستغناء عن عملي بناء على تعليمات البنك المركزي بتقليص أقسام المصرف”. واضافت أنه “بعد خدمة عمل لي في المصرف دامت 9 سنوات، قرر المصرف الاستغناء عن خدماتي وطلبوا مني توقيع استقالتي، على اعتبار أن البنك المركزي وجه بذلك، على الرغم من أن تعليمات البنك المركزي جاءت بتقليص أقسام المصرف وليس تقليص عدد الكوادر العاملة”.
وتذكر المواطنة وهي أم لأيتام وتسكن داراً للإيجار أنها “قدمت شكوى الى محكمة العمل ضد ادارة المصرف، إلا أن القضية أخذت من الوقت عامين ونصف العام، إضافة إلى رسوم مالية كبيرة ولم يتم حسمها”. فاضطرت ازاء ذلك الى تقديم شكوى إلى الاتحاد العالم لنقابات العمال في العراق، وفي هذا الصدد قالت “إن محامي الاتحاد وعد بالوقوف إلى جانبي وكسب القضية، إلا أنه والبقية في الاتحاد أغلقوا هواتفهم بعد ذلك ورفضوا مقابلتي لأسباب لا أعلمها”.
الجهات الحكومية غير مهتمة
ي السياق تقول الناشطة النسوية براء السعدي إن “النساء العاملات في القطاع الخاص هن أكثر مظلومية، ويتعرضن لاستغلال اشد من ناحية الأجور وساعات العمل وطبيعته”.
وتقول لـ”طريق الشعب” أن “الجهات الحكومية غير مهتمة بملف تمكين المرأة على الرغم من أهميته في تعزيز اقتصاد البلد، وأن القيود المجتمعية المتخلفة تفرض هيمنتها على القرارات الحكومية وتقيد تنفيذها”.
وتتابع السعدي حديثها قائلة ان “ فوضى العمل في القطاع الخاص وضعف الرقابة الحكومية لتأمين بيئة عمل لائقة، جعلا الكثير من العوائل تمنع بناتها من العمل تحت تبريرات مختلفة”.
بل ان فوضى العمل في القطاع الخاص كما قالت “مكّن الكثير من أولياء الأمور من اختلاق مبررات لعدم السماح بعمل نسائهم”، موضحة ان الكثير من العوائل “لا تمنح بناتها أية مخصصات مالية تمكنها من شراء ما تريد بحرية، متصورة أن المأكل والمشرب هو كل ما تحتاج اليه باعتبارها ربة منزل”.
ومن الجدير بالاشارة انه خلال الفترة بين عامي 1925 و1999 صادق العراق على سبع اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية تضمن للنساء الحق في العمل، إضافة إلى مصادقته على الاتفاقية الملحقة بلائحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على “إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة”.
ورغم كل هذه القائمة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية الملزمة التي وقع عليها العراق، اضافة إلى قانون العمل، إلا أن دور الدولة ما زال هامشيا جدا في حفظ حق النساء في العمل، وفي تمكينهن من ذلك، فضلا عن حماية العاملات من أشكال التمييز والاستغلال، حسب ما ذكرت الناشطة براءالسعدي.